شعار قسم مدونات

هل بقيت القدس عروسًا للعروبة؟!

blogs القدس

ما من خطاب لرئيس أو زعيم عربي إلا وذِكر القدسِ حاضرًا في خطاباته، بل كان الحديث عن القدس مدخلًا لبوابة المجد عند العديد منهم، يذكر القدس، فتمجده أقلام الكُتاب وتتغنى به وسائل الإعلام في بلاده، فهو الفاتح الجديد، ذو الذكر المجيد والتاريخ العتيد. فالقدس لدى الزعماء عروس العروبة. ولله در الكاتب العربي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا وهو يقول: "مدينة القدس ليست مجرد مكان فحسب، إنها الزمان أيضًا".

هذه القدس؛ عروس عروبة العرب، احتُلت بالكامل إثر نكسة العروبة والقومية العربية والزعماء العرب آنذاك في حزيران عام 1965، يفعل بها الاستيطان الصهيوني الأفاعيل، ولم تدخر (إسرائيل) جهدًا في العمل من أجل أسرلتها أو تهويدها بالكامل، عبر سياسة تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين الأصليين باستخدام وسائل متعددة ومتنوعة، فمن هدم آلاف من منازلهم بذريعة عدم الترخيص إلى وضع الاحتلال عراقيل وشروطًا تجعل أمر استصدار إذن بالبناء ضربًا من المستحيل، إلى سياسة إبعاد القيادات والرموز والمواطنين عنها إبعادًا مؤقتًا أو دائمًا، إضافة إلى سحب الهويات الزرقاء منهم.

في القدس؛ عروس عروبة العرب، هدم الاحتلال حيَّ المغاربة الملاصق للمسجد الأقصى وهجّر سكانه وبدأ في توسيع ساحة حائط البراق الذي أصبح مبكى اليهود وقبلتَهم. ويحاول على مدار الوقت تقسيمها زمانيًا ومكانيًا، ليمنع العرب والمسلمين من المكث فيها طويلًا، وبمرور الزمن يصبح الوصول إلى المدينة المقدسة للتنزه أو التسوق أو سياحة في حواريها العتيقة.

في القدس؛ عروس عروبة العرب، ممارساتٌ صهيونيةٌ يوميةٌ لتزوير التاريخ؛ فتغيير البنية الديمغرافية للسكان وإزالة المعالم التاريخية التي تعطي المدينة العربية هويتها

في القدس؛ عروس عروبة العرب، يحفر الاحتلال تحت مسجدها الأقصى أنفاقًا يسعى من خلالها إلى تقويض المسجد استعدادًا لبناء الهيكل المزعوم؛ حفريات أسفل الجدار الغربي للمدينة، وحفريات جنوب المسجد الأقصى، وما يُسمى حفريات النبي داود على أرض عائلة أبي السعود العربية، وحفريات قلعة القدس.

في القدس؛ عروس عروبة العرب، وفي أغسطس عام 1969م تعرض المسجد الأقصى إلى عملية إحراق على يد صهيوني متطرف، مما سبب أضرارًا بالغة الأهمية بالمسجد الأقصى، والتهمت النار الجناح الجنوبي الشرقي منه، وقضت تمامًا على المنبر المطعّم بالعاج، الذي أقيم في عهد نور الدين، كما أن الأضرار أصابت سقف المسجد.

في القدس؛ عروس عروبة العرب، جدار عنصري يلتف كالأفعى حول المدينة، وسور اسمنتي سميك، حوله شبك حديديٌ والكترونيٌ، في أطوال تصل إلى ثمانية أمتار، عليه معدات إنذار إلكترونية وكاميرات وأضواء كاشفة وغيرها من عناصر البنية التحتية الأمنية، وبعده أقيم شارع رملي وترابي، ثم شارع معبد، وبعدها خندق مماثل للخندق الأول ثم الأسلاك الشائكة. هذا الجدار صادر الأراضي العربية، وعزل المدن والقرى العربية الفلسطينية عن بعضها البعض، ويكرس سياسة الأمر الواقع الصهيونية، وتسبب في مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية لأبناء الشعب (العربي) الفلسطيني.

في القدس؛ عروس عروبة العرب، ممارساتٌ صهيونيةٌ يوميةٌ لتزوير التاريخ؛ فتغيير البنية الديمغرافية للسكان وإزالة المعالم التاريخية التي تعطي المدينة العربية هويتها يهدف إلى جعل مدينة القدس يهودية خالصة بسكانها وتراثها وعمارتها وإدارتها، وتهويد نظام التعليم فيها، حيث طال التهويد كل شيء في مناهجها التعليمية مع إلغاء لكل ما يمت لتاريخها الإسلامي بصلة، وكذا قانون القدس الموحدة، والذي نص على اعتبار مدينة القدس بشطريها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، ومقراً لرئاسة الدولة والحكومة والكنيست والمحكمة العليا. كل هذا تزوير لتاريخ المدينة الإسلامي والعربي على مرأى من العرب ومسمع.

القدس؛ عروس عروبة العرب، يعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنه سينقل سفارة بلاده إليها، في خطوة استفزازية لمشاعر العرب والمسلمين، ولا زال العرب في غفوتهم
القدس؛ عروس عروبة العرب، يعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنه سينقل سفارة بلاده إليها، في خطوة استفزازية لمشاعر العرب والمسلمين، ولا زال العرب في غفوتهم
 

القدس؛ عروس عروبة العرب، تم استثناء قضيتها كغيرها من قضايا حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والمستوطنات اليهودية والحدود والمعابر، من اتفاقية أوسلو الجزئية المرحلية، الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني في واشنطن برعاية أمريكية وعربية جزئية، فأجلت لمفاوضات الحل النهائي التي طالت لغاية الآن بلا حل حقيقي، وبذلك بقيت القدس على هامش المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني، واستفردت قوات الاحتلال بالقدس، وعزلتها سياسيًا عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة).

القدس؛ عروس عروبة العرب، يعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنه سينقل سفارة بلاده إليها، في خطوة استفزازية لمشاعر العرب والمسلمين، ثم يحتفل بنقل السفارة إليها، ولا زال العرب في غفوتهم التي كانوا عليها منذ الخامس من حزيران 1967. بعد كل هذا! هل بقيت القدس عروسًا للعروبة، وقد أدخلوا كلّ زناة الأرض إلى حجرتها..! لا يزالون ينتظرون، وقد فُضّت بكارتها… القدس عروس عروبتكم؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.