شعار قسم مدونات

"عيال زايد".. بدلا من تحرير أراضيهم احتلوا سقطرى

مدونات - جزيرة سقطرى

في أواخر أبريل الماضي، وصل سقطرى وفد حكومي برئاسة رئيس الوزراء أحمد بن دغر، وخلال تواجد الوفد، خرج سكان سقطرى بمظاهرة كبيرة، عبروا خلالها عن تأييدهم للحكومة الشرعية، وهتفوا لليمن الموحد، وهو ما تسبب بردة فعل غير متوقعة من قبل أبوظبي، عند إرسالها لقوة عسكرية وعتاد عسكري للجزيرة، وبسط سيطرتها على ميناء ومطار سقطرى، بعد طرد القوات اليمنية من هاتين المنشآتين، وهو ما يعد إحتلالا عسكريا مباشرا بعد أن كان متواريا خلف ستار المشاريع والمساعدات الإنسانية. ولطالما بقيت محافظة أرخبيل سقطرى بعيدة عن الحرب وتداعياتها، منذ بداية الحرب في اليمن، إلا أن القوة العسكرية الإماراتية، كانت بمثابة خطوة لتحويل الجزيرة إلى ساحة صراع، وهو ما أثار غضب مواطني الجزيرة، الذين خرجوا بمظاهرات كبيرة رافضة للوجود الإماراتي ومطالبة برحيله.

 

التحشيد العسكري الإماراتي في سقطرى لا يمكن توصيفه سوى بالاحتلال، ولا يوجد مبرر لتواجد قوات عسكرية غير يمنية في المنطقة، كونها بعيدة عن مناطق الحرب والصراع نحو 1000 كيلو متر، ولم تشهد تطورات تستدعي تدخل عسكري خارجي، كما أن التواجد حدث خارج إطار السلطة الشرعية، وبالتالي تنعدم مبررات الوجود العسكري للإمارات في سقطرى. استمرار بلطجة عيال زايد في سقطرى، لم يكن جديدا على اليمنيين، لكن ما يميزه هذه المرة، هو استخدام جنود إماراتيين بشكل علني، وليس عبر وكلاء محليين كما يحدث في كل مرة، إضافة لتزامنه مع زيارة وفد الحكومة الشرعية للجزيرة، وما صاحب هذا السلوك العدائي، من تماد عبر وسائل الإعلام الإماراتية وأبواقها في منصات التواصل المختلفة.

 

ستبقى سقطرى يمنية مهما حاول عيال زايد السيطرة عليها، أو العبث بمقدراتها، وستعود سقطرى لوضعها الطبيعي ضمن الجغرافيا اليمنية، وإن استدعى الموقف مواجهة عسكرية لتأديب عيال زايد

التدخل العسكري الإماراتي في الجزيرة، لا يمكن تبريره كما أسلفت، لكن يمكن تفسيره، من خلال ربطه بالاحتلال العسكري الإيراني لثلاث جزر إماراتية، ووفقا لذلك يمكن فهم طريقة تفكير عيال زايد وتبريرهم لهذا التدخل في الجزيرة اليمنية، وطريقة التفكير هذه يمكن إجمالها في نص مضمونه: "سقطرى ليست يمنية، ولن تكون، لكنها حتى الآن ليست إماراتية، ويمكن أن تصبح كذلك، في عام 1971، احتلت إيران ثلاث جزر إماراتية بالقوة، وضمتها لأرضها، وأصبحت هذه الجزر إيرانية بقوة السلاح، وطالما نحن عاجزون عن استرجاع الجزر الثلاث من إيران، يجب علينا على الأقل، الاستفادة من البلطجة الإيرانية ونطبق التجربة الإيرانية لضم جزر غير إماراتية للإمارات، مثلما ضمت إيران جزر غير إيرانية لإيران، ولنبدأ بجزيرة سقطرى اليمنية، خاصة وأن البلاد تعيش حالة حرب، يسهل معها تطبيق مثل هكذا تجربة".

