كل العالم سمع بمقتل الشهيد التونسي الشاب عمر العبيدي بعد مطاردة الأمن التونسي له من ملعب رادس إلى أن وصل به الأمر لأمره بتعلم السباحة في واد غارق. غرق عمر العبيدي وغرقت معه كل مكونات القضية رغم وجود أدلة دامغة من حارس الملعب تؤكد ملاحقة الأمن لعمر العبيدي وأمره بالنزول للواد للسباحة. هذا الحارس غير أقواله وكانت له فيديو كان قد حذفها عند مواجهته بنطق شهادة حق.
هذا الحارس يقبض شهريا ملاليم من الدولة ويعيش فقرا مدقعا.. ليس هذا المشكل بالذات لكن هذه لمحة بسيطة لمواطن بسيط بصدد صنع دكتاتور بوليسي عن طريق كتم صوت الحق. هل هو الخوف؟ هل قبض الرشوة؟ هل هو هكذا دائما حتى في محيطه؟ أسئلة عديدة تدور بذهني لم أفهم منها ما المغزى لإنسان فقير وبسيط يحرم بسيطا مثله من حقه الاجتماعي والقضائي ضد فئة بوليسية ضالة قتلت روحا بشرية بكل استهتار!
نعم، في تونس هناك ذمم تشترى وتباع وهي من الطبقة الفقيرة، ليست الطبقة العليا من تبيع ذممها، الطبقة العليا هي من تشتري هذه الذمم وهكذا يتم صنع الدكتاتور وقانون الظلم في بلد له حضارة 3000 سنة من التاريخ. الله يرحم عمر العبيدي شهيد النادي الإفريقي التونسي وليعلم الجميع أن حقه لن يطمس ولا عزاء لحارس ملعب رادس.
عمر العبيدي الآن عند ربه لكن الخوف كل الخوف أن يصبح عمر العبيدي فكر وتوجه شعبي ضد البوليس وهنا سيحدث ما لا يحمد عقباه وسنصبح في حرب أهلية في كل مقابلة كرة نظرا لحقد الجماهير |
نعود فقط لتوضيح قضية مقتل الشهيد عمر العبيدي، شاب تونسي تنقل لملعب رادس لمشاهدة مباراة فريقه النادي الإفريقي ضد فريق تونسي آخر، بين الشوطين صارت مناوشات بين مجموعات الألتراس التابعة للنادي الإفريقي وبين البوليس التونسي وانتهت بملأ مدارج ملعب رادس بالغاز وهرب كل من على مدارح رادس مختنقا بالغاز. في تلك الأثناء كان عمر العبيدي واقفا بعيدا يتأمل ما يحدث إلى أن أتى بوليس أمره بالخروج عنوة وباستعمال وسيلة القمع الأساسية بتونس وهي "الماتراك".
خرج عمر العبيدي يركض هربا لكن ما راعه ألا وهي ملاحقة البوليس التونسي له كيلومتران بعد ملعب رادس إلى أن وصل أمام واد غارق، وقف يسترجع أنفاسه ووقف ورائه البعض من البوليس ينتظرون التهام فريستهم بعد علمهم أن التعب أنهكه ولن يصل به الحد للمواصلة. لحظات قبل الوفاة، لحظات يترجى فيهم عمر العبيدي البوليس تركه لحال سبيله لكنهم أمروه بالنزول للواد.
أعلمهم أنه لا يعرف السباحة فأمروه بالنزول غصبا. ونزل عمر عنوة، نعم نول شاب 19 سنة إلى الواد هربا من قمع البوليس وضربه له. شاب في مقتبل العمر خاف أن يتم اقتياده لمركز الشرطة وتعنيفه فتم اقتياده لدنيا أخرى وترك ورائه عائلة بسيطة تبكي يوميا بحرقة على وفاة شهيد تونسي تفاعل معه العالم بأسره عن طريق حملة إعلامية سمّيت #تعلم_عوم.
وإن سألوك عن بلاد المسلمين فقل لهم قد مات عمر. نعم، مات عمر وأؤكد أنه لن يكون الأخير في دولة تدعّم الدكتاتورية تحت غطاء الأمن. لن أجمع وأقول أن كل الأمن التونسي فاسد ودكتاتور، لكن من قتلوا عمر فاسدون وقمعيون ويعلمون جيدا أن الموضوع سيقفل ضد مجهول لأنهم القانون وليسم في دولة القانون. اخلد بذاكرتي أحيانا للتفكير إن تمت هذه القضية في بلد آخر، هل سيكون مصير عمر العبيدي هو نفسه؟ لا أظن بصراحة.
عمر العبيدي الآن عند ربه لكن الخوف كل الخوف أن يصبح عمر العبيدي فكر وتوجه شعبي ضد البوليس وهنا سيحدث ما لا يحمد عقباه وسنصبح في حرب أهلية في كل مقابلة كرة نظرا لحقد الجماهير بصفة عامة الآن على البوليس التونسي، نعم هذا وارد ولذا وجب فتح التحقيق وإعلام الشعب بأن المتورط قد قبض عليه، على الأقل يرتاح الشعب وخاصة أمه وأباه ومحيطه.
أتمنى ذلك ولو أني في قرارة نفسي، الدولة التي تسترت على اغتيال الشهيد شكري بلعيد والشهيد الحاج الإبراهيمي لن تتحرك من أجل شاب في مقتبل العمر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.