يلتقي النادي الإفريقي التونسي يوم ١٣ مايو ٢٠١٨ النجم الساحلي التونسي بملعب رادس في إطار نهائي كأس تونس. يعتبر لقاء رياضي بالنسبة للبعض وهو أيضا مواجهة بالنسبة للبعض الآخر. بالنسبة لألتراس النادي الإفريقي لن يكون هذا اللقاء عاديا لهم فهم يعتبرونه لقاء المكافحة بينهم وبين وزارة الداخلية والسلطة التونسية التي ستكون ممثلة في رئيس الدولة ووزيرة الرياضة والشباب ورئيس الجامعة التونسية لكرة القدم بعد أحداث عديدة وعديدة جدا توالت بين هاته الأطراف وبين ألتراس الأفريقي طوال أشهر.
أحداث تمثلت في مقتل الشهيد عمر العبيدي غرقا ولحد اللحظة لم يعثر عن القاتل الحقيقي. حرمان جماهير النادي الأفريقي من مؤازرة فريقه في أي حادثة رياضية. حرمان النادي الأفريقي من الترشح آليا لبطولة العرب وحجب الحقيقة بترشيح النادي الصفاقسي مكان الأفريقي بتعلة أنه ثالث الترتيب العام الفارط والحال أن الأفريقي هو الثالث. نعت جماهير الأفريقي بالإرهاب الرياضي بعد مواجهة بينه وبين الأمن الجمهوري في لقاء سابق.
كلنا يتذكر اللافتة الشهيرة التي أخرجها جمهور الأفريقي أمام أعين السلطة التونسية برمتها: تحاصرون قطر وإسرائيل في سلام، هاته اللافتة التي غيرت المشهد الرياضي برمته في تونس وأصبح جمهور الأفريقي التونسي الجمهور الخارج عن السيطرة والجمهور السياسي. المسيرة المليونية التي اجتاحت شارع الحبيب بورقيبة طلبا في حق الشهيد عمر العبيدي. مسيرة سلمية قام بها جماهير النادي الأفريقي ترك العالم بأسره يتحدث عنها وعن رمزيتها كجمهور رياضي يقوم بوقفة احتجاجية سلمية مطالبا بحق شهيد جمعيته الرياضية.
لا أحد ينكر في العالم العربي قيمة وفنية جمهور النادي الأفريقي ولكن لا ينكر أحد في أن لقاء يوم ١٣ مايو تتجنبه وزارة الداخلية والحكومة التونسية التي قامت بكل الاحتياطات اللازمة وجهزت الإطارات البوليسية لهذا اللقاء خوفا من لقاء جماهير قمعت وظلمت من جراء جهاز أمني بالي ودكتاتوري لا يرضى أن يعترف يوما ان أسلوب معاملته مع الألتراس التونسي هو أسلوب قديم وقمعي الى أقص حد.. الاحتياطات التي قامت بها والتي تسعى للقيام بها وزارة الداخلية في هذا اللقاء المرتقب تؤكد على وجود جرح قديم قامت به عناصر أمنية تجاه هذا الجمهور وخائفة كل الخوف من مواجهته نظرا لكون اللقاء منقول تلفزيا بقناة الكأس العربية وقنوات عربية أخرى وهو عبارة مواجهة بين الدكتاتور وشعبه.
هل وزارة الداخلية خائفة من مواجهة جماهير الأفريقي يوم ١٣ مايو؟ أعتقد نعم.. وأؤكد أيضا لأنها تعتبره لقاء المكافحة بين القاتل وعائلة المقتول. لقاء سيكون حادا وسيتخلله حوار الأعين منذ ولوج الجماهير ملعب رادس إلى نهاية المقابلة وسيكون الاحتياط هو العنصر الأساسي في هذا اللقاء.
ما أتمناه شخصيا هو دخلة العادة من فناني المدارج الشمالية كما عودتنا وكما تبنت قضايا دولية وسياسية في هاته المقابلات الكبيرة كدخلة حنظلة ودخلة فلسطين ودخلة البرغوثي ودخلة الرضيع الشهيد السوري. هذا ما أتمناه من جماهير جندت نفسها منذ سنين في خدمة القضايا الدولية عن طريق جمعيتها. أتمنى رسالة موثوقة الوصول عن شهيد الرياضة عمر العبيدي يراها العالم بأسره ويؤكد منها جماهير الأفريقي أن الشهيد حي لم يمت.
مؤكد أن تونس الممثلة في رئيس دولتها ورئيس حكومتها ووزارة رياضتها وجامعة كرة القدم يتمنون الأرض تبلعهم ولا ينزلون ضيوفا بملعب رادس يوم ١٣ مايو لكن للأسف. لن يتجرأ أي منهم على الاعتذار وعدم الحضور وهنا سيستمتعون بسيناريو فني بحت ورسائل سياسية أتمنى أن يقرؤوها ويحللونها في نقاشاتهم واجتماعاتهم السياسية والدولية لأن جماهير الأفريقي سترحب أبهى ترحيب حضاري بمن قمعهم وبمن نعتهم يوما بالإرهاب في حين أنهم فنانون وأساطرة فلسفة وشباب واعي يعرف ما عليه وماله إلا الحكومة وحدها وضعتهم في خانة المجرمين والمخربين..
علني أقولها وأؤكد أن الخوف يسري في قلوب كل أمني وكل مسؤول سيكون حاضرا يوم ١٣ مايو في ضيافة جماهير ألتراس الأفريقي، لذا أنصح كل من ستلج قدماه ملعب رادس أن ينسى المقابلة لدقائق ويمتع عيناه بما ستقدمه جماهير ألتراس النادي الأفريقي من دخلة وشماريخ ورسائل بما إن الضيف هو الدولة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.