في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، تحديدًا في عام 1206، وبعد عدّة قرون من الصراعات الداخلية بين قبائل المغول.. ظهَر من بينهم قائد إحدى تلك القبائل المُتناحرة يُدعى "تيموجين".. استطاع هذا القائد العظيم بعبقريته الفذَّة السيطرة على جميع قبائل المغول، وتوحيدهم تحت راية واحدة، ليُعتبر هذا الحدث هو بداية امبراطورية "منغوليا".. ليقوم بعدها "تيموجين" بتغيير اسمه ليُصبح "جنكيز خان"، والذي يعني قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم. في عام 1207، يبدأ "جنكيز خان" تجهيز جيشه للذهاب في رحلة أسطورية هدفها الأول هو السيطرة على العالم.. مُعتمدًا في المقام الأول على ثلاثة أشياء.. قوّة وبطش جنوده، ضعف الإمبراطوريات والحكام حول العالم، وعبقريته الفذة.. ليتمكّن تيموجين في وقتٍ قصير من إنشاء امبراطورية تاريخية.
لكن كما أن عبقرية تيموجين كانت مصدر إلهام لكثير من القادة من بعدِه.. إلا أنَّ الطابع الرئيسي الذي عُرِفت به معاركُهُ لم يكُن الخطط التي قامت عليها، بل كانت كثرة الدماء! حيثُ تُقدَّرُ أعداد قتلى حروبهم بما يُقارب 52 مليون شخص! من بين هذِهِ الملايين دُمِّرت حضارات، وانتهت شعوبٌ وقبائل بأكملها.. كانت البلدُ التي لا تستسلم تُبادُ عن آخرها.. مما أدَّى إلى تغيير في خريطة العالم بأكملِه. لكن لم يكُن هذا التغيير الذي أحدثتهُ حروب المغول مُقتصِرًا على الخريطة الجُغرافية فقط.. بل رُبَّما شمِلَ الأمرُ أكثر من مجرد تغيير جُغرافي! كانت مُخلَّفات تلك الحروب تترُكُ الكثير من الآثار السلبية على المُقاتلين، فلم يُذكر في التاريخ أن نجا مُقاتل من عاهةٍ دامت معهُ في حياته، هذا إن لم يُقتل في إحدى معاركه.. لكن لم يكُن الأمرُ بهذه البساطة.
كانت القبائل التي ظلَّت مُحتفظة بنقاء سُلالتها ذات خصائص مميزة، صفات وراثية لم تتواجد في أيّ شعوبٍ غيرها.. وعند إبادة تلك القبائل، كان هذا الأمر يعني انقراض تلك الصِّفات من البشرية |
في أواخر القرن الخامس عشر، وبعد أن استطاع "كولومبوس" اكتشاف الأمريكتين.. بدأت أعداد السكَّان الأصليين للقارة الجديدة بالتناقص بشكل كبير، حتى أن انتهت تقريبًا كلّ سُلالات الشعب الأحمر من القارَّة.. وعلى الرغم من ادّعاء الأوروبيون أن سبب انقراضهم هي تلك الأمراض التي انتقلت إليهم بعد وصول الأوربيون.. إلا أن هذا الادعاء، رغم عدم خلوِّه من الاتهام، ليس إلّا مُحاولة لتخفيف حدَّة الجُرم الذي ارتكبوه في حقّ الشعب الأحمر.. كانت إبادة قبائل الهنود الحُمر تعني أكثر من مُجرد انقراضٍ لشعبٍ بأكمله.. بل يعني انقراض سُلالة نقيَّة من صفات الجنس البشريّ، سُلالة ظلَّت مُحتفظة بنقائِها على طول الزمن، ربَّما كانت تلك القبائل أفضلُ وسيلةٍ لمعرفة بعض أسرار الجسم البشري..
