شعار قسم مدونات

تحطم الطائرة العسكرية.. قد ننسى لكننا لن نسامحكم

مدونات - سقوط الطائرة الجزائرية

نطوي ككل عادة صفحة من صفحات حوادث تحطم الطائرات العسكرية في البلد، نفقد فيها ثلة من خيرة شباب بلدنا وتُكسر معها قلوب عائلاتهم وأحبابهم، تكررت الحوادث الى أن أصبحت عادية في البلد، بلد بحجم الجزائر لا يقبل عاقل أن يذهب أبناؤه ضحية للخردة الروسية، في وقت تعد الطائرة من أأمن وسائل النقل في العالم الاّ في الجزائر التي تعد فيها هذه الوسيلة شبحاً وكابوساً لدى الجزائريين. ودعنا 257 شهيدا في حادث تحطم الطائرة العسكرية ببوفاريك، وقبل ذلك وفي 22 مايو/أيار 2017: تحطمت مروحية عسكرية تابعة للقوات البحرية لاصطدامها بعمود كهربائي في ولاية تيبازة، وأستشهد فيها ثلاثة ضباط.

 

وفي27 مارس/آذار 2016: تحطمت مروحية عسكرية "مي-171″ ناقلة للجنود بولاية أدرار جنوبي الجزائر، وأستشهد فيها 12 عسكريا وأصيب آخران. وفي 20 أبريل/نيسان 2015: تحطمت مروحية عسكرية تابعة للقوات الجوية الجزائرية في ولاية إليزي على الحدود مع ليبيا، وأستشهد اثنان من طاقمها. وفي 11 فبراير/شباط 2014 تحطمت طائرة عسكرية من نوع "هيركول سي-130" في أم البواقي شرقي البلاد، وأستشهد 102 من ركابها ونجا شخص واحد.

 
سجل البلد في حوادث تحطم الطائرات مقارنة بدول أخرى سجل ضخم ولا يقبله عاقل، تكرر هذه الحوادث أضحى أمرا عاديا لدى صناع القرار في البلد والمتعارف عليه أنّ لجان التحقيق في هكذا حوادث ومن هي على شاكلتها ينتهي عملها كلجان تهنئة وقد عايشنا ذلك في كذا من مناسبة وفي أفضل الحالات تلصق التهمة في الشرارات الكهربائية أو سوء الأحوال الجوية وكأن سوء الأحوال الجوية مسلط فقط علينا و رب عذر أقبح من ذنب!!

 

كنا ننتظر من اتحادية كرة القدم التي يشرف عليها خير الدين زطشي تأجيل مباريات بطولة كأس الجمهورية بحكم أننا في حالة حداد "على ضحايا الطائرة" إلاّ أننا تعودنا على الرداءة من صناع القرار بالبلد

ردود فعل صناع القرار في البلد على هذه الحوادث كان هو الآخر فاجعة وطامة كبرى لم نكن ننتظر تكرارها مرة أخرى في الحادث الأخير لتحطم الطائرة العسكرية، فبينما القنوات التلفزيونية العربية والعالمية تتناقل تفاصيل الحادث عبر تخصيص مساحات اخبارية له كانت مؤسسة التلفزيون الجزائري تغرد خارج السرب وأبانت عن افلاس أخلاقي لم يكن ينتظره الجزائريون كيف لا ونحن نتحدث عن فقدان 257 بطلاً من خيرة أبناء بلدنا فراح يبث أشرطة وثائقية عن طائر اللقلاق ومسلسلات تركية فبمفهوم القائمين على مؤسسة التلفزيون الجزائري فان حال البلد هو كالتالي: السماء زرقاء والعصافير تزقزق !! وكأن شيئا لم يحدث في البلد!

إعلان الحداد الوطني هو الآخر أبان عن إفلاس أخلاقي لصناع القرار بالبلد فتم إقرار 3 أيام فقط كحداد على شهداء الواجب الوطني بينما لم ننس أن تم اقرار ثمانية أيام حداد على إثر وفاة فيدال كاسترو، الراحلة وردة الجزائرية فهل فيدال كاسترو وطني أكثر من شهداء الواجب الوطني حتى يخصص له أسبوع حداد كامل رغم أنه ليس بجزائري! بينما نحن ودعنا 257 بطلا من خيرة أبناء بلدنا! تأكدوا أننا قد ننسى لكننا لن نسامحكم على ما اقترفتموه في حق البلد!

ويستمر الهرج فالمتعارف عليه أن إعلان الحداد الوطني يستلزم بث آيات بينات من الذكر الحكيم في قنوات مؤسسة التلفزيون الجزائري لكن المؤسسة فعلت العكس وبثت برامجها الغنائية منها والدرامية!! وفوق كل هذا بثت برنامج ألحان وشباب بعد 3 أيام من الفاجعة وهو برنامج غنائي لاكتشاف المواهب الغنائية والأدهى والأمر أنّ القائمين على البرنامج خصصوا الحلقة تضامنا مع شهداء الواجب الوطني وذلك من خلال الرقص والغناء والشطيح!

