شعار قسم مدونات

الحب.. قبل الزواج أم بعده؟

مدونات - زواج
كنت دائماً أدعم المبدأ القائل أن الأفضل هو أن يأتي الحب بعد الزواج كنتيجة وليس قبله، ربما لأن مجتمعنا أكثر من ديننا يضع قيوداً على علاقة الرجل بالمرأة قبل الزواج، وربما لأني لم أشهد حالات تذكر يكون الحب فيها قبل الزواج وينتهي الأمر على خير، قد أكون متشائماً وقد أكون مجرد شخص لم يشهد حالات ناجحة، ولأكون منصفاً لم أجرب حباً قبل الزواج لأقارنه بحبٍ جاء بعد الزواج.
    
حسب رأي الحب قبل الزواج يعني تغليب القلب على العقل، بينما الحب بعد الزواج يعني حبٌ بعد اختيار، وهذا يرتبط بحسن الاختيار في المقام الأول، حيث يبحث الرجل عن امرأة تشاركه بقية حياتهما بحلوها ومرها، و بعد أن يجدها ويحسن اختيارها يحبها مع الوقت حب عشرةٍ قوي وصادق، فهو قد خبرها وجرب العيش معها، وإن لم يجدها مثل ما يريد طلقها بالمعروف، والطامة إذا تأكد بعد فترة ووجد نفسه مع المرأة الخطأ أكمل معها ظالماً نفسه وظالماً لها أياً كانت المبررات.
  
ولنكون موضوعيين يجب علينا سماع رأي الطرف الآخر لذا سنتجه بدفة الحوار إلى جهة حماة مبدأ "الحب قبل الزواج" لنسمع رأيهم، يقول البعض منهم أن الحب الحقيقي الصادق لا يرتبط بالعقل، فالقلوب ترتبط دونما منطق أو قاعدة، فيكون الواحد منا قد أحب امرأة من أول نظرة وهام بها وصار يرى الدنيا من خلالها ولا ينام الليل بسبب تفكيره فيها وفي جمالها ودلالها وحسنها. أو تجد الرجل أحب امرأة في العمل أول الجامعة، تحدثا وتبادلا الأفكار والمشاعر وبعد أن تأكدا من مشاعرهما تزوجا وسيكون من الطبيعي أن ينجح الزواج لأنه تأسس على محبة.
  

الزواج الناجح يحتاج العقل والقلب معاً، فبالعقل تجد الرجل والمرأة يتحملان الطرف الآخر لأجل الأبناء والأهل والمصلحة، فترى الزواج يستمر على الرغم من تنافر القلوب أحياناً

ويكمل أنصار مبدأ الحب قبل الزواج، ما هي الضمانات على مقدرة الرجل أن يحب زوجته بعد الزواج فوارد جداً حتى وإن كانت مناسبة ألا يتجه القلب لها، فما العمل حينها؟ نقول أنه حتى حالات الحب قبل الزواج قد تواجه نفس المسألة مع بعض الاختلافات، فمن الوارد أن يجد الطرفان نفسيهما غير متجانسين بعد الزواج حتى وإن كانت القلوب متاحبة، والأسباب عديدة منها إصطدامهما بواقع اختلاف الثقافات أو الأديان أو المبادئ وربما بعدم موافقة الأهل واختلاف المستوى المعيشي وتكافؤ النسب!

  
فهنا كان القرار مبني على القلب بشكل صرف أو بشكل غالب لكن بعد الزواج والعيش مع بعضهما البعض تكشفت أمور لم يدرسها العقل جيداً وربما لم يفكر فيها أصلاً. نستخلص من كل ما سبق أن الزواج الناجح يحتاج العقل والقلب معاً، فبالعقل تجد الرجل والمرأة يتحملان الطرف الآخر لأجل الأبناء والأهل والمصلحة فترى الزواج يستمر على الرغم من تنافر القلوب أحياناً.
  
هل الحب شرط لنجاح الزواج؟ نستشهد بقول الله عز و جل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). فهنا كان الكلام عن المودة والرحمة وليس المحبة ؟ قد يقول قائل بأن المودة باب المحبة ومدخل لها وهذا كلام جميل قد يفهم منه أن المحبة تأتي لاحقاً لا أولاً والله أعلم.
     
نختم بسؤال فلسفي: لنفترض أن الزواج مستقر شكلياً والزوجة صالحة والمودة موجودة لكن التفاهم والتجانس مضطرب، و النفس تقول أريد زوجة/زوج تفهمني وأفهمها فلا يكفي الأبناء واستقرار الحياة المادية فالرغبة ملحة لطرف أتناغم معه، أجد نفسي معه، لا أتعب في شرح كل شيئ له فهو يفهمني حتى وإن لم أنطق. في هذه الحالة هل نعتبر كلام النفس منطقي أم ترف زائد؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.