شعار قسم مدونات

أشياء افعلها قبل أن تموت

مدونات - رجل

يقول باولو كويلو في روايته "فيرونيكا تقرر أن تموت":

"إنها تعتبر كل يوم جديد معجزة وهو ذلك بالفعل عندما نأخذ بالاعتبار عدد الأشياء غير المتوقعة التي يمكن أن تحدث في كل لحظة من وجودنا الهش"

 

سحر الحياة لا ينتهي، تمطرنا في كل لحظة بالأمل، بالتمني وتغرقنا في عذب أحلامها، نبني أعشاشنا على غصون السعادة الدنيوية ونتلذذ في وهمنا أن العش أبدي وأننا حكّمنا سطوتنا على قدرنا وملكنا الحياة فكأنها حيّزت لنا باتساعها وامتداد جمالها، ثم يفزعنا الموت بوفاة قريب أو عزيز فكأن أحدهم صفعنا صفعة ً أيقظت حواسّنا ونبّهت فينا شعور الدمى الذي عايشناه لاهين في ترف الحياة وسعادتها فنعود لنفتح أعيننا لنرى الموت وهو الحق القادم إلينا جميعا بلا محالة ولكن يختلف التوقيت ولكنك لست منه تحيد، لا حياةً جميلةً تلهيك ولا مالاً جمعته عنه يحميك ولا منصباُ تقلّدته يحرسك ولا عمراُ صغيرا قد يشفع لك وإنما هو قدرك الأخير حينما استنفذت أقدراك كلها في الحياة وهو رحلتك الأخيرة حيث نفذ وقود باخرتك وسكن موج بحرك فإلى القبر مستقر جسدك وإلى الخالق أمر روحك.

 

أن تموت ليس قرارك ولكن أن تعيش هو أمرك وهنا يسطع فنّك، كيف عايشت الحياة وبأي سفنٌ ركبت، كم من التفاصيل الجميلة تنفست وكيف رتّبت حياتك على النحو الذي يجعل النهاية جميلةُ وديعة كما كانت البداية ويجعل لحظة الختام لفصل حياتك مقبولا بالنسبة لك فعندما تنظر للخلف نظرة الوداع الأخيرة تعلم أن روحك عايشت بعض الجمال وتنَفَست بعض السعادة.

قدّر العلماء عدد سكان الأرض منذ خلق آدم الى اليوم بما يزيد عن 85 مليار إنسان!! هل فكرت للحظة ان مقابل كل إنسان حي موجود الآن هنالك تقريباً عشرة أموات أو عشرة أرواح على الأرض.. وأنك أنت ستصبح رقماً يضاف إلى هؤلاء ولكن في أعماق جسدك الذي سيدفن لاحقاً روحٌ تستحق أن تحيا في كرنفال الحياة.

أطلق لنفسك عنان الحياة ما دمت حياً، فكّر بقائمة الأشياء الجميلة التي يمكنك أن تفعلها ولم تقم بها بعد، فكّر كم مؤلماً أن ترحل دون أن ترتب لنفسك قائمةً فيها بعضٌ من ألوان الحياة وجنونها؛ فيها تفاصيل صغيرة كانت ستملأ حياتك سحراً وتجعل الموت حدثاً له قيمة كما جعلت أنت لحياتك قيمةً وحبست مارد الخوف بعيداُ عنك.

 

هنا تسع أشياء سأذكرها لا بد أن تخوض غمارها في حياتك وتجربها لأنها تبعث في الحياة سروراً وثقة وتجمّل حقل العمر قبل أن تذبل زهرة الحياة:
أولاً: كن قوياً واثقاً مهما حصل، فالله يدبر الأمور كيف يشاء، ستخسر كثيراً إن ضَعُفت.. تجمّل بالصبر والشجاعة وثق لن يخذلك الله .
ثانياً: لا تعص الله أبداً وتب إليه كل دقيقة واستغفره كي تنال العفو والرضى وتذكر أن "الموت أكثر الحوادث صدقاً .. ولهذا فهو أكثر الحوادث رعباً " فكن مستعداُ لأن تعبر الطريق الى الآخرة بسلام .
ثالثاُ: كن مبتسماُ على الدوام؛ ازرع ابتساماتك في وجوه كل من تقابل ستملأ قلوبهم فرحاُ وتمتلئ أنت حباُ.

  undefined

 

رابعاُ: اقرأ كل يوم ولو القليل واجعل القراءة عادة.. ستختلف حياتك وسيشرق عقلك وستشعر أنك عشت أطول مما تظن وأنك كنت موجوداُ قبل أن تولد حتى.
خامساُ: سافر مهما استطعت لذلك سبيلاُ؛ السفر ينقي الروح ويطلع النفس على بدائع صنع الله ويحسّن الطباع ويصقل البدن ويذهب هم النفس إذا ما اختلطت بالآخرين واطّلعت على تجاربهم وحياتهم فرضيت بالقضاء وتجملت بالحمد والتسبيح في ما كان من صنع الله.

سادساُ: اقض ليلةُ كاملةُ تحت النجوم، تأمل فيها ملكوت الله، فكّر كم جميلٌ هذا الكون الفسيح وكم عظيمٌ خالقه؛ ابق حتى تشرق الشمس وتذكر أن الليل الحالك قد وهبك شمساُ مضيّة…ربما هي إشارة كي تعرف أن ظلمة مخاوفك وقلقك من الحياة لا داعٍ لها، كما يقلّب ربك الليل والنهار سيبدّل أحوالك.. كن مشرقاً في تفاؤلك كالشمس.

سابعاُ: غادر منطقة الراحة: وهي نظرية تحفيزية لشحذ همم العطاء والتعلم؛ كن جدياً في حياتك وصارماً في وقتك، تذكر أن الراحة لن توصلك إلى أي مكان لأنها قارب مثقوب، كي تنجح وتكون خالداً بحقّ عليك أن تعمل وتُكره نفسك على العمل والانهماك في التطوير وبناء أساس قوي لحياتك ولإنجازاتك كي تجعل من الموت القادم أمامك فصل الختام لكتاب حياتك الزاخر بالعطاء والمعرفة.. اتعب اليوم لتتنعم غداُ.

ثامناً: احفظ لسانك عن أذى الناس في حضورهم وفي غيابهم، إن جرحتهم ستسكنك أرواحهم الباكية ولن تتحمل الألم، وأنت أيضاً يمكنهم ان يجرحوك فلا تخاطر كي لا تصفعك قبضة العين بالعين.

تاسعاً: أكثر من شكر من أحسن إليك وسارع بالاعتذار لمن أسأت إليه.. اجعل صحيفتك بيضاء مع الناس، أسرع إلى النقاء، كن شفافاً حاضراً مع من حولك؛ شاركهم أفراحهم وضمّد جراحهم من رتق الأحزان كي تكون دافئاً بروحك يوم يلمس جسدك صقيع الموت.

 

يقول د. أحمد خالد توفيق:

" لا أخاف الموت.. أخاف أن أموت قبل أن أحيا"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.