شعار قسم مدونات

لا تتوقف عن السير خلف حلمك

blogs أطفال يركضون

لا أدرى كيف سأتحدثُ عن الأحلام في ظل كل هذه الآلام. لم يعد لدينا ما يكفي من الوقت حتى نحلم .لم تعد الأحلام إلا رفاهية نعيشها في عالمنا العربي. الكلُ يطمع في ما لدى الأخرين و لكن للأحلام طمعها الخاص أيضا.

 

أتذكرُ جيدا قول إحدى الشخصيات التي يصورها "الإنمي" وهي تحملُ حلما واحدا منذ أن بلغ عمرها الثامنة.. مشهد ظللتُ أتمسكُ به -شخصيا- وهو يصور لي أحد المبادئ التي تقوم عليها الأفلام ومسلسلات -الكرتون خاصة- والذي ينص على أن لكل منا حلم يجب عليه حمله معه في كل مكان وزمان.. في تراجيدية تجعل القلب منتشي بعد حلقة من "ون بيس" أو أغنية "لا تبكي يا صغيري" حتى.

 
ما جذبني إلى القليل من التفكير كيف ردت شخصية أخرى على من يحملون الأحلام التي تكبرُ معهم.. ردت بسؤاله "هل أنت تعول على نفسك عندما كنت في الثامنة؟" في إشارة واضحة لما نسميه الوعي والإدراك.. الوعي الذي يجعلنا نهزأ "بمنشوراتنا" التي مضى عليها عامان أو ثلاث أو أكثر. وفي طرح تساؤلات عدة كـ "لماذا نتمسك بالأفكار والأحلام إن كانت ستختفي وتتغير؟" و"هل هناك شيء يستحق أن نعمل لأجله دون أن يمضي الوقت وتجدنا نسخر منه؟" و"هل الأحلام شيء غير وهم؟" وغيرها الكثير.

 

الوعي الذي يجعل من صديقي يشتم نفسه في آخر كل لقاء ويندب حظه الذي جعله "مهموما بالواقع وتغييره أو مهتما بالأشياء التي تجعله يفكر كثيرا". متمنيا لو أنه عاش "سطيحا همومه لا تتعدى البنات أو الخروج يوميا لقضاء الوقت دون تفكير" حتى ولو كان ذلك لفترة قصيرة ليس إلا.

 

نحن قوم نسعى إلى الكمال ولا شيء دونه ..تغضبنا فكرة أن نبدأ ما لن يكتمل كما تغضبنا فكرة أن نبدأ ما لن يكتمل على أيدينا. نسعى إلى ما وراء النهايات دوما.. حتى النهايات أصبحت لا تكفينا

أتذكر جيدا أني سمعت جملة "أنتم أبناء التسعينات أكثر الناس تلهفا إلى النتائج.. لا تتحملون المشاريع التي تأخذ زمنا.. ينقصكم الصبر ليس إلا". الجملة التي أتذكرها وأنا على أعتاب التخرج مدركا تماما أني ما بدأت شيئا فأكملته حتى النهاية.. ليس ذلك فحسب بل أني لم أتجاوز الثلاث شهور في شيء واحد. ومؤمنا أني لن أتجاوزها يوما ما.

 

إنني أحد أبناء التسعينات أتصور مستقبلا فيه تغيير وظيفتي الخاصة كتغيير وجبة الإفطار. على الرغم من أن ذلك لا يحدث -بشهادة الكل-.

 

علينا أن نتقاسم الأحلام.. أن يؤمن أحدنا بالأخر وقبل ذلك أن نؤمن بأنفسنا.. ويجب أن ننتبه أن تكون القسمة عادلة.. قسمة بالعدل وليست بالتساوي فلكل منا جهد يختلف عن الأخر لذا لزم أن يكون لكل نصيب من العمل يختلف عن من يقتسمه معه ..نحن فقط لا تستطيع أن نصبح الـ "Superman" -على الاقل في الوقت الحالي-فالسوبر مان وحده من يقوم بكل شيء..

 

لكن الأحلام لا تتشابه دوما.. يجب أن نتفق على مبادئها، غاياتنا منها، والطرق الرئيسية المؤدية إليها. فبعد كل شيء إنها أحلامنا التي سنفنى لأجلها. الأحلام اليتيمة تملأ العالم، تلك التي يحملها صاحبها فقط.. فما على صاحب/تها إلا أن يتزوج بأخر/ى فإن كان الاتفاق فسيكبر الحلم ويترعرع في بيئة مليئة بالحب والعطاء والإيمان.. سيكبر ليصير رجلا يسمع الناس عنه في كل مكان. يقصده من يحتاجه. وعلى المقابل الزواج الخاطئ يكلفنا حلما كاملا. سيكبر ليصير رجلا مشوها عاقا لوالديه ولا يحمل غير الكره والحقد والتعب.. أو سيموت في أحسن الظروف.

 

على المقابل: الأحلام تستطيع أن تكون يتيمة إن كان صاحبها سيعيش للأبد معها أو أن عمرها أصغر -بكثير- من عمر صاحبها.. إنني بكل تأكيد أعني الأحلام التي سيكون لها أثرا في الواقع.. الأحلام التي لن تختفي بسهولة.. سيتذكرها الناس دوما.. إنني أعني المشاريع الكبرى، الشركات الخاصة والديانات السماوية. إنني أؤمن بتلك الأحلام.

   undefined

 

نحن قوم نسعى إلى الكمال ولا شيء دونه.. تغضبنا فكرة أن نبدأ ما لن يكتمل كما تغضبنا فكرة أن نبدأ ما لن يكتمل على أيدينا. نسعى إلى ما وراء النهايات دوما.. حتى النهايات أصبحت لا تكفينا. كل ما علينا أن ننتظر انتصار الخير بداخلنا.. والأعمال الشريرة ستختفي بالكامل.. هذا ما تقوله نهايات الأفلام التي نشاهدها.. يوما ما سيختفي الشر من هذا العالم.. سيختفي الشيطان داخلك وداخل الآخرين.. في مثالية تعزز فكرة الانتظار حتى يتغير العالم لكي نبدأ.. الانتظار حتى يكون الناس أكثر لطافة معنا.. والا تقسو الحياة كثيرا علينا.

 

من البداهة أن: لا أحد يعلم ماذا بعد التهابات السعيدة في الأفلام أو الروايات.. هل صحيح أن الناس عاشوا في سعادة ومات الشر بداخلنا كما يقولون؟ أم أنها كما تحكي "السلاسل الروائية" حين ينتهي شر ما يبدأ آخر.. وعلى الإنسان محاربة كل شر يظهر في كل مرة؟

 
أظن أن علينا أخذ استراحة طويلة عن هذا العالم قبل أن نواصل الحياة فكما قيل في إحدى الإنميات والمسمى "التائهون": "ثوروا أيها التائهون فلا وجود لأمور يفترض أن تكون كذلك في هذا العالم.. استمروا في تدوير العالم أيها التائهون". فبعد كل شيء هناك الكثير من الأحلام التي تنتظرنا عند النهايات وبعدها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.