شعار قسم مدونات

اليسار الراديكالي في المغرب

blogs الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
يقول ماركس "يجب أن نعلن للحكومات، نحن نعرف بأنكم قوة مسلحة موجهة ضد العمال، وبأننا سنتحرك ضدكم بطرق سلمية حيث يكون ذلك مناسبا، وسنواجهكم بالسلاح متى اقتضت الضرورة ذلك". في ستينات القرن الماضي كان المناخ السياسي الدولي مطبوع بأفكار، التحرر والثورة والاشتراكية والقومية والتقدمية، والجو في الوطن العربي أيضا كان مشحون بشعارات الناصرية والبعثية (القومية العربية) وزخم الثورة الفلسطينية.

ساهمت هذه المؤثرات المحلية والدولية في تشكيل تيار سياسي ثوري راديكالي من داخل الأحزاب الوطنية ومن خارجها يدعو لنظام سياسي جمهوري تقدمي بديلا عن الأنظمة التقليدية، والمغرب لم يكون خارج سياق هذه التحولات السريعة في بنية العقل السياسي، مما سيؤثر ويسرع في إنشاء أحزاب وتنظيمات راديكالية متطرفة من طرف بعض القادة والأعضاء في الأحزاب الوطنية التقليدية مثل حزب الاستقلال (1944) وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انشق عليه في سنة 1958 وأيضا الحزب الشيوعي المغربي (1943)، ومن أهم هذه التنظيمات:

القوى اليسارية في الجامعات المغربية تعيث فسادا وتريد إجهاض أي تجربة ناجحة من داخل الحرم الجامعي وتريد إفشال وتدمير كل القوى الحية الفاعلة في الحركة الطلابية

*اليسار التقليدي: الاختياري الثوري والجناح المسلح داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة بنبركة والفقيه البصري.

* اليسار الجديد الماركسي: الحركة الماركسية اللينينية المكونة أساسا من منظمة 23 مارس ومنظمة إلى الأمام المنبثقة من الحزب الشيوعي المغربي (حزب التقدم والاشتراكية الأن)، من أبرز القيادات لهذه التنظيمات أبراهام السرفاتي والشاعر عبد اللطيف اللعبي الذي كان مدير تحرير مجلة "أنفاس" والتي تعبر عن تطلعات القوى اليسارية.

وقامت هوية اليسار الماركسي عند ميلاده على خمسة أركان وهي:
1- إقامة نظام سياسي مضمونه اشتراكي بالمغرب.
2- إقامة نظام شكله السياسي جمهوري.
3- طريقة بناء الشكل الجمهوري والمضمون الاشتراكي للدولة هو أسلوب العنف الثوري.
4- الأداة التنظيمية لإنجاز المشروع الاشتراكي: الحزب اللينيني السري.
5- الأساس الفلسفي لمشروع اليسار الماركسي بالمغرب: المادية الجدلية والمادية التاريخية، التي تلغي البعد الغيبي من كينونة الوجود، وتنفي عقيدة الخلق الإلهي للكون وتؤمن بحقيقة واحدة هي "لا إله والحياة مادة".

يعلق المفكر محمد طلابي على هذه الأركان في كتابه المعنون بـ " تقرير في نقد العقل السياسي المغربي -الرسمي والمعارض- "، يقول: "هذه الأركان الخمسة لم يبقى منها عمليا اليوم إلا الركن الخامس، واستمرار القول، لا الفعل، بطوباوية الاشتراكية رغم تحولها إلى قش يابس".

 

أبرز قيادات اليسار الجديد الماركسي ..
أبرز قيادات اليسار الجديد الماركسي .. "أبراهام السرفاتي"  (مواقع التواصل)

مشروع اليسار الراديكالي في المغرب لم يبقى له وجود و تأثير فعلي في ساحة السياسية الوطنية، لعدة أسباب أهمها:
* فشل الخطاب اليساري طوباوي في الوصول إلى الجماهير العريضة من الشعب وحصره في النخبة المثقفة في الجامعات (طلبة القاعديين…) وبعض النقابات العمالية وبعض الحالمين بالثورة الديمقراطية الشعبية.
* تحول الأغلبية الساحقة من قيادته التاريخية اليوم نحو اليمين أو الشلل السياسي.
* الطلاق بين الفعل والقول السياسيين وطغيان الثقافة الميكيافلية وهذا ما أفقد اليسار ثقة الشعب والنخبة.

في الأخير يمكن القول أن اليسار الراديكالي المغربي تجربة فاشلة لم تقدم شيء لشعب المغرب ولم تستطيع المساهمة في البناء الديمقراطي بعد الاستقلال، وهي الآن تلعب دور سلبي في تقدم وسير عجلة البناء الديمقراطي في هذا الوطن، حيث يتبين وبالملموس أنه تحاول ما أمكن إفشال بعض التجارب التي استطاعت الوصول للشعب والتي تمثل القوى الديمقراطية بعد 20 فبراير.

 

فالقوى اليسارية في الجامعات المغربية تعيث فسادا وتريد إجهاض أي تجربة ناجحة من داخل الحرم الجامعي وتريد إفشال وتدمير كل القوى الحية الفاعلة في الحركة الطلابية سواء كانت إسلامية أو يسارية تقدمية، فهي بقصد أو بدون قصد تساهم في تقويض البناء الديمقراطي الذي تحاول هذه القوى (الإسلامية، اليسارية التقدمية…)  بناءه، بنشر الوعي والفكر لدى الطلاب وباقي فئات المجتمع المغربي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.