 
قد ننسى لكننا لن نسامحكم

 
في الجهة المقابلة كنا ننتظر من اتحادية كرة القدم التي يشرف عليها خير الدين زطشي تأجيل مباريات بطولة كأس الجمهورية بحكم أننا في حالة حداد إلاّ أننا تعودنا على الرداءة من صناع القرار بالبلد فأقيمت المباريات في موعدها وأعقبتها أعمال شغب وعنف وصل صداها الى وسائل الاعلام العربية والدولية منها، أيعقل أننا في حالة حداد وطني على شهداء الواجب الوطني ومن جهة نجري مباريات كرة جلد المنفوخ ومن جهة اخرى نشاهد أعمال شغب أساءت لصورة البلد خارجيا فمن يتحمل مسؤولية ذلك يا ترى؟
    
وكيف لوزير الشؤون الدينية والأوقاف أن يصرح أن وزارته ستخصص أئمة في الملاعب بغية الحد من ظاهرة العنف في الملاعب؟ هل هو وزير للرياضة أم وزير للشؤون الدينية والأوقاف؟ هل مشكل العنف في ملاعبنا مشكل ديني بحت؟ هل تم جلب أئمة الى ملاعب أوربا حتى أصبحت جماهيرهم على ماهي عليه الآن؟ اكتف بقطاعك أحسن لك ولنا يا معاليك فأنت تغرد خارج السرب وكفانا من البهرجة التي تسيء لصورة البلد خارجيا بهكذا تصريحات لا تصدر سوى من مراهق سياسي!

  
   undefined

 

نواصل في سرد ردات الفعل التي أعقبت الحادث الأليم لتحطم الطائرة العسكرية ودائما نبقى مع خرجات وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد محمد عيسى، فقبل أيام من تدشين مسجد كاتشاوة بالغايطة والقرقابو في سلوك لا ينم بصلة لديننا،،،كان مبرمجاً قبل وقوع الحادث الأليم تخصيص طعام الكسكسي كصدقة احتفالا بتدشين المسجد وعند وقوع الفاجعة خرج علينا وزير الشؤون الدينية والأوقاف بخرجة غريبة لم يكن يتوقعها أحد حيث خرج علينا بتصريح مفاده أنّ الصدقة والطعام الكسكسي الذي كان مبرمجا يوم الجمعة احتفالا بتدشين المسجد الأعظم ستخصص كصدقة لشهداء الواجب الوطني !! ونعم القرار!! وزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي يبين في كل خرجة أنه ليس أهلا لمنصبه، فمنذ استوزاره وهو يخرج علينا بخرجات تطرح عديد أسئلة الاستفهام حول أحقية الرجل بمنصبه!
 
حادث تحطم الطائرة العسكرية أبان هو الآخر زيف بعض القنوات التلفزيونية الخاصة بالبلد التي راحت تستغل الحادث بغية زيادة نسب المشاهدة لديها بأي طريقة ومهما كلف الأمر ذلك فوقعت في مطبات لا يمكن السكوت عنها فأدرج بعضها صورا لأشخاص على أنهم من بين شهداء الواجب الوطني في نشرات الأخبار بينما الحقيقة أنهم أحياء يرزقون وتخيل عزيزي القارئ وأنت تشاهد شخصا تعرفه في نشرات الأخبار على أنه من ضمن شهداء الواجب الوطني الذين كانوا في حادث تحطم الطائرة العسكرية!! وتخيل صدمة الخبر على عائلاتهم في حين أنهم أحياء يرزقون !!
 
هذه الانحرافات الخطيرة الواقعة في مجال السمعي البصري في البلد حدثت وصدرت من قنوات تلفزيونية خاصة صدعت رؤوسنا بشعارات الاحترافية وحكايات اول قناة اخبارية في المجموعة الشمسية ومجرة درب التبانة رغم أن الاحترافية في جهة وهم في جهة اخرى حدث هذا وسط غياب تام لسلطة الضبط والسمعي البصري التي من المفروض تراقب عمل القنوات التلفزيونية الخاصة لكن لا حياة لمن تنادي! فهذا الجهاز يعمل حصريا فقط في حال ما تجرأ أحدهم وانتقد منظومة الحكم وضحايا التسرب المدرسي ولا تتردد أبدا في توجيه انذارات ومضايقات لكل من تسول له نفسه وهنا أقصد القنوات التلفزيونية الخاصة انتقاد صناع القرار في البلد.

 

حادث تحطم الطائرة العسكرية أبان هو الآخر عن "وقاحة" إعلام الجار الشقيق "المملكة المغربية" فعالجوا الحادث بعيدا عن الأخلاق الإنسانية التي من المفروض أن تكون حاضرة وبقوة في هكذا حوادث لأننا هنا نتحدث عن استشهاد 257 فرداً لكن بعض القنوات التلفزيونية الخاصة لإعلام الجار الشقيق تناولوا الحادث بمنظور سياسي بحت لا لشيء سوى لأن الطائرة كان على ضمنها 60 شهيدا من الصحراء الغربية! فاستغلت تلك الأبواق الاعلامية الحادثة وراحت تستغلها لمآرب سياسية بحتة في وقاحة وقلة أدب لم يسق لها مثيل بل العجيب في الأمر أن بعض المراهقين من النخب للجار الشقيق راح ينفث سمومه عبر منصات اعلامية مغربية بل فيه من تشفى لما حدث لبلدنا! هذا السلوك الفردي والانعزالي حاشا أن يمثل صوت الشعب المغربي الشقيق الذي أبان عن تضامن ومساندة ودعم للجزائريين في فاجعتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي مكسرا بذلك المقاصد الخبيثة التي راح البعض يحاول من خلالها تأجيج الفتنة بين البلدين الشقيقين.
 
سيطول بنا سرد الجوانب التي أعقبت سقوط الطائرة العسكرية وقد نستغرق شهورا في عد وذكر الأسباب التي أدت وأوصلت البلد إلى ما هو عليه سواءٌ في مجال الطيران، الاقتصاد، التعليم، لكننا نقول للمسؤولين وضحايا التسرب المدرسي الذين وقفوا دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الواجب الوطني أنه كان حريا بهم أن يقفوا دقيقة خجل نظير ما اقترفوه في حق البلد والعباد قد ننسى لكننا لن نسامحكم.. للرداءة أهلها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.