شعار قسم مدونات

المرأة بمجتمعاتنا.. حقوق وتحامل!

blogs امرأة من غزة

قرأت منذ فترة في فيسبوك، عن شرح المثل المصري "ربي يا خايبة للغايبة"، وهو يعني أن تربي الوالدة ابنها تربية تظن هي أنها مثالية لتأتي الزوجة الغائبة تأخذه جاهزا دون تعب، ولكن هل هذا صحيح؟ ومن هو الطرف السعيد والتعيس في هذه المعادلة؟ في الواقع هذا ليس صحيحا تماما، وفي بعض الحالات تكتشف الغائبة التعيسة أن المحظي لم يتلقى ساعة واحدة من التربية المثالية التي تظن والدته أنها أحاطته بها، بل العكس ربته وكبر على أن يكون مدللا، معتمدا على الآخرين، يظن أن رأيه الخاطئ هو الرأي الصحيح، متحاملا على المرأة.

والتحامل على المرأة ليس في الزواج فقط، وإنما في مجمل الحياة عموما، تتحامل عليها أسرتها ومن ثم المجتمع الذي تعيش فيه، تكبر لتعلم أن هنالك دائما يدا تشير عليها بأنها خاطئة، وأن عليها ألا تفعل هذا ولا ذاك، وإلا تحدث عنها الناس بالسوء، وإن تحرشوا بها فعليها أن تصمت لأن ملابسها هي السبب، وإن طلبت الطلاق من زوجها لعيوب فيه فعليها أن تحتمله فلا شيء يعيب الرجل سوى جيبه وظل رجل خير من ظل حائط، وإن عادت إلى المنزل في ساعة متأخرة، فلا بد أنها تفعل أشياء خاطئة.

علينا توعية وتربية الأجيال القادمة على المساواة بين الذكور والإناث، أن المرأة لها حقوق وواجبات كما أن للرجل حقوق وواجبات

المشكلة تكمن من البداية في التربية، التربية التي تحمل الفتاة من صغرها أثقالا وحمولا كثيرة تبقى على ظهرها حتى الممات، فعليها أن تطبخ وتغسل وتلد وتربي الأطفال وفوق ذلك عليها أن تتحمل جلد المجتمع لها إن تخلت عن ذلك وقررت أن تعمل، وربما لم تتخلى ولكنها تريد أن تعمل وحسب (وإن فعلت ذلك فإن مرتبها سيكون أقل من مرتب الذكر في نفس مستواها الوظيفي)، ستتلقى نقدا لاذعا ومن أقرب الناس لها، وستكون أيضا ملامة في طريقتها لتربية أطفالها وملامة على طريقة حياتها، ليست المعضلة في أن تعمل أو أن تبقى في المنزل ترعى أولادها.

إعلان

 

ولكن المعضلة في الاختيار، لا يترك للمرأة حرية الاختيار، دائما يكون خيارها ليس بيدها، نعم الكثيرون يقولون بأن لا نعير كلام المجتمع اهتماما، ولكن السؤال يكمن في أنه لماذا توضع تلك الصورة النمطية عن المرأة، لماذا المرأة دائما خاطئة في المجتمعات الإسلاموية (إن كانت كذلك حقا) المولعة بالعيب والعادات والتقاليد والدجل؟، ولماذا على المرأة أن تكون مكسورة وضعيفة وخجولة؟ لماذا لا تحصل المرأة على المساواة مع الذكور؟ أو لنقل العدل على الأقل!

وإذا قارنا في نفس الوقت ذكرا وأنثى ولدا في نفس الوقت، فستختلف التربية كثيرا بينهما على الرغم من أنهما في نفس العمر، سيكون الذكر مرتاحا لا يعمل شيء يذكر وتكون له الحظوة الكبرى من حب والديه، أما الأنثى فستلقى عليها الحمول الكثيرة، وستكون ملامة طوال الوقت، بل وهنالك مجتمعات يكون للصبي الصغير الذي لم يبلغ حقوقا أكثر من المرأة البالغة العاقلة التي هي أولى بتلك الحقوق لنفسها.

أعلم أنه من الصعب التخلص من آثار تربية الأجيال السابقة، ولكن علينا توعية وتربية الأجيال القادمة على المساواة بين الذكور والإناث، أن المرأة لها حقوق وواجبات كما أن للرجل حقوق وواجبات، وأنهما متساويان أيضا في الذنب والفضيلة، وأن ذنبها يغتفر كما يغفر المجتمع للرجل كل ذنب، ويظل العار ملاحقا المرأة طوال حياتها، فتوضع أخطاء وذنوب المرأة في المرآة المكبرة، ويتم تجاهل ذنوب وأخطاء الذكر، ويبررون له بأنه إنسان يخطئ، وينسون بأنها إنسانة أيضا.

كل ما على المرأة فعله في هذا الزمن، هو أن تعلم حقوقها وتقاتل من أجل الحصول عليها، ولا تسمح لأحد أن يسلبها إياها
كل ما على المرأة فعله في هذا الزمن، هو أن تعلم حقوقها وتقاتل من أجل الحصول عليها، ولا تسمح لأحد أن يسلبها إياها
 

حصول الذكور عادة على حقوقهم كاملة، وضعهم دائما في مقارنة مع المرأة، والنساء اللواتي يطالبن بحقوقهن وحقوق النساء مثلهن، يتم الاستهزاء بهن من قبل أولئك الذكور، مبررين من أبراجهم العاجية بأن النساء يحصلن على حقوقهن كاملة،  وماذا يردن أكثر من أن يأكلن ويشربن وينمن تحت حماية رجل، ولا يعلمون بأن هنالك الكثير من الإناث حول العالم لا يحصلن حتى على تلك الحقوق ولا يتلقين التعليم ويتم اجبارهن على الزواج وفوق ذلك تنام الواحدة منهن تحت حماية رجل يشبعها ضربا ويجبرها على حقوقه، وهن حتى لا يعلمن مالهن وما عليهن.

إعلان

كل ما على المرأة فعله في هذا الزمن، هو أن تعلم حقوقها وتقاتل من أجل الحصول عليها، ولا تسمح لأحد أن يسلبها إياها، حتى يتغير المجتمع أو يتغير الزمن، ولتعلم دائما بأن لها حرية اختيار حياتها الخاصة، ولا حق لأحد في ذلك. في بلدي هنالك مثل سائر يقول "المرة لو فاس ما بتكسر الراس" ويعني المرأة وإن كانت فأسا حادا وقويا، فإنه لا يمكنها أن تكسر الرأس، أي أنها ضعيفة جدا وهذا به استهانة بالغة بقدرات المرأة العظيمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان