دعونا إذا في القرينة الأولى التي تؤكد معنى الثورة قائمة في حديث لأحد رؤوس الثورة المضادة الذي قاد انقلاب في مصر ضد ثورة يناير باختراع غطاء شعبي وتحت دعوى أنه انتصر لثورة ثانية، لم يٌرد من هذه المسرحية إلا أن يمهد طريقا لثورة مضادة عاتية تقتلع ثورة يناير من جذورها وتحاول اجتثاث فكرتها ولكنها قائمة، قائمة في محاولة لطمسها فلا يٌطمس إلا الموجود، بل إن معنى الطمس هو محاولة إخفاء ما هو قائم وظاهر وربما فاعل.
الثورة قائمة، وإلا لو انتصر هؤلاء وانتصرت ثورتهم المضادة فلماذا يجتهدون في طمس هذه الثورة وشعاراتها ويحاولون إخفاء هذه الأيام وذاكرتها؟! |
فحقيقة الأمر أن هؤلاء الذين ظلوا يتعاملون مع يوم 25 يناير كإجازة رسمية أراد إعلام الإفك أن يذكر الناس أن هذا الاحتفال هو احتفال بعيد الشرطة ال 66، وقامت هذه الفضائيات بوضع هذا الشعار ليذكر بذلك، الأمر إذا ليست ثورة يناير، في حقيقة الأمر أن هذا لا يزال يحاول يخفي ثورة ويتغافل عن حقيقة شعب ثار وعن ثورة غضب في الثامن والعشرين من يناير وعن خوض معركة الحماية لهذه الثورة في ميدان التحرير لمواجهة معركة الجمل " نأسف معركة البغل"، ذلك أن هذه الثورة بأيامها لا يزال هؤلاء مع ادعاء تمكنهم يحاولون طمس هذه الثورة من كل طريق.
بل إنهم يريدون أن يخيفوا بعض هؤلاء الشهود ويقتلوا بعضهم ويختطفوا بعضهم ويعتقلوا الآلاف، ويتناسى أن التفتيش عن الثورة لا يكون بأي حال من الأحوال بتخويف هذا الجيل الذي قام بها ورفع شعاراتها لأنه ينسى أن فكرة الثورة صارت ميراث يسلم من جيل إلى جيل، جيل شباب كان أطفالا، وصار الآن يحمل جذور ثورة جديدة، أقول هذا وأنا أؤكد تلك القرائن لا أحاول بأي حال من الأحوال أن أقدم أماني أو أبيع أوهام.
الثورة قائمة، وإلا لو انتصر هؤلاء وانتصرت ثورتهم المضادة فلماذا يجتهدون في طمس هذه الثورة وشعاراتها ويحاولون إخفاء هذه الأيام وذاكرتها؟!، معركة الذاكرة تدور رحاها يحاول هؤلاء الأوغاد من ثورة مضادة أن يسقطوا أيام بعينها، فكيف تسقط أيام فيها حياة شعب وإرادة وطن؟!، كيف تسقط هذه الأيام وهي في ذكرى الناس، ذكرى الحرية والكرامة والعزة والمكانة، كيف لهؤلاء يقوموا بكل ما قاموا به فلا يستطيعون أن ينجحوا في معركة الوعي والذاكرة؟!
قرينة أخرى نزفها لهؤلاء فإن الرأس المدبر لانقلاب قطع الطريق على مسار ديموقراطي، لم ينجح إلا أن يدير مشهدا في تجديد رئاسة مغتصبة إلا بانتخابات قسرية، كل الدنيا تكتب وتتحدث وتتناقل حول هذا النظام الفاقد للشرعية وانتخابات آتية فاقدة الحجية والشرعية والنزاهة والمصداقية.
يجعل معركته بكل فجاجة وبجاحة معركة الكرسي ليهدد من يقترب منه يعتقل كل من يهدده بالترشح ثم يأتي بـ "تيس مستعار" في مسرحيته الهزلية وانتخاباته القسرية، من أجل ما يفعل ستكون ثورة أخرى!!، نعم الثورة القائمة لعن الله من أراد وأدها ومن عمل على حصارها ومن أدعى هزيمتها، نعم الثورة قائمة واليأس خيانة، إنها الثورة التي تشكل تهديدا لهذا المنقلب حتى الآن وتشكل نقضا لشرعية نظامه حتى الساعة، وتؤكد أن هذا المرتعب الذي يدعي ترويع الناس هو من يشعر بالفزع والرعب المقيم داخله ومن هنا وجب علينا أن نتفحص.. ماذا يقول؟!
إنه يهدد ويتوعد فمن يهدد؟!، لا يهدد إلا الثورة والثوار، هذا الموقف الذي يