شعار قسم مدونات

دور المرأة المسلمة في العهد النبوي

blogs الكعبة

لن يتطرق هذا المقال للمكانة التي منحتها الشريعة الإسلامية للمرأة، فهذا بات معلوما من الدين بالضرورة، ولن يشير إلى دورها في العهود الإسلامية المختلفة، فذلك أمر يطول، ولكنه يقدم نماذج من دور المر. لن يتطرق هذا المقال للمكانة التي منحتها الشريعة الإسلامية للمرأة، فهذا بات معلوما من الدين بالضرورة، ولن يشير إلى دورها في العهود الإسلامية المختلفة، فذلك أمر يطول، ولكنه يقدم نماذج من دور المرأة المسلمة في العهد النبوي؛ ليتبين لنا الدور المهم، الذي لعبته المرأة المسلمة لنصرة الإسلام، وسنفصل هذا الدور من خلال ثلاثة محاور رئيسة، وهي: دورها الدعوي، ودورها في حماية المشروع الإسلامي، ودورها السياسي والعسكري.

أولا: الدور الدعوي 
والحديث عن الدور الدعوي يتضح من خلال ستة عناوين مهمة، أذكر أربعة منها في هذا المقال، وأكمل بإذن الله في المقال التالي، وهي:

 

السبق إلى الإسلام

وهنا سنجد كيف كانت المرأة سابقة للإسلام، فقد روى الطبراني في الكبير، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الاثنين، وصلت خديجة رضي الله عنها يوم الاثنين من آخر النهار، وصلى على يوم الثلاثاء، فمكث علي يصلي مستخفيا سبع سنين وأشهرا قبل أن يصلي أحد. وعليه فإنها حملت مع النبي الكريم أعباء الدعوة المباركة، ولا شك أن البدايات الأولى للعمل الدعوي، شكلت مرحلة حرجة جدا، فانكشاف الدعوة يعني تحييد القيادة عن الجنود، بأي شكل كان، وبالتالي خلخلة الصف، نتيجة انعدام المعلومة، وانقطاع التواصل الفكري والدعوي، وهو ما يعني انتهاء هذه الفكرة في مهدها، سيما وأن أنصارها قلة، ولذلك فإن ازدياد عدد المسلمين، وتواصلهم التربوي مع القيادة، دون أن يلفت ذلك انتباه أحد، يعد نجاحا كبيرا، للمرأة والرجل، الذين لم يتوقفا عن العمل في ظروف خطيرة، والأهم من ذلك، أنهما حافظا على أمنهما الشخصي، وأمن كافة عناصر الدعوة.

 

طلب العلم ونشره
قدمت المرأة النصيحة وعرضت رأيها في الأمور البيتية، التي تصلح شؤون الأسرة، وكانت فعلت أيضا في الأمور المجتمعية، التي تصلح أحوال الأمة، فليس خافيا على أحد

حرص النساء على حضور مجالس العلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثرن أحدا بحظهن من رسول الله، ولو كانوا أزواجهن، ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: "غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين، فقال: واثنين". أما عن دورهن في نشر العلم، فخير مثال له، السيدة عائشة رضي الله عنها، يقول أبو موسى الأشعريي رضي الله عنه، مبينا فضلها في تعليم الصحابة: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما". ولم تكن أم المؤمنين فقيهة فحسب، بل كانت عالمة بالشعر والتاريخ والطب.

 

النصيحة وإبداء الرأي

ومما يدل على هذا، الحديث الطويل الذي جاء في سنن الترمذي بسند صحيح، عندما خرج النبي منن بيته في ساعة لا يخرج فيه؛ وذلك بسبب الجوع، فوجد أبا بكر وعمر، وقد خرجا للسبب ذاته، فذهب بهم إلى بيت أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان كثير النخل والشاء، فلم يكن في البيت حينها، فاستقبلتهم زوجته مرحبة بخير الأضياف وأشرفهم، فلما جاء الزوج أكرم أضيافه، فأراد النبي أن يشكر صنيعه، فأهدى له خادما، وأوصاه به خيرا، فقالت الزوجة الصالحة لزوجها: "ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه"، ففعل، فأثنى النبي على صنيعهما. قدمت المرأة النصيحة وعرضت رأيها في الأمور البيتية، التي تصلح شؤون الأسرة، وكانت فعلت أيضا في الأمور المجتمعية، التي تصلح أحوال الأمة، فليس خافيا على أحد، موقف أم سلمة، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في صلح الحديبية.

 
فكان رأيها رضي الله عنها تخفيفا على المسلمين ورحمة لهم، تخفيفا عليهم من العنت الذي أصابهم؛ بصدهم عن المسجد الحرام، ورحمة لهم من المصيبة الكبرى، المتمثلة في مخالفة أمر النبي، ثم كان كذلك على الأمة كلها، ذلك أن في تلك المشورة والرأي السديد درسا تربويا، يفيد بضرورة مشاورة المرأة، في القضايا الخاصة والعامة، التي تهم الأسرة والمجتمع على حد سواء، ما دامت سليمة القلب، مستقيمة الخلق، مستنيرة العقل، فالشورى منهج ينظم حياة الأمة، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الشورى:38).

 

الدعوة إلى الله

أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، نموذج للمرأة المسلمة، التي تأخذ دورها في الدعوة، فلا تتأخر حين تطلب، ولا تتراجع عندما تدعى، تصنع الطعام لقيادة الدعوة وتوصله بنفسها، رغم شدة الخطر. ثم تراها تتكفل بحماية ظهر الدعوة، والحفاظ على الجبهة الداخلية، فترفض مقالة جدها عن أبيها، بأن أبا بكر فجعهم بماله ونفسه، عندما أخذ ماله كله في الهجرة.وتحافظ على السرية والكتمان، رغم التهديد والتعذيب، فتقول كما جاء عند الذهبي: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ قالت قلت: لا أدري والله أين أبي، قالت: فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي".

أي فتاة هذه؟ التي تصنع الطعام، فتوصله في ظروف أمنية خطيرة، ثم تحسن كتمان الأمر، فلا تحدث به أحدا حتى أقرب المقربين، ولا حتى عند تهديدات الباطل، وفحشه، واعتداءه. ومن خلال هذه الشخصية الفدائية، أستطيع القول: إن من يتم اختيارها لمثل هذه المهمات، ينبغي أن تتمتع بالصفات التالية: قوة الإيمان: وكذلك رأينا صنيع أسماء مع جدها، والجرأة: إيصال الطعام أثناء البحث المكثف عن قيادة الدعوة، والسرية: فلم تنطق بحرف واحد عن مكان النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ولا عن وجهتهما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.