شعار قسم مدونات

مسيرة العودة بين سلفية الإرجاء والإعلام الصهيوني

مدونات - غزة

أفيخاي أدرعي ومُرجِئةُ العصر وجهان لعُملة واحدة بخِسة الثمن لا تَشترى ولا تبيعُ سوى ضمائر المُرجِفين والعُملاء والمُثبِطين. سلام على العلماء وأصحاب اللحى عندما يتوافقُ قولهم كلام الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي. لكن الفرق بين الإثنين أن أفيخاي يستشهد بأقوال علماء المسلمين والقرآن الكريم وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل دولته وفي سبيل قضيته الفاسدة. أما "سلفية الإرجاء" فهم يفسدون على الناس دينهم مستخدمين ما تشابه من القرآن والسنة ويفسرونها لبث الخَبل بين المسلمين وتثبيط عَزائِمهم وضياع أرضهم وعدم الاعتبار لدماء شُهدائهم. هنيئاً لقتلة الأنبياء بكم.

 

فماذا نتوقع من تلاقح أفكارٍ فاسدة سوى جيلٍ يبيع قضيته بين أدعياء الدين من جهة ومن مغتصب للأرض من جهة أخرى. وأي ماءٍ يغسل فتاوى تنطلق من أفواه مشايخ الإرجاء وبنادق جنود الاحتلال الإسرائيلي على أبناء شعبنا المحاصر في غزة. أذكر تماماً كيف أفتى أمامي أحد مشايخ السلفية بجواز الدعاء "لشارون بالهداية" في موقف هو الأولى أن يدعو بأن يحمي الله المسلمين من المجرم شارون المسؤول عن دمار لبنان عام 1982 والذي تشهد المجازر على وحشيته في صبرا وشاتيلا. وهو تماماً كمن يدعو الآن "لبشار" بالهداية بعد أن تلطخت يداه بدماء أهلنا في سوريا، وجعلها مطية مليشيات إيران وأرضاً خصبة للغزاة من الروس.

 

وفي كل حركة مقاومة وفي كل بصيص أمل نحو تحرر الشعوب المقهور وانتفاضتها على المحتل تطل علينا أبواق الشيطان بأصواتهم النشاز باسم الدين لتمزج السم مع العدو المحتل وتبثه بين المسلمين بغية تثبيطهم وزرع الخوف والجبن في قلوبهم. ولكن هيهات أن يهتز بهذه الأصوات من وقع الظلم عليه وعايشه وتألم منه، فالمثل يقول: "الذي يده في الماء ليس كمن يده في النار". هل يستوي الذي يعيش يومه شبعاً كمن يعيش الجوع كل يوم، هل يستوي الذي يتنقل من مستشفى لآخر بغية إجراء فحوصات احترازية كمن يعيش في المرض لا يجد دواء يشربه أو طبيباً يعالجه، هل يستوي من عاش في الحصار مذ طفولته كمن يغدو ويروح من مدينة إلى أخرى ودولة إلى أخرى بغرض السياحة.

 

بعد كل ما يفعله الاحتلال يأتي
بعد كل ما يفعله الاحتلال يأتي "أفيخاي" ينطق عن مشايخ السوء ويدَّعي أنها مسيرة فوضى!
 

لم يترك الاحتلال الإسرائيلي ولا حقوق الإنسان ولا الأمم المتحدة خياراً لدى أهل غزة سوى أن يسير شبابهم نحو السياج الذي يحاصرهم لسنوات حتى يخترقوا حاجزاً منع عن الشباب طريقهم وسد عنهم مستقبلهم. هذا السياج الحدودي الذي قسم الأرض وأبعد الأحباب عن بعضهم ومنع المريض من العلاج فحشرهم في قطاع متهالك بلا ماء عذب ولا كهرباء ولا حياة كريمة لأطفالهم ولا وظائف لشبابهم.

 

ينطلق أهل غزة بصدورهم العارية وأصوات حناجرهم لينطقوا بكلمة الحق أمام عدوهم الظالم ويرشقوهم بالحجارة تعبيراً عن مقتهم ورفضهم الخنوع تحت الظلم. أي إيمانٍ يحملونه هؤلاء الشباب في قلوبهم وهم يخرجون ويعلمون أنهم بفعلهم هذا هم يجاهدون عدوهم ولا يستسلمون له وربما يفقدون حياتهم في سبيل ذلك. قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجلٌ: أي الجهاد أفضل؟ فأجاب: "كلمة حق عند سلطان جائر". رواه النسائي. إن كانت كلمة الحق التي تقال أمام السلطان الجائر جهاد فكيف بمن ينتفض على عدوٍ غاصبٍ يمزق البلاد ويستعبد العباد؟!

 

وبعد كل ذلك يأتي "أفيخاي" ينطق عن مشايخ السوء ويدَّعي أنها مسيرة فوضى. ألا يعتبر تهجير أهل فلسطين ونشر المستوطنات المتناثرة على جبال الضفة فوضى لا أخلاقية بكل المواصفات. إن ما يقوم به العدو الإسرائيلي الغاشم يتعدى سرقة الأرض إلى سرقة حق الشعوب في معرفة الحقيقة. العدو الإسرائيلي يسرق حياة الشباب التي تضيع بلا عمل أو وظيفة يبنون بها مستقبلهم، ويسرقون حق الأطفال من رؤية آبائهم المأسورون، أو سرقة حق الأم التي انتظرت ولدها حتى يكبر لترى أحفادها يكبرون أمامها.

 

لكن وبلى شكَ ستبقى أقلامنا كالرصاص تسطر الحقيقة وتكشف الزيغ عن علماء السوء والعملاء وغيرهم ممن باعوا دينهم في سبيل نصرتِ غيرهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.