شعار قسم مدونات

مسميات كثيرة.. والإسلام واحد

مدونات - مسلمون
تعالوا يا أحبائي نراجع أنفسنا، نراجع القواميس من الكلمات الغريبة عنا والمعششة في أدمغتنا، دعونا نشغل آلة التنظيف في داخلنا لنغير كلمات وعبارات ننطقها ونتفاخر بأننا نعرفها، وأننا مثقفون لكوننا نعرفها وندمجها في عباراتنا ومقالاتنا وكتبنا والتي تقتل الإسلام فينا قبل أن تقتلنا.

 

دخل علينا العلمانيون والملاحدة من كل حدب وصوب، منهم بني جلدتنا، ومنهم من أصبح بين ليلة وضحاها منا، يزعمون أنهم مفكرون مثقفون، ينتجون ولا ينقلون، يبدعون ويصنعون، وما هم في الحقيقة إلا مضللون للعامة محاولين تشتيتنا وتفرقتنا بالأقلام، وعلى فكرة لقد نجح هؤلاء إلى حد كبير جدا، أساليبهم تسربت كالدواء في عروقنا، ولا نكاد نميز بين الصالح والطالح من المفاهيم والمفردات.

 

انتشرت بيننا مسميات للإسلام والمسلمين كالطاعون، نشاهد على القنوات برامج حوارية ونقاشات تقذف في وجوهنا كلمات وعبارات قاتلة، تارة الإسلام السلفي ثم الإسلام فوبيا والإسلام المتشدد ثم الإرهاب الإسلامي والإسلام السياسي والسلفية الجهادية والوهابية والكثير الكثير من المسميات التي غرسها الغرب في عقول جيل اكتسب العلم ولم يكتسبه بفطنة وتعقل وتدبر، ولم يحاول حتى معرفة أساس الكلمة والهدف منها قبل أن يتقيأها علينا في حواراته الرنانة والتي يفتخر بتقاسمها معنا على حساباته الاجتماعية.

 

كل منا من موقعه، يتوجب عليه مناهضة الأفكار الهدامة والتي تمس بديننا الذي هو أصلنا ومنهجنا في الحياة، ويزرع بذرة أمل ويسقيها بعلم نافع ويدعو إلى الوحدة الإسلامية

قسمونا، شتتوا شملنا، قاموا بتوزيعنا كأننا قطعان ماشية داخل الكثير من الحظائر، وقسمونا إلى فرق، يعني بالواضح كبطولة كرة القدم، الأقوى هو الفائز، فقالوا لنا أنتم تمثلون الفريق السني والآخر شيعي ثم الصوفي والإسماعيلي -ليس الإسماعيلي المصري- بل هم فرقة من الشيعة يوافقون على الأئمة الستة الأوليين، ويختلفون على سائر الأئمة بعد جعفر الصادق، إذ يجعلون الإمامة في ابنه إسماعيل عوضًا عن موسى الكاظم، وهو عندهم "الإمام المستور"، ويرى الإسماعيليون أن لكل ظاهر باطنًا، ولكل آية قرآنية تأويلاً، ويختلفون عن سائر المسلمين في أنهم يعتقدون أن العبرة في الإيمان وليس بالأعمال، ثم الدروز والأحمدية، وهناك العديد من الفرق تم إقصاءها من الساحة كالخوارج والقرامطة والحشاشون، فصرنا نقاتل بعضنا بعضا وإذا مالت الكفة للفريق المراد له الهزيمة تدخلوا ليعيدوا توازن القوى خدمة لأغراضهم الدنيئة.

 

وأنت تقرأ، هل تأملت حالنا أخي المسلم، مسميات كثيرة والإسلام واحد، شغلونا في الصراع بيننا فقهقهوا علينا ونحن تائهون، تكالبوا ودسوا سمومهم فينا، وفي الأخير يجمعوننا في كفة واحدة ويقولون إننا ننتمي للإرهاب الإسلامي، بربكم من هو الإرهابي نحن أم هم؟ لسنا من قتل وذبح وعذب مئات الآلاف من المسلمين بكل وحشية بداية من محاكم التفتيش الإسبانية مرورا بالاستخراب الذي مر على أمتنا بشتى أنواع القتل والتهجير وصولا إلى مذابح ومجازر المسلمين في البوسنة والهرسك وقبلها فلسطين فوصلوا إلينا بداية من العراق وسوريا والروهينغيا وهم سائرون في طريقهم بنجاح ما دمنا نرضى الإهانة ونتقبلها، ونعيش الذل والتبعية.

 

لا بد لنا أن نعود يوما ما، تأسفنا على أجدادنا -خصوصا بين سنوات الخمسينيات إلى الآن- الذين ورثوا لنا الهزائم والخذلان، وإذا جالست أحدهم يبدأ بسرد بطولاته المزيفة، ويفتخر بقتل أخيه المسلم في الحرب، وإذا سألت لماذا: يرد عليك بثقة وعنف ويقول لك، إنه انتهك سيادة بلدنا، الذي تطرقنا إليه أعلاه بمسمى الحضيرة، جيل أكل وشرب من الجهل حتى الشراهة، لذلك نحن جيل اليوم من يقرر ليس مستقبله فقط، بل مستقبل أجيال كثيرة من بعدنا، لابد لنا أن نعيد التفكير وترتيب أنفسنا قبل صفوفنا، وتنمية ذواتنا التي هي الأصل، فجهاد النفس أولى بالجهاد في العدو، يعني باللغة السهلة والمتداولة، يجب الاستثمار في العنصر البشري، وهذا ما توصل إليه الغرب مؤخرا فقط، ونفتخر بذلك لأن الإسلام توصل إليه قبل أربعة عشر قرنا من الآن، فالجهاد في النفس يعني الجهاد في أنفسنا من خلال تعلم الدين والعمل به، والدعوة إليه وتعليمه لمن لا يعلمه والصبر على مشاق هاته الدعوة، استثمر في أبنائك، ربما يكون قائدا لجيل الغد.

 

كل منا من موقعه، يتوجب عليه مناهضة الأفكار الهدامة والتي تمس بديننا الذي هو أصلنا ومنهجنا في الحياة، ويزرع بذرة أمل ويسقيها بعلم نافع ويدعو إلى الوحدة الإسلامية، وألا يواجه التطرف بالتطرف، علينا مواجهة الأفكار بالأفكار لنسمو بذواتنا أولا وبالدين الذي نمثله، فالتحدي الحقيقي لنا جميعا كمسلمين هو إعادة إحياء الروح الإسلامية الذي طالما عاشت جميع الأديان تحت كنفها جنبا إلى جنب بسلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.