شعار قسم مدونات

فلسطين.. ما قبل الانفجار الكبير

blogs فلسطين

يمكن لمتتبع القضية الفلسطينية بتمعن أن يدرك أن السنوات القليلة القادمة ستكون مفصلية بالمعنى العملي والملموس لعدة أسباب، من أهمها تعثر المصالحة الفلسطينية وإقصاء ترمب لأصحاب المفاوضات من حسابات الفلسطينيين في تصدرهم لمشهد القيادة بالإضافة الى طول التجربة السياسية المريرة لدى الفلسطينيين وكم الدروس والنظريات التي تمخضت عنها، ولعل أبرزها الجزم المطلق في "عقم المفاوضات" وعليه فإن الخيار المتبقي والوحيد هو المقاومة المسلحة.

السلطة الفلسطينية بين الجدوى والمأزق

منذ إنشاء السلطة الفلسطينية كانت المعارضة من التيارات الإسلامية واليسارية قائمة لدواعي كثيرة أهمها التفريط والتنازل يليها شكلية السلطة "أي انها سلطة دون سلطة" وبعد ربع قرن اعترف السيد عباس بنفسه أنه يعمل لدى الاحتلال، وعلق صائب عريقات قائلا أن الرئيس الحقيقي للفلسطينيين هو افيجدور ليبرمان.

تشير تقديرات الاستخبارات الصهيونية الى تآكل النظام الفلسطيني القديم "السلطة الفلسطينية" وهي نتيجة منطقية بحسب ما أوردنا سابقا، زد على ذلك الحالة الاقتصادية الهلامية في الضفة الغربية وأرقام الشيكات المرتجعة وحجم الديون المتدحرج كل يوم، ناهيك عن تيارات المعارضة التي تتحين الفرصة في هذه الأجواء المشحونة في أفق ضيق هذا إن وجِدَ أساسا.

السباق على خلافة عباس
وفي جبهة غزة الأمور قد تنفجر في أي لحظة وما يزيد الاحتمالية الإجراءات الجديدة التي سيعاقب بها عباس غزة على ما يسمى محاولة الاغتيال

أن يخرج عباس من المشهد الفلسطيني بالاستقالة أو التنحي هو أمر مستبعد أن لم يكن مستحيلا والسبب في ذلك موافقته على تمرير صفقة القرن، في خضم التحضيرات للصفقة يجري الصراع على خلافته مبكرا لا سيما مع تردد الأنباء عن تراجع في حالته الصحية.

تعمل الإمارات ومصر على الدفع بدحلان لخلافة عباس للحفاظ على مساحة جيدة للتأثير في المستقبل الفلسطيني، وعن المنافسين هم ماجد فرج وجبريل الرجوب، والرجوب يحظى بفرصة أقوى باعتباره الأقدر على لملمة الأوراق الأمنية ومنع انزلاقها في الضفة الغربية، فهو الوحيد الذي لم يثبت تورطه بأي عمل من أعمال الانتفاضة الثانية وفي دلائل أخرى منحه حائط البراق للصهاينة وتصريحه بأنه لا يريد أن يحمل السلاح ليقاوم فهذا انتحار بالنسبة إليه وهذه كلها علامات صحية لقبوله كرئيسا أو مديرا للضفة الغربية في عيون الاحتلال وترمب.

مخاوف تل أبيب

بات من الواضح أن إسرائيل على أبواب موجة جديدة من الانتفاضة، وذلك بعد سلسلة العمليات الأخيرة والتي كان آخرها عملية طعن في القدس نفذها فلسطيني من نابلس، والأهم من ذلك "أن العقد الهادئ الذي مرت به إسرائيل قد انتهى" إلى الأبد بعد أن أخذت المقاومة في الضفة طابعها الفردي.

أشار عاموس جلعاد إلى أن الخطورة الحقيقية تكمن بالدرجة الأولى في اجتماع عمليات محدودة مع صيرورة أكبر وهي: الإحباط الفلسطيني الناتج عن انعدام أفق سياسي ونهاية عهد أبو مازن دون تحقيق أي نتائج على أرض الواقع مما يعزز قناعة الفلسطينيين بأن البديل هو ما تطرحه حماس من نضال "عنيف" ضد إسرائيل.

المناخ الفلسطيني مشحون بكل الأسباب لإحداث انفجار كبير، وكافة النقاط المسجلة سابقا هي إرهاصات حقيقية لتحول قادم
المناخ الفلسطيني مشحون بكل الأسباب لإحداث انفجار كبير، وكافة النقاط المسجلة سابقا هي إرهاصات حقيقية لتحول قادم
 

كما يتخوف الصهاينة من المناسبات المتفجرة القادمة، كيوم الأرض وأعياد اليهود وشهر رمضان ويوم النكبة الفلسطينية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وفي جبهة غزة الأمور قد تنفجر في أي لحظة وما يزيد الاحتمالية الإجراءات الجديدة التي سيعاقب بها عباس غزة على ما يسمى محاولة الاغتيال، بيد أن تصريحاته في الاجتماع الأخير هي إعلان صريح للحرب على حماس، وبالمقابل هو يدفع غزة لمواجهة جديدة مع الاحتلال.

ما قبل الانفجار الكبير

المناخ الفلسطيني مشحون بكل الأسباب لإحداث انفجار كبير، وكافة النقاط المسجلة سابقا هي إرهاصات حقيقية لتحول قادم، فالمواجهة بين السلطة والشعب الفلسطيني تبحث عن فرصة للانطلاق، والمواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال تبحث عن قيادة فاعلة لإحداث زخم مقاوم على جبهة الضفة الغربية، ذهبت السلطة بعيدا في هدر كرامة الشعب الفلسطيني عبر تصريحات مسؤوليها وأفعالهم، والمهم أن صورة المؤسسة الأمنية الفلسطينية لم يعد لها محل من الإعراب في نفوس الفلسطينيين، ولا يخشى الغدر إلا من يصنع أسبابه، وإن بقيت أسبابه فهو قادم لا محالة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.