شعار قسم مدونات

محبة الله لنا..

blogs دعاء

إن مما يتمناه كل مؤمن في هذه الدنيا التيقن من حب الله عز وجل، فتجده في كل مواقف حياته يتلمس هذا الحب ويبحث عنه، أكاد اجزم أن معظمنا يسأل نفسه وربما يصرح بهذا السؤال لمن حوله:
– هل يحبني الله؟
– أشعر أن الله لا يحبني.

 

هذا السؤال جزء من علاقة العبد مع ربه، أن يساوره الفضول لكي يعرف ما إذا كان خالقه يحبه ويرضى عنه أم لا.. فتجده في كل مواقف حياته يتلمس هذا الحب ويبحث عنه، فإذا وقع في أمرٍ ما تدبّره وحاول الوقوف على خفاياه باحثاً دون ملل عن أثر حب الله له، أرى أن طرح هذا السؤال صحي حتى يقودنا إلى الكشف عن الإجابة بطريقة تناسب جلاله وقدره.. فاكتشاف حب الله لنا يحتاج إلى عين واسعة وقلب فطن وعقل منفتح حتى نستطيع أن نراه ونلمسه ونحسه.. حتى نستطيع أن ننام تلك النومة الهانئة رغم كل شيء سيء جرى في يومنا لكننا أنهيناه بتذكر أن الله يحبنا ونحبه..

 

حين نعي أن محبة الله لا تتجلى في تيسير الأمور دائماً، ولا في سعة الرزق المادي دائماً سنكون أكثر تصالحا مع الظروف. سنعيش الرضا والقناعة. حب الله جل جلاله للعبد ليس كحب العباد بعضهم بعضًا

من السهل علينا أن نقرر أن الله لا يحبنا بمجرد ظهور عقبات أمامنا أو حلول بعض المصائب مهما اختلفت شدتها.. نتناسى أن الله أكبر من أي شيء، لا يسعه شيء وكذلك محبته لا تحصر ولا تقنن.. نعم يحبنا الله جميعا في البدء ونحن من يبتعد، نحن من يذنب ورغم كل هذا يحبنا الله لمجرد إيماننا الخالص بوجوده وربوبيته.. يحبنا الله رغم جبال الذنوب التي نعلمها ولا نعلمها، يمنحنا الملايين من الفرص للمغفرة والرجوع لأنه يحبنا ويريدنا أن نكون سعداء.. يحبنا الله عبر ألف شيء وألف فرصة.. يحبنا الله بطريقة توازي عظمته وسعة علمه وتدبيره الذي لا نعلم كيف يسير لأمورنا.. يحبنا في حنان أم وخوف أب، يحبنا في صديق يبعده عنا أو يقربه إلينا وحبيب يخرجه من حياتنا لأننا لا نعلم مدى الكارثية التي من الممكن أن يتسبب بها هذا الشخص.. يحبنا حين يقبض بعض الأمور ويبسط بعضها الآخر.. يحبنا حين تنعدم المادة أو تتوفر، يحبنا حين ينسحب الجميع من حياتنا لأنه يريدنا أن نعود إليه..

يحبنا حين نذنب فنتوب ونبكي، يحبنا حين يتأخر الفرج كما نظن وهو لا يأتي إلا في موعده المناسب، يحبنا حين تضيق الطرق عليك وتغلق كل الأبواب في اوجهنا حتى نؤدي الطرق كلها إليه ونطرق بابه.. يحبنا الله عبر كلمة صديق أو غريب تشفي صدورنا، عبر مرض وظروف قد تبدو سوداء.. يحبنا الله في إساءة وجهها إلينا أحد الفارغين حتى نعرف معادن الآخرين. يحبنا الله في لمّة أهل، في ضحكة طفل، يحبنا الله حين يحرمنا من بعض ما نريد خوفا علينا أو لأي سبب كان يعلمه العليم. يحبنا الله في ساعة صفاء ذهني يفتقدها الكثير، يحبنا الله في كل تيسير وتعسير طالما أننا نعود إليه دائماً..

حين نعي أن محبة الله لا تتجلى في تيسير الأمور دائماً، ولا في سعة الرزق المادي دائماً سنكون أكثر تصالحا مع الظروف. سنعيش الرضا والقناعة. حب الله جل جلاله للعبد ليس كحب العباد بعضهم بعضًا؛ لأن الحب في مقاييس البشـر هو حاجة أوو حاجات يفتقدها المحب، فيجدها عند المحبوب، ولكن الله جل جلاله غني عنا، فحبه جل جلاله لنا حبُّ عطفٍ وتفضل ورحمة، حبُّ قويٍّ لضعيف، وحب غني لفقير، وحب قادر لعاجز، حبُّ عظيمٍ لصغير.

ابحث عن محبة الله لك في أدق الأمور. في شيء منعه عنك، في طريق انعطف بك رغم إرادتك ليكشف لك شيئا أجمل من ماكنت تبحث عنه. فتّش عن محبة الله لك. فبحق إذا استشعرنا مدى حب الله لنا في نعمه علينا ستبدو الأمور أجمل وحتى المصائب ستصبح أخف وطأة على قلوبنا.. ولكن لا تنسوا.. إذا أحبنا الله هان كل شيء.. إذا أحبنا الله ستبدو الأمور أجمل وحتى المصائب تصبح أخف وطأة. سنصبح أقوى وأكثر صبراً. إذا أحبنا الله فمن ذا الذي يستطيع أن يشقينا؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان