دولة الهند دولة مستقلة وذات حكومة متميزة تتمتع برقعة واسعة من الأرض وحجم سكاني ضخم، حليتها من الجبال الراسخة والطبيعة المزهرة الباسقة، ظلال وارفة وجنات تجري من تحتها الأنهار، فمن أوديتها تتصاعد بقبقة الطيور وزقزقة البلابل فمن تلعتها نزح حمائم الحب والسكون هذه هي الجنة العدنية الخالدة التي اصطنعها الحدائق الموفورة بالأزهار وزيّنها الأشجار الملتفة بالأوراق.
طبيعة تفتن العقول وشواطئ خلابة ومياه ذات نقاء أسطوري وحياة برية وبحرية بكر لم تفسدها يدد التلوث وتكنولوجيا الحياة العصرية، أمور لا يجدها السائح إلا في عدد محدود جدا من الوجهات في العالم تنثر لآلئ الجمال ودرر البهاء، هكذا رسمت السياح عن روائع الطبيعة الهندية كأنها هي جنة تمتد بآلاف العيون الجارية والجداول السارية لم يعرفها مكدر.
لطالما كانت الزهور رمزا لجمال الطبيعة وسحرها ولكن تخيلوا كيف سيكون الحال إذا اجتمع جمال الزهور وبهاءها مع هيبة الجمال وشوقها وهي تعانق الضباب..؟ هكذا خلده معجبو الطبيعة عن جمال وادي جولمارج |
وما زالت طبيعتها الأنيقة وبيئتها الجذابة مؤثرة في نفوس السياح والمشاهدين، فمن مظاهرها جبال الهمالايا المغطاة قممها بالثلوج تمتد لمسافة 2400 كم من الغرب للشرق حيث تضم هذه الجبال بعض أعلى القمم الجبلية في العالم والتي تمثل حاجزا طبيعيا ضخما كأنها صرح مشيدة تحمي الهند من جهة الشمال رغم أن الأيادي الصينية قد تطاولت عليها وفتكت بها عيون الحقد والحسد في أكتوبر- نوفمبر 1962 إلا أنها لا تزال تعمل حصنا منيعا أمام الصين ثاني أكبر قوة في العالم المعاصر.
حقا.. تمكنت الهند في العام 1984 من السيطرة العسكرية على نهر سياتشن الجليدي (Siachen Glacier) في سلسلة جبال الهيمالايا وذلك على الحدود مع باكستان حين شنت الحروب ودارت المعارك لم يعرف لها التاريخ مثيلا..
وإلى الجنوب من الهيمالايا تترامى السهول الشمالية التي تعد موطنا لثلاثة أنظمة نهرية كبرى هي السند والجانج وبراهمابوترا على حين أن التاريخ قد حملت ثلاث حضارات كبرى أسماء هذه الأنهار، ومن الملاحظ آلاف الروافد النهرية تنبع من القمم الجليدية للهيمالايا والتي توفر للإقليم برواسب تجعله واحدا من أكثر الأقاليم خصوبة، الأمر الذي جعل الهند بقعة عجيبة تهفو إليها أفئدة الغزاة والتجار من كافة أرجاء العالم. ومما يؤخذ بعين الاعتبار أن جنوب هذا السهل الخصيب تكاد تتميز بهضبة عظمى (Great platue) تتفوق بثروة كبيرة في مواردها المعدنية ونتائجها الزراعية وفي مقدمتها القطن كما تتميز بظروف مناخية مثالية تلعب من وراء تشكيل مدن كبيرة، على سبيل المثال حيدر آباد وبانجالور كما عملت مادة لازبة في سبيل ارتقاء عدد المستثمرين الأجانب في هذه المنطقة.
لطالما كانت الزهور رمزا لجمال الطبيعة وسحرها ولكن تخيلوا كيف سيكون الحال إذا اجتمع جمال الزهور وبهاءها مع هيبة الجمال وشوقها وهي تعانق الضباب..؟ هكذا خلده معجبو الطبيعة عن جمال وادي جولمارج (Valley Gulmarg) الذي يقف على ارتفاع 11000 قدم في جبال الهيمالايا الغربية مختبأ في أحضانه بمروج الزهور المتبسمة. وقد بلغت شهرته إلى أن وضعه اليونسكو على قائمة التراث الإنساني حيث جعلت منه متنزها رفاهيا في ثمانيات القرن الماضي.
ومن روائع الطبيعة السواحل الغربية والشرقية للهند حيث تمتد بالشواطئ الصالحة لإقامة الموانئ والمرافئ فيما يبلغ طولها نحو 7517 كم وقد رقصت بها القتل والجور من جراء الحروب وصولات الأساطيل البحرية خلال عصر التوسع التجاري. ومن جملتها منطقتان صحراويتان واحدة في ولاية راجستان غرب الهند على الحدود مع باكستان والثانية صحراء تبدو بيداء باردة في منطقة لاداخ (Ladakh) على مقربة من الحدود مع الصين وكلاهما تمتلكان أهمية قيادية استراتيجية.
لا تزال الهند مركز السياح وملجأهم على مدى السنين غير أن بعضا من الأماكن السياحية ليست بالمتنزهات الموسمية فحسب بل إنما هي مستقرة رحراحة تمتد بأنقى الهواء لرغدة العيش. ومن أبرزها مدينة دارجيلنغ (Darjeeling) والتي تعرف بإسم هيلز وهي ملكة مواقع التلال بالهند، إضافة إلى أنها تعمل كمنطقة أخاذة تسرع إليها النفوس وترتعش منها الجوارح حيث تقع على مرتفع ولاية ويست بنغال قريبا من جبال الهيمالايا.
منطقة كاشمير أيضا تمتلك مكانة مرموقة لبيئتها الرائعة وجوها الصافي حيث تقع بالمنطقة الشمالية الغربية لشبه القارة الهندية، رونقها منحدرة من الوجهات السياحية مثل بحيرة ناجين وجولمارج وباري محل وسريناجر(Sreenagar) على حين أن سريناجر لا تفتأ تأتي بالمحاصيل لحقبات من الزمن. ومن الملاحظ بالذكر منطقة أوتي (Ooty) التي تقع على ارتفاع 2240 مترا من سطح البحر فهي أشهر محطات التلال بالهند شلالات متدفقة ومزارع كبيرة ومحمية الطيور، ومن المتوقع أن تبقى هذه المنطقة تتسلى على المنكوبين المنبوذين.
شلونج (Shyllong) عاصمة ولاية ميغاليا منطقة أخرى يرتادها الزوار بكثافة وهذه أيضا تتألف من الشلالات والبحيرات والأشجار والأودية وتتمتع بهدوئها وهوائها النقي وقد اشتهرت باسم الخاسية أيضا.
وفي الهند مجموعتان من الجزر تمثلان مخامر أمامية للبلاد وهي طالما بحثت عنها الأقلام وطلبت وراءها الشاشات هكذا تقف الهند اليوم دون شك كدولة ذات موقع بالغ الأهمية الاستراتيجية متمتعة بأراضي خصبة غنية بالموارد، فضلا عن قدراتها العسكرية والنووية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.