شعار قسم مدونات

انخفاض قيمة الليرة.. مؤامرة أم فشل تركي؟

blogs الليرة التركية

انخفضت قيمة الليرة التركية في مقابل الدولار خلال الأيام القليلة الماضية مسجلة أدنى سعر رسمي لها منذ عشر سنوات، حيث بلغت ما يقارب 4.5 مقابل الدولار الأمريكي، في حين كانت 1.7 في العام 2012. وبدا الحديث عن أزمة قد تصيب الاقتصاد التركي وخصوصا بعد التطورات الإقليمية التي شهدتها أنقرة مثل عملية غصن الزيتون أو على المستوى الدولي التحالف مع روسيا من الناحية وطرد السفير الإسرائيلي من ناحية أخرى بالإضافة على بعد المواقف التي اتخذتها أنقرة مؤخرا.

تركيا على أبواب انتخابات ومستهدفة اقتصاديا وهناك العديد من المضاربات التي تتأتى من الخارج بالإضافة إلى الحرب الإعلامية الاقتصادية على أردوغان وحكومته ظنا منهم أن تكون الورقة الرابحة بالفوز عليه بعد إفلاسهم وتكرار المحاولات للإطاحة به.

لماذا هذا الهبوط الحاد التي تشهده الليرة التركية؟

تركيا العدالة والتنمية خلال 15 سنة تصدرت المرتبة العاشرة في اقتصاد العالم. 2023 عام تتأهب فيه تركيا لتثب وثبتها الحقيقية حيث تنتهي فيه قيود اتفاقية معاهدة لوزان فبعدها سيكون بإمكان تركيا التنقيب عن النفط والتحكم بالمضائق الدولية الأمر الذي سيغير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة هو أمر لا يروق للبعض فمصالح هؤلاء ستصبح على المحك. فما عليهم إلا كيد المصائد والمصائب في وجه تركيا كي لا تتقدم وتصل إلى هدفها. كان الانقلاب الأول القضائي في 2013 الذي فشل أما الانقلاب الثاني فكان انقلاب 15 تموز سنة 2016.

بالإضافة إلى تصريحات أنقرة التي أزعجتهم فوقوف تركيا إلى جانب قطر في الأزمة الخليجية بالإضافة إلى وقوف تركيا حجر عثرة في طريق عجلة صفقت القرن التي تقضي في بيع القدس لدولة الكيان الغاصب وجعلها عاصمتهم. كل هذا دفعهم إلى الانقلاب الثالث الناعم الذي يضرب الليرة التركية. أولا تشهد تركيا كما ذكرنا أعلاه حرب إعلام وخلق بروباغندات لزج الشائعة بين الشعب أولا والمستثمرين ثانيا فهم يصورون للشارع أن تركيا تمر بانهيار اقتصادي حاد أما الحقيقة هي أن الليرة التركية تمر في تذبذب في سعر الصرف أي عدم استقرار حالي وهذا ليس مؤشر على انهيار اقتصادي لأننا إذا أمعنا النظر وراقبنا فإن تذبذب سعر الصرف قد يحدث في أقوى الدول الاقتصادية ومنها اليابان.

 سياسة الحكومة الحالية تريد أن تخفض الفائدة ليكون هنالك استثمارات حقيقية وسيولة بين أيدي المواطنين
 سياسة الحكومة الحالية تريد أن تخفض الفائدة ليكون هنالك استثمارات حقيقية وسيولة بين أيدي المواطنين
 

بالإضافة إلى دفع كمية من المضاربين الذين يريدون شراء الدولار مهما علا سعره وهناك دول إقليمية وعالمية متورطة في ذلك كما شهدنا مؤخرا وصرح بعض المسؤولون الأتراك. من خلال هذا العمل ضد تركيا فإنهم يدفعون البنك المركزي إلى رفع الفائدات في البنوك ولهذا أيضا تأثير أشد ضرر من الليرة على النهضة التركية أو ما يسميه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تركيا 2023.

فإن سياسة الحكومة الحالية تريد أن تخفض الفائدة ليكون هنالك استثمارات حقيقية وسيولة بين أيدي المواطنين. الحكومة لا تريد أن تعمل في السياسة القديمة الفوائد العالية في البنوك التي تضعف الاستثمار والاستفادة فقط من الفوائد وتخفض الاستثمارات. السبب الرئيسي هو تسييس الاقتصاد من خلال استعمال بروبغاندات ضد تركيا لإظهار أن إدارة الاقتصاد ضعيفة في عهد الحكومة الحالية أو ما يسمى التفلت الاقتصادي. أما عن تأثير الفوائد العالية في تركيا الفوائد العالية في البنوك تعني لا داعي للصناعة و الازدهار والتطور والزراعة ولا داعي لرفع الاقتصاد من مشاريع حقيقية وإنما الموضوع كله هو الاستفادة فقط من عائدات الفوائد على البنوك.

ألا يشكل التراجع القياسي لقيمة الليرة التركية تحديا أمام الرئيس للفوز بهذه الانتخابات؟

قال بكر بوزداغ نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية إن "هناك لعبة تجري باستخدام الليرة لكنها لن تغير في نتائج الانتخابات المقررة الشهر المقبل". وفي تصريحات للصحفيين الأربعاء أضاف بوزداغ: "ندرك جيدا وجود إرادة تسعى للتأثير على الناخبين الأتراك عبر رفع سعر الدولار أمام الليرة التركية. نعرف قواعد الاقتصاد، ونؤكد أن اقتصادنا قوي".

حزب العدالة والتنمية تسلم تركيا مفلسة ومستدينة من صندوق النقد الدولي، فنقلها سريعاً ـ سنوات حكمه تعتبر فترة قصيرة في عمر الدول ـ إلى مصاف الدول سريعة النمو، فتضاعف الناتج القومي ومعدل دخل الفرد وتراجع التضخم ونسبة البطالة وسدت تركيا دينها لصندوق النقد الدولي قبل أن تعرض عليه أن تقرضه هي. فهل يستطيع الشعب التركي نسيان مسيرة 17 عاما مكللة بالنجاح بفترة لا تتعدى الشهرين؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.