شعار قسم مدونات

حياتك خليط من الألم والأمل.. فلا تعجز

Blogs-sad

من طبيعة الحياة الدنيا أنها خليط من الألم والأمل، وحلقات متسلسلة من المحن والمنح، وعالم مليء بالخير والشر، تضحك أياما وتبكي أعواما، وقد تضحك أعواما وتبكي أياما، تسعد قوما وتحزن آخرين والعكس، الخير فيها لا يدوم والشر فيها لا ينقطع "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ".

 

ثمانية لابد منها على الفتى
ولابد أن تجرى عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة
وعسرٌ ويسرٌ ثم سقم وعافية

  

هذه هي الحياة وهذه هي سنتها مليئة بالمتناقضات.. حافلة بالمفاجآت، خيرها امتحان وشرها اختبار "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً" لكن الفرح بالمنح أحيانا قد ينسيك المحن خاصة عند عدم إدراك الحكمة منها، واليأس عند المحن قد يفقدك لذة الصبر واستشعار الأمل، والإنسان أمام اختبارين في التعامل معها اختبار اليسر والخير والمنح واختبار العسر والشر والمحن، والذكي من يستثمر كلا الأمرين في تحقيق أهدافه العاجلة والآجلة، ففي طيات المحن منحا وفي زوايا الشر خير ومع كل عسر يسرين. "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".

 

كن قويا في أهدافك العامة والخاصة ولا تتنازل عنها أمام ضغط الناس والواقع، فهي حياتك ومستقبلك شريطة أن تكون مبنية على دراسة حقيقية متأنية لا عن هوى واستعجال

تذكرت هذه المعاني وأنا أتأمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج مسلم عن أبي هريرة: "المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنِّي فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" تذكرت هذا الحديث فأيقنت أن الحياة تحتاج إلى الأقوياء والأقوياء فقط ولا مقام فيها للضعفاء، فالمؤمن القوي الحريص أحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف العاجز.

 

إن القوة مطلوبة في كل شيء ولا سيما قوة الإرادة والعزيمة فهي مصدر كل قوة وأساس كل نجاح، فكن قويا في مبادئك ولا تستسلم.. ولا تهن.. ولا تتراجع.. ولا تتذبذب.. واستعن بالله ولا تعجز، فأمامك خنادق من اليأس ومحطات من الألم وسلاسل من المحبطات وكلاليب من المنغصات، فلا تستسلم لأبسط هزة ولا تتألم من أبسط ضربة، فأمامك أسلاك شائكة وطرق ملتوية وعوائق وشواهق، والنجاح أمام كل هذا لمن قويت عزيمته ووضحت رؤيته فاستعن بالله ولا تعجز.

 

كن قويا في أهدافك العامة والخاصة ولا تتنازل عنها أمام ضغط الناس والواقع، فهي حياتك ومستقبلك شريطة أن تكون مبنية على دراسة حقيقية متأنية لا عن هوى واستعجال، ولا تفرط فيها أمام دافع الدعة والراحة والخلود إلى الأرض، وأعلم أنه لا يصل إلى الريادة من لازم الوسادة واستعن بالله ولا تعجز.

 

 undefined

 

لا تستسلم للعقبات فكل الحياة عقبات، ومجنون من ظن أنه سيصل إلى القمة من طريق سوي لين فتلك طريق الحمقى والنعيم لا يدرك بالنعيم، فلا تتراجع ولا تتقهقر واستعن بالله ولا تعجز ما دمت في الطريق الصحيح وتسير وفق ما خططت له، فالنجاح لا يأتي دفعة واحدة بل هو نتيجة جهود متراكمة، فلا تستعجل الثمرة قبل نضجها فبينك وبين النضج مفاوز ولا تسارع في قطفها فتتفاجأ بعدم صلاحيتها، ولا تيأس من طول الطريق فكما يقال: "السلحفاة البطيئة في الطريق الصحيح خير من الغزالة السريعة في الطريق الخطأ".

 

حتما ستصل "فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"، حتما ستصل فتجنب الإحباط ولا تيأس فـ "إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، حتما ستصل فتخطى الألم ولا تستسلم "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، ستجد في طريقك حقائق مؤلمة وأشخاص محبطون، ستجد أمامك قدوات تتساقط وقامات تتهاوى، ستسقط دول ويذهب حكام فلا تتعجب ولا تندهش ولا تتوقف بل تجاوز كل ذلك واستعن بالله ولا تعجز.

  

هذه هي الحياة وتلك هي سنة الناجحين، أقوياء "وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، "يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" يبادرون "وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" يفشلون لأنهم بشر؛ ولكنهم لا يستسلمون، فاستعينوا بالله وأبشروا وحتما ستصلون "وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان