شعار قسم مدونات

رجال مسيرات العودة.. هلمّوا نُقبل أقدامكم

مدونات - غزة مسيرة العودة
الوطن لا يعود إلا بالطريقة التي كانت من الممكن أن تمنع احتلاله، قبل عِدة أسابيع قُمت بنشر تغريدة كتبت فيها "من نجاح الأبوة في زرع مواطن الرجولة في الأبناء اصطحابهم إلى غزة" وأقول اليوم طالبًا الصفح من أهل فلسطين وغزة تحديدًا "من نجاح الأبوة في زرع مواطن الرجولة في الأبناء اصطحابهم إلى غزة وفلسطين".

 
يقول شيخ المجاهدين وقائدهم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في معركة اليرموك: "هذا يوم من أيام الله.. فأخلصوا لله فيه.. يمنحكم النصر" إذن ما نحتاجه اليوم هو الإخلاص وأظن أنّ تجهيز النفس للإخلاص قد استمر لمدة أسابيع عديدة من مسيرات العودة. سيروا أيها المارون على الحدود على بركة الله، أحضروا لنا البرتقال من بيّارات حيفا، اقتربوا من بحر عكا أخبروا سور الجزّار عن بطولاتكم وتضحياتكم، سيخبركم عن كسر أنف نابليون عليه أخبروه عن كسركم لأنف الاحتلال، ستسمعون صيحات الأحرار في دير ياسين مُرحبين ردّوا عليهم مُكبريّن مُزلزلين التراب تحت أقدام العدو.

 

علّمونا قديمًا أن تقبيل الأقدام ذُل، وأقول حديثًا أن تقبيل أقدام الزاحفين إلى مناطق التماس تاركين كل ما لا يترك واجب وضروري، وإن تمنّعوا هم فمن الأولى تقبيل التراب الذي زحفوا فوقه. قديمًا كانت العرب ترسل الأطفال ليتعلموا الفصاحة والفروسية والرجولة وحديثًا أوجب علينا إرسال أطفالنا إلى غزّة، هناك أطفال وهناك شباب وهناك رجال كُلّها مُسميات لا يهم، بينما في فلسطين هناك رجال وقادة فقط، ولأن المرحلة القادمة لا تحتاج إلا لرجال وقادة، لهذا من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن وأستحلفكم بالله القوي المتين من أراد الرجولة ومعانيها فليرسل ابنه إلى غزة، على الهامش أظن أن أسواق بيع كتب التربية ستشهد كسادًا في الأعوام القادمة حيث أنني لو سألت عن أفضل الكتب والمؤلفين سأجيب: "أتركوا التربية النظريّة واذهبوا إلى غزة لتعلم التربيّة العمليّة".

 

كنت أظن أنَّ الحصار على غزة يؤخر عملية التطور لكن ما يؤخر عملية التطور هو الذل الذي يقبع داخلنا حتمًا. محاولات تشتيت وتفريق البوصلة العربية وكمية الصراع العربي والحروب الأهلية

بعد أي ثورة في أي مكان بالعالم يتم وضع تمثال للشخص أو للأداة التي أحدثت فارق أو كانت نقطة مفصليّة، وأدعوا أهالي فلسطين لِتكريس جهودهم بعد التحرير بعون الله لأن يكون التمثال للكوشوك. المجد للكوشوك مُفجر ثورة العودة الكُبرى، المجد للكوشوك مُبطل المؤامرات على دولة بني كنعان، المجد للكوشوك بطل هذه المرحلة، المجد لِوحدة الكوشوك التي آمنت بالفكرة وأخذت على عاتقها جمع الكوشوك في أيام الأسبوع استعدادًا ليوم الجمعة المنتظر، المجد كُلُّ المجد لراصدي الطقس ودارسي حركة الرياح كُّل أسبوع.

 
كان محقاً تميم البرغوثي حين طلبوا منه قصيدة لثائري الحدود.. فقال: "قولوا لأهل غزة.. هم القصيدة.. فليكتبوا ونحن سنقرأ" وأقول أنا لأهل غزة: "اكتبوا لنا قصيدة ورددوها وعلّمونا غير ما تعلّمنا وأعدونا لغير هذا الذل، لأنَّ هذا زمانكم. قولوا لنا ما قال لنا أجدادكم اصعقونا بوصاياهم، ماذا قالوا لكم عن مفتاح بيتهم؟! ماذا قالوا لكم عن القدس؟! القدس عروس عروبتكم، الآن وأنا أسير إلى شاشة الهاتف المحمول ناظرًا متعجبًا من رجولة أهالي ومن الأخبار والفيديوهات المتداولة عن هذه الرجولة، كنت أظن أنَّ الحصار يؤخر عملية التطور لكن ما يؤخر عملية التطور هو الذل الذي يقبع داخلنا حتمًا. محاولات تشتيت وتفريق البوصلة العربية وكمية الصراع العربي والحروب الأهلية إلا أن فلسطين تبقى أيقونة توحيد الشعب العربي على مر الزمان، لهذا بديهيًّا ما يجلب الاستقرار لنا هو توجيه البنادق إلى العدو الحقيقي.

 

الآن وأنا أغدوا مُنهمكًا في كتابة هذه التدوينة، الشهداء في تزايد يزداد قلمي نحيبًا أُحاول لملمت ضعفي، نزداد ذُلًّا وضعفًا ويزداد أهل فلسطين حُريةً ومجدًا، أغبط من أكمل يومه بجوار ربِه ولحق بركب الأنبياء والشهداء، قد يلومني الكاتب على التأخر في التدوين لكن التدوين في حق أهل غزة يحتاج الكثير من الشجاعة والقوة حتى يستطيع الكاتب أن يجاري شخصية البطل.

 
سبعون عامًا من الخنوع نزداد حُرية كُل عام، يا ترى هل توقفنا اليوم؟ وإذا توقفنا اليوم ماذا سيحدث في الأعوام القادمة؟ أم أن بوصلة المُقاومة ستأخذ طريقًا آخر؟ كما يقال للحرية والتحرير بقية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.