"أنا خْرْجْتْ مْنْ القْرَايَه فْالسَّادْسْ بْسَبَبْ المَشَاكِلْ العائِلْيَّه والظّرُوفْ المَادْيَّة" يحكي "خالد" وهو شاب في عقده الثالث، ويعيش من "الميخالا" منذ أزيد من اثنتي عشرة سنة؛ الأسباب التي دفعته إلى العمل في البحث عن المتلاشيات ذات القيمة، إذ يقول: "الظروف المادية لعائلتي لم تسعفني في إتمام دراستي"، مما دفعه إلى مغادرة قريته الصغيرة متجها صوب مدينة أكادير، وهناك اشتغل في أعمال البناء والفلاحة، وكلها أعمال لم يلق فيها راحته المادية والنفسية، وتابع قائلا: "كلْهَا خْدَامي فيها الحْكْرَه" أي أنه كان يعاني من الاحتقار من قبل أرباب العمل، وهذا ما دفعه إلى العمل كـ "ميخالي" أي كشخص يجمع النفايات القابلة للتدوير، وذلك بمساعدة صديق له يشتغل في المجال ذاته، حيث عرَّفه على الشخص الذي يبيع له كل ما تلتقطه يداه من متلاشيات ثمينة، وهو ما شجع "خالد" أكثر على امتهان هذه المهنة رغم ما تتخبط فيه من مشاكل؛ كونها مهنة حرة ولا يشتغل تحت إمرة أحد.
و"خالد" كغيره من الأشخاص الذين اختاروا هذه المهنة لكونها حرة من جهة، ومن جهة أخرى أن دخلها المادي جيد نسبيا، إذ كلما كانت كمية المتلاشيات التي جمعها كبيرة ونوعها جيدا كلما انعكس ذلك بشكل إيجابي على ما سيجنيه منها.
قطاع بيع النفايات القابلة لإعادة التدوير أصبح ينمو بشكل كبير، بل أضحى مصدر عيش العديد، بالتالي وجب على المسؤولين على هذا القطاع هيكلته وتوفير الظروف الملائمة للمشتغلين به |
ولما وصل إلى حاويات الحي الصناعي، التي وضعت في ساحة أمام السوق البلدي بالمنطقة، ترك "خالد" عربته على بعد أمتار من الحاويات المتراكمة في الساحة، وبدأ البحث في الحاويات واحدة تلوى الأخرى، وكل شيء قابل للتدوير يلتقطه يقوم برميه إلى جانب عربته. وقد كانت غنيمته اليوم عبارة عن بعض الأسلاك النحاسية والكثير من القناني البلاستيكية والورق المقوى، والتي قام بفرزها في المكان ذاته بوضعها في أكياس كبيرة كانت معلقة في عربته، إذ كان كل كيس مخصص لنوع معين من النفايات القابلة للتدوير.
إلا أن جولة خالد الصباحية لا تتوقف عند هذا الحد، بل يستمر في البحث عن كل شيء قابل للبيع في الأزقة والحاويات إلى حاولي الثالثة زوالا، آنذاك يتجه صوب سوق المتلاشيات الذي يبيع فيه ما التقطته يداه طيلة النهار، وحسب "خالد" فإن ما يجنيه في اليوم الواحد هو مابين أربعين ومائة وعشرين درهما، ويضيف أنه لو توفرت له إمكانات مناسبة كدراجة نارية ثلاثية العجلات، فإنه سيتمكن من أيزيد دخله اليومي، حيث إن الدراجة النارية ستمكنه من البحث في أحياء كثيرة لا يستطيع الوصول إليها الآن مشيا على الأقدام، كما أنه سيستطيع أن يجمع بها قدرا أكبر من النفايات القابلة للتدوير بجهد ووقت أقل.

وتجدر الإشارة إلى أن قطاع بيع النفايات القابلة لإعادة التدوير أصبح ينمو بشكل كبير يوما بعد يوما، بل أضحى مصدر عيش العديد من الأسر المغربية، بالتالي وجب على المسؤولين على هذا القطاع هيكلته وتوفير الظروف الملائمة للمشتغلين به خاصة جامعو المتلاشيات باعتبارهم القاعدة الأساسية لهذا القطاع، والفئة الأقل استفادة منه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.