لم أسمع عن رئيس حكيم عمل بما قال قبل انتخابه ووصوله إلى الكرسي الذي "احتله" وكأنه ورثه عن أجداده الأوائل، قد أوصل شعبه والدولة التي كان يحكم للدمار والخراب والقتل والتشرد والضياع الذي أوصله عدد من "الرؤساء" العرب لشعوبهم؛ لا سيما سوريا واليمن وليبيا هي الأخرى.. وجميعهم لم يأتوا عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة؛ هذا في حال أجريت الانتخابات أصلًا.
لست هنا أذمّ من لا يستحق ذلك، ولا أقول إن الحاكم الغربي (أو غير العربي)، أفضل لدي من نظيره العربي؛ ولكن شيخ الإسلام بن تيمية قال: "حاكم كافر عادل خير من مسلم ظالم"، والحديث هنا حول أن الخيرية مقيدة غير مطلقة، فالحاكم الكافر العادل خير بلا ريب من الحاكم المسلم الظالم، لأن كفر الأول وإسلام الثاني خاصان بهما، وعدل الأول وظلم الثاني راجعان إلى الناس.
ولكني سمعت عن رئيس أوصل جمهوريته التي يحكمها بتصريح من شعبه إلى أعالي القمم، وصارت كبار الدول التي تحكم بسياستها ومصالحها دولًا أخرى وأوطانًا وربما قارات أيضًا، تحسب لتلك الجمهورية ألف حساب؛ نعم إنها تركيا في زمن الطيب أردوغان، الرجل الذي احترم شعبه وإرادتهم فكانوا له درعًا وَصَدُّوا عنه انقلابًا كاد أن يُطيح بكل إنجازاته والبناء الذي بنى.
تُقتّل الشعوب العربية في سوريا واليمن وليبيا وسيناء مصر بزعم محاربة "الإرهاب"؛ الذي ما دخل ديارنا إلا بموافقة ومباركة ربما من بعض الحكام بتآمر مع الغرب وشيطان العصر أمريكا |
قبل شهور مضت، وتحديدًا في نهار الرابع من (كانون أول/ ديسمبر) 2017، قُتِل علي عبد الله صالح؛ الرئيس اليمني المخلوع الذي مكث في حكم اليمن عشرات السنين، لأنه ينتمي لعشيرة كبيرة في اليمن، ومن قبله رحل معمر القذافي حاكم ليبيا لسنوات طويلة، مقتولًا أيضًا، فما بكى خلفهم من أحد ولا رثى رحيلهم كاتب أو شاعر، ربما فقط عائلاتهم هي التي أحزنها فراقهم!
صالح الذي تحالف مع جماعة "الحوثي" المدعومة إيرانيًا ضد شعبه مات يوم 4 ديسمبر 2017 برصاصها وقيل إن الرصاص أصابه من الخلف، والقذافي مات برصاص شعبه الذي سيّر له أموره بـ "الكتاب الأخضر" وكأنه كان "رسول لهم".. وقد خالف الرئيسان إرادة شعوبهم وثاروا ضدها عندما طالبت بالتغيير والحريات، فالأول جاء لشعبه بتحالفات ودبابات عربية وإيرانية، وأصبح القتل والدمار في ديارهم عنوان كل مرحلة، حتى وصل الأمر بهم إلى وجود أوبئة وأمراض استعصى علاجها على منظمات دولية كالأمم المتحدة ومؤسساتها، لا سيما وباء الكوليرا.. والثاني ترك جمهورية ليبيا وقد تقاتل عليها بعده العُرب أيضًا وأمست ساحة لتجارة السلاح وكأنها "سوق سوداء"، ناهيك عن الدمار والخراب والتفتت.
أما سوريا ففيها كمنت روسيا وتغلغلت إيران هي الأخرى، وليست أمريكا ببعيدة عن إنشاء قاعدة عسكرية فيها، ربما تكون دائمة وتخصص لحماية طفلتها المدللة "إسرائيل".. وتطاولت على "محور المقاومة والممانعة"، زورًا وباسمه قتل أهل الشام، تل أبيب وباتت تقصف وتُهدد برد أعنف في حال منعها أو الوقوف بطريق استهدافها لمواقع "حزب الله" وقواعد إيران وجيش النظام السوري..
تُقتّل الشعوب العربية في سوريا واليمن وليبيا وسيناء مصر بزعم محاربة "الإرهاب"؛ الذي ما دخل ديارنا إلا بموافقة ومباركة ربما من بعض الحكام بتآمر مع الغرب وشيطان العصر أمريكا، وتُحاصر الأخرى في قطاع غزة ظلمًا وعدوانًا؛ لأن في غزة قوم قالوا كلمة حق واعتادوا محاربة الاحتلال بالمقاومة التي شرّعتها الشرائع والقوانين الدولية، بينما يُذبّح المسلمون في الروهينغا بشكل سافر لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله.. كل ذلك أمام حكام وقادة آثروا الصمت وغضّ الطرف عما يحدث لشعوبهم خوفًا على عروشهم لا خوفًا من رب عظيم.
هذا ما أوصلتنا له "ديكتاتورية" الرؤساء الذين "ورثوا" الحكم عن آبائهم أو جاءوا على ظهر دبابة بداعي الإصلاح ونقل البلاد لمرحلة الازدهار والحريات، ويا ليتهم ما وصلوا ولا سجل التاريخ جرائمهم التي أسقطت القناع عن وجوههم "القبيحة". حيث أنهم عملوا وأنشأوا لظروف ومناخ حاربوا فيه الرسالة الأسمى؛ إخراج البشرية من عبادة العباد لعبادة ربّ العباد، وأوغلوا ظلمًا وقهرًا في شعوبهم، وما استقامت لهم وسيلة ولا صدقت لهم كلمة.
نهاية القول: فلاسفة الغرب بكتاباتهم ومقولاتهم التي وصلت لنا عبر تكنولوجيا الإنترنت والاتصالات السلكية واللاسلكية أو عبر نظام الكيبل، أوجزوا لنا حل مشاكل البشرية جَمْعاء بمقولة مشهورة للكاتب الغربي مايكل هارت قال فيها، لو كان محمد موجودًا لحلّ مشاكل العالم متكئًا وهو يحتسي فنجان قهوة.. ويقول الانجليزي برناردشو، في كتابه "محمد"، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال.. ويقول الدكتور شبرك النمساوي، إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.
أما وقد اتبعتم الغرب تبعية عمياء بلا فصاحة وانتقاء، فانظروا ماذا يقولون عن رسولكم وعودوا إلى رسالته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.