شعار قسم مدونات

رمضان.. شهر الهروب إلى الجنة!

blogs رمضان

شهر رمضان هو شهر الهروب من الدنيا إلى الله وجنته، وهو بيئة التوبة والعمل الصالح كنموذج ليستمر به المؤمن لباقي العام، وهو شهر الرحمة.. فيه ترق القلوب وتكثر الطاعات ويتحاب المؤمنون ويتذاكر الطائعون، فيه يقوم العباد يناجون ربهم، ويقرؤون القرآن ليعرفوا توجيهات ربهم، من صام نهاره حق الصيام وقام ليله حق القيام غفر له ليس يومه أو شهره فقط إنما عامه كله فذنوبه مغفورة ما بين الرمضانين، كان سيدنا عمر بن الخطاب يستقبل رمضان قائلا "مرحبا بمطهرنا من الذنوب". لذلك كان علينا أن نوقظ النفوس ونحيي القلوب لنغنم بخيرات هذا الشهر الكريم. فكانت هذه الوقفات تخطيطاً واستعداداً لرمضان.

الغاية: رضا الله

خلقنا الله عز وجل لنعبده، وجعلنا في دار الاختبار هذه لينظر أينا أحسن عملا وأقوم مقصدا، ومن رحمته أن جعل لنا مواسم للطاعات نغترف فيها من رحماته ونكفر فيها عن سيئاتنا، فالفائز هو من تعرض إلى نفحاته واستكثر من رحماته حتى ننال رضا رب العزة.

الهدف الاستراتيجي: الجنة

فكما تستعد أنت الآن لرمضان.. تستعد الجنة إليك، وكما تشتاق إلى الجنة تشتاق إليك، وما أدراك ما الجنة؟! هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة ناضجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هي لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها (طينها) المسك، وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، فيها سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة.

 

فهلا شمرت لها! أدعوك الآن أخي القاري أن تجلس في خلوتك وتتخيل أنك في الجنة؟ أي نعيم تريد أن تتنعم به، وأي شخص تريد أن تقابله، تخيل أنك أمام النبي صلى الله عليه وسلم تجلس أمامه وتنظر إليه! أو تتخيل أنك ترى وجه الكريم المنان! فأي نعيم يفوق هذا النعيم وأي جلال نفقده من أيدينا إذا فرطنا في رمضان ولم نفوز فيه بالرحمة والمغفرة.

ليس هناك أحق بالله من الدعاء والطلب، وليس هناك أقرب إليك من الله يسمع نجواك ويجيب دعائك، يعلم سبحانه ما ينفعك فيعجل منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء حباً لك
ليس هناك أحق بالله من الدعاء والطلب، وليس هناك أقرب إليك من الله يسمع نجواك ويجيب دعائك، يعلم سبحانه ما ينفعك فيعجل منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء حباً لك

الهدف المرحلي: التقوى

قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله .التقوى هي الطريق الموصلة إلى الجنة فهي تجمع بين الخوف والرجاء، وهي وقاية المرء من النار، وصلاح القلب ونوره وهي استعادة قيادته لأعضاء الجسد في الطريق الصحيح.

المهارة: إحياء القلب

من الآن اكتشف حياة قلبك، عرض قلبك للطاعات وأنظر أيها يحرك القلب ويبكيه فهذا حياته، أيقظ قلبك من غفلته، طهره ونظفه من أدرانه، جهزه لتلقي آيات القرآن بتأثر، والذكر بتدبر، والصلاة براحة، والدعاء بخشوع.

الوسائل: الطاعات

* الصلاة: هي الحبل الموصول بينك وبين ربك، وفيها تحدث ربك ويحدثك وهي نجاتك من سؤال القبر، وهي الأثقل على المنافقين، الأكثر راحة للمؤمنين "أرحنا بها يا بلال" إن تعلقت بها وبمسجدك كنت من الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة، والصلاة باب من أبواب الجنة.

* القرآن: إذا أردت شفيعاً فالقرآن، وإذا أردت علو منزلة فبالقرآن "اقرأ وارتق ورتل… "، وفي رمضان انزل القرآن.. هداية للضالين، وتثبيتا للمؤمنين، وسعادة للأشقياء، وزيادة للإيمان في القلوب، فتدبر وتفاعل وعش بالقرآن يحيي الله به قلبك.

* الصدقة: وهي أيضا من أبواب الجنة التي تفتح في رمضان، فإذا تصدقت بإخلاص لله فأنت ممن تلج إلى الجنة من باب الصدقة، وإذا أخفيتها عن أعين الناس بلا مَنٍ ولا أذى كنت من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.

* الذكر: يقول ربك في الحديث القدسي "أنا جليس من ذكرني.." فيا لسعادتك أيها الذاكر لربك بمجالسته وبمباهاته بك وبذكره لك، والذكر من صفات المؤمنين، وهو طمأنينة القلب وغراس الجنة.

* الدعاء: ليس هناك أحق بالله من الدعاء والطلب، وليس هناك أقرب إليك من الله يسمع نجواك ويجيب دعائك، يعلم سبحانه ما ينفعك فيعجل منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء حباً لك لتظل على اتصالك به وطلبك منه سبحانه.

ننادي قبل رمضان: اللهم بلغنا رمضان.. وينادى علينا في أول ليلة من رمضان: يا باغي الخير أقبل.. من شغله رمضان انشغلت به ملائكة رمضان.. وكيف لا ننشغل به وهو رحلة القلب إلى الرب، وهو عصمة الذات عن اللذات، وهو رحمة الله إلى العباد. فاللهم بلغنا رمضان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.