شعار قسم مدونات

لا نقدس الجيش.. لكن هل نعاديه؟

blogs السيسي

خدعوك فقالوا: "الجيش هو الوطن أو رمز للوطن، وأفراده هم حماة الوطن الحصريين، الجيش منزه ومقدس ويسير بقاعدة لا مساس"، لا تمتلك الجيوش في أي بقعة على وجه الأرض قداسة، وليس على رأسها ريشة، الجيش مؤسسة وطنية مثله مثل الهيئة العامة للنقل والأتوبيسات، مثل وزارة الصحة، مثل وزارة التموين، مؤسسة كأي مؤسسة أخرى في الدولة، لها دور محدد (هي حماية الحدود) وعليها تنفيذه، وحتى لو نفذت دورها بإتقان، فليس لها فضل على الدولة، إنما هو واجب وتقاضت عنه أجر، فالجندي مثله مثل الطبيب، مثل المعلم والمهندس والميكانيكي، الكل سواء، وكما يحافظ الجندي على تراب الوطن، يحافظ الطبيب على أرواح أبناء الوطن، التي هي أغلى من التراب، ويربي المعلم العقول التي هي أثمن ما تمتلكه الأوطان، فبها تحفظ التاريخ وتصنع الحاضر وتبني المستقبل.

من يحدثونك عن مخاطر العمل في الجيش، وعن تعريض حياة أفراده للخطر، قل لهم إن رجل المطافئ والمراسل الصحفي وطبيب الأوبئة وسائق النقل الثقيل، حياتهم جميعا معرضة للخطر، الفارق الوحيد بينهم وبين ضباط الجيش والشرطة أن الأخيرين يحصلون على بدل مجزي للغاية عن هذه المخاطر، تجعلهم يدفعون الغالي والنفيس ويستعينون بالرشى والوساطات للالتحاق بتلك المهنتين، بينما بقية المهن لا تحصل على شيء.

وإذا أردنا أن نشير لصاحب الفضل الوحيد في تلك الدولة، فهو الشعب، الشعب الذي ينفق على مجندي الجيش وعلى تسليحهم وتجهيزهم من ضرائب مواطنيه، (واسألوا الجنرالات، لماذا يتم دفع الأموال بالمليارات في صفقات السلاح من ميزانية الدولة؟!)، كما إن هؤلاء المجندين من الأساس هم ابني وابنك وأخي وابن عمك، بمعنى أن الشعب هو من يمد الجيش بمقوماته البشرية والمادية، فلا مكان إذن لخرافات الإعلام، ويجب تحطيم ذلك الصنم الزائف المصنوع.

الجيش أداة حرب، أو سكين، يمكنك استخدامها في تقطيع بطيخة تسعدك أنت وأولادك، ويمكن أن يستخدمها لص في ذبحك مع أولادك، فمعركتك هنا مع اللص وليست مع السكين

لا تتمتع الجيوش بأي وضعية خاصة، سوى في الدول الديكتاتورية والمتخلفة، حين يصبح الجيش أداة الديكتاتور لتثبيت عرشه والدفاع عن نظامه ، به يبسط هيمنته على الشعب ويرهبهم ويقمعهم، وبدونه يسقط لا محالة، الجيش هنا هو حرس اللص الذي استولى على المزرعة ونهب خيراتها، ويجب صنع هالة خاصة حولهم ،ليخافهم أهل المزرعة، فلا يقتربوا منهم، الجيوش في العالم كله، هي خط الدفاع الأول ضد أعداء الدولة وليس النظام، وهناك دول لا تمتلك جيوشا بالأساس.

النقطة الأخرى التي يجدر الإشارة لها، أن معركة الثوار الحقيقية، المطالبين بوطن حر ومناهضي الانقلابات والديكتاتورية، ليست مع هؤلاء الحرس، لكن مع اللص نفسه سارق المزرعة، فإذا استطاعوا إقناع الحراس بأن يتركوا مهمة الدفاع عن اللص، والانضمام لأهل المزرعة، يكون هذا الانتصار الحقيقي، فأي معركة مع حرس مسلح ،يضم ابنائي وابنائك وابناء أعمامنا، هي معركة صفرية، ستتسبب في فناء الجميع، ومن يريد تحويل المعركة مع النظام لمعركة مع الجيش يضر بالوطن ويضر بالثوار.

الجيش أداة حرب، أو سكين، يمكنك استخدامها في تقطيع بطيخة تسعدك أنت وأولادك، ويمكن أن يستخدمها لص في ذبحك مع أولادك، فمعركتك هنا مع اللص وليست مع السكين، وستفوز بها إذ استطعت أنت أن تمتلك السكين، معركتنا في مصر مع عسكر كامب ديفيد، الجنرالات الذين تربوا على حجر الصهاينة، من تخلصوا من سعد الدين الشاذلي ونفوه خارج البلاد، وقتلوا المشير أحمد بدوي و13 من كبار قادة حرب 73، بإسقاط طائرتهم الحربية عام 1981 في منطقة سيوة، وسيطروا على الجيش، ثم حولوه لعصابة مسلحة مهمتها: حماية الكيان الصهيوني، والاستيلاء على خيرات مصر، وقتل وسحل كل معارض للنظام، وفضح الجرائم التي يرتكبها الجيش هي واجب وطني بالأساس، أولا: لأن علاج المرض لا يبدأ إلا عقب تشخيصه، ثانيا: لأنها تتعلق بدماء أريقت وأرواح بشر أزهقت، لهم علينا حق الدفاع عنهم والقصاص من قاتليهم.

معركتنا الحقيقة مع السيسي، يد إسرائيل في المنطقة، ومهمته التي نجح فيها منذ انقلابه في عام 2013 هو تدمير الجيش، وتلويث سمعته وإحداث فجوة وقطيعة وثأر بينه وبين الشعب، فالخلاصة: نحن لا نقدس الجيش ولا نعاديه، معركتنا مع من اختطفوه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.