 

إذن هناك إمكانية لأن تصبح سقطرى إمارة ثامنة للإمارات خارج حدودها، وفقا لطريقة التفكير الإماراتية، تقول باحثة إماراتية بشكل أوضح، أنه ليس من حق رئيس الوزراء اليمني زيارة سقطرى، لافتتاح مشاريع فيها، إذ إن الإمارات هي من يمتلك الحق في تنفيذ هذه المشاريع، وكان بإمكان هذه الباحثة أن تكون أكثر وضوحا كمستشار ولي عهد أبوظبي الذي أعلن أن موضوع سقطرى قد حسم، وعزا ذلك لاستيقاظ اليمنيين المتأخر!

   undefined

  

يعتقد عيال زايد، إن تقديمهم للمساعدات الإنسانية وتتفيذ المشاريع التنموية في جزيرة سقطرى، يبيح لهم إحتلال الجزيرة والسيطرة عليها، ومن هنا يمكن فهم مسألة المساعدات والمشاريع الإماراتية؛ كونها لم تكن لهدف إنساني، وإنما قدمتها الإمارات باعتبار سقطرى أرض إماراتية، وليس يمنية، وأمام هذه المقاربة يسقط الهدف الإنساني، وينكشف الهدف الحقيقي لهذه المساعدات، التي ركز عليها الإعلام الإماراتي بشكل بارز، كما لو أنها تقام في إحدى الإمارات السبع.

 

وعلى ذكر المساعدات، فهناك دول خليجية أخرى أسهمت في تقديم المساعدات وإقامة المشاريع التنموية والإنسانية في اليمن منذ بدء الحرب، وقدمت أضعاف ما قدمته حكومة أبوظبي، لكنها آثرت العمل بصمت، بعيد عن الضجيج، طالما وأن الهدف إنساني بحت، كانت الكويت في طليعة هذه الدول، وتركت بصماتها الإنسانية في أكثر من محافظة يمنية، تحدثت أفعالها عنها، ولم تحتاج للطبل كي تضج العالم بمشاريعها، وتجرح مشاعر البسطاء وكرامتهم من خلال تصوير المساعدات المتواضعة التي تقدم لهم بطريقة مثيرة للشفقة والسخرية في آن واحد، كما يفعل إعلام أبوظبي.

 

مسألة المساعدات والمشاريع الإماراتية، كانت حاضرة بقوة خلال أزمة سقطرى، إذ عمدت بعض الإعلام الإماراتي إلى تذكير اليمنيين ومنهم أبناء سقطرى، بالمشاريع والمساعدات الإماراتية التي قدمت خلال السنوات الماضية، لتبرير الوجود العسكري في الجزيرة، كما لجأ الإعلام الإماراتي، إلى إقحام جماعة الإخوان وقطر في هذه المسألة لتمييعها، واصفا اليمنيين الرافضين لبلطجتها في سقطرى، بالعمالة لقطر والتبعية للإخوان، مع أن أصل المسألة واضح جدا، وهو احتلال الإمارات لأرض يمنية، لا تتبع قطر ولا جماعة الإخوان.

  

اليمن والإمارات.. على ضفاف التوتر في جزيرة سقطرى (الجزيرة)
اليمن والإمارات.. على ضفاف التوتر في جزيرة سقطرى (الجزيرة)

 

إنني لا أستغرب من العبث الإماراتي في سقطرى، قدر استغرابي من وجود أبواق يمنية محسوبة على بعض الدكاكين السياسية، تبرر هذا العبث، وتتسق مع التبريرات الإماراتية، نكاية بحزب أو جماعة معينة، أو طلبا للمال والحظوة والتقرب لحكام الإمارات، وهؤلاء أشبه ما يكونوا بالأحذية التي تستبدل باستمرار وفقا لمتطلبات الزمن.

 

ستبقى سقطرى يمنية مهما حاول عيال زايد السيطرة عليها، أو العبث بمقدراتها، وستعود سقطرى لوضعها الطبيعي ضمن الجغرافيا اليمنية، وإن استدعى الموقف مواجهة عسكرية لتأديب عيال زايد، ولنا ولهم في تاريخ الإنسان اليمني ومقاومته للغزاة، عبرة إن كانوا يفقهون شيئا في التاريخ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.