ومن يصدق أن دولة عظمى كالولايات المتحدة يقودها رئيس لا يعترف بمنطق الدبلوماسية بقدر اعترافه بمنطق التهديد والوعيد في السياسة الدولية، فترمب الذي استهل أول خطاب رئاسي بترويج التهديدات كاجتثاث "الإرهاب" الإسلامي من جذوره إلى التصعيد في الملفات الدولية الشائكة مثل الخلاف مع كوريا الشمالية والملف النووي الإيراني هو ذاته من يصر على بث المزيد من التصريحات الارتجالية السياسية والقرارات السطحية بلا هوادة ولا منهج.
من يسمع اسم بولتون لا شك يتذكر ارتباط هذا الاسم بتواريخ الحروب ووقوفه المفرط إلى جانب إسرائيل في عدوانها على العرب حرب لبنان مثلا |
والأدهى من ذلك أن التهديد المتواصل هذه الأيام بالانسحاب الأحادي للزعيمة القطبية أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني صار علكة الرئيس اليومية خاصة إذا اجتمع أحد قادة الاتحاد الأوروبي. سبق ذلك تعيينه شخصيات تعد شرسة سياسيا ارتبطت أسماؤها بالعدوانية بدل أخرى عرفت باتزانها ودبلوماسيتها.. فأي خارطة ينتهجها رئيس كترمب في سياسته تجاه طهران بالأساس؟
قد يكون البحث في جواب دقيق لهذا السؤال عصيا بعض الشيء، لكن إذا وضعنا كل المعطيات المذكورة أعلاه في وعاء واحد للتحليل والافتراض سنقف عند هاتين الفرضيتين:
الأولى: إما أن الرئيس ترمب بدأ في الأيام الأخيرة يخطط فعليا لبعض الأفعال التي قد ترمي بمنطق الحوار عرض الحائط وتجعل الدبلوماسية الأمريكية على المحك.
والثانية: وهي أن الرئيس الأمريكي على قدر محترم من الخبث السياسي غالبا إذا كانت غايته من كل تصريحاته أن يسير بمنطق المهم أن تهدد وليس المهم أن تنفذ.
وهنا تعويله على شخصية قد تصفق لمجازافاته كما وصف محللون كمستشار الأمن القومي جون بولتون. فمن يسمع اسم بولتون لا شك يتذكر ارتباط هذا الاسم بتواريخ الحروب ووقوفه المفرط إلى جانب إسرائيل في عدوانها على العرب حرب لبنان مثلا، وتمرغ صورته في ظل استخدام نظريات العدوان والاتسام بوسم التحريض على استعمال القوة في غالب الأحيان.
إنه الحل والبديل الأنسب في ظل انسجامه وتطلعات الرئيس العدوانية.. وربما من خلال تعيينه أراد ترمب ترجيح كفة التصعيد والقوة على الدبلوماسية والتعقل في التعامل مع إيران.. لكن يبقى السؤال هل أن بولتون هو حل ترمب أمام ازدياد نفوذ إيران تعنت الرئيس الكوري الشمالي؟ أم أنه فقط عصا يلوح بها ترمب مهددا بعيدا عن أي تنفيذ فعلي؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.