كانت الكثير من هذه القبائل لا تزال مُحتفطة بتقاليدها وحدودها، التي تقضي بأمور صارمة في شأن الزواج.. فاكتفى الكثيرُ منهم بحياتِهِ وقوانينِهِ الخاصة، دون اللجوء إلى الاختلاط مع ثقافةِ أو عرقٍ آخر من البشر.. مُكتفين بصِفاتهم البشرية التي ورثوها عن آبائِهم، والتي سيُورِّثُونها لأبنائِهم. كانت تلك القبائل المُنعزلة تُمثِّلُ الصفات الأنقى بين البشر، حيثُ أنَّ تنوّع الجينات الوراثية بينهم محدود جدًّا، بخلاف أنواع البشر المُنفتحة على ثقافاتٍ أخرى، تجد أن التنوع الوراثي يصلُ إلى أقصاهُ أحيانًا، لذلك تتنوَّع الجينات والصِّفات بينهم، ففي بعض الوقت تجد شخصًا بأعيُنٍ زرقاء وبشرةٍ سمراء، أو ربَّما أنفٌ رومانية على بشرة قمحاوية.. نتيجة الاختلاط والزواج بين الأعراق المُختلفة.
ومن أهمّ الأشياء التي تغيَّرت بسبب اختلاطُ الثقافات، تنوُّع فصائل الدم! حيثُ أنّ الفصائل الأربعة المعروفة يُمكنُها أن تُورَّث وتتغاير، لكن ما زالت الأسباب التي أدَّت إلى وجود تنوُّع في تلك الفصائل مجهولة.. لا أحد يستطيع أن يجزم كيف وُجدت، ولا حتَّى ما الفائدة من وجودها!
ظهرت بعض النظريات التي تُحاول تفسير الأمر.. منها بالطبع نظرية الوراثة لمندل، التي تفترض وجود الفصائل الأربعة “A ،B ،O ،AB” من الفصيلتين “A ،B”.. لكن حتى تلك النظرية لم تُفسِّر سبب وجود الفصائل الأربعة، لم تُبين إلا بعض الفرضيات التي تُفسِّر طريقة تبادل الفصائل الأربعة بين الآباء والأبناء، مما يعني أنها تُفسِّر مصير فصائل الفروع، لكنها بأيّ حال لا تستطيع أن تتعرَّف على فصائل القدماء!! وبالتالي هُناك إمكانية لوجود فصائل أخرى غير تلك الأربعة!
كانت القبائل التي ظلَّت مُحتفظة بنقاء سُلالتها ذات خصائص مميزة، صفات وراثية لم تتواجد في أيّ شعوبٍ غيرها.. وعند إبادة تلك القبائل، كان هذا الأمر يعني انقراض تلك الصِّفات من البشرية، سواءً كانت هذه الصفات تعتمدُ على الشَّكل أو لون البشرة أو لون العينين، لكن ما كان مُرعِبًا أن تنقرض معهم فصيلة دماءهم! ماذا لو كانوا يحملون فصيلة مُختلفة؟! هل هذا ممكن؟
إمكانية وجود فصيلة دمّ أخرى أمر غير مستحيل، لا سيما أن تفسير وجود الفصائل الأربعة غير معروف، وإمكانية انقراضها أيضًا أمر وارد، حيثُ أن انقراض القبائل أمر مُوثَّق تاريخيًّا، وانقراض القبائل يعني انقراض صفاتها الوراثية إلى الأبد! قبل حروب المغول بآلاف السنين، كانت هُناك الكثير من الحروب التي ربَّما لم يعرف عنها التاريخُ شيئًا، ربَّما قضَت تلك المعاركُ على الكثير من الصفات البشرية.. فمثلًا قتْلُ قابيل لأخيه هابيل، كان هابيل يُمثِّلُ جزءً كبيرًا من صفات البشر الأوائل، حيثُ أنَّهُ كان يحملُ رُبع صفات البشر تقريبًا، وبموتهِ مات معهُ صفاته قبل أن يُورِّثها! ومن يدري، ربَّما انقرضت معه فصيلةُ دمٍ مُختلفة؟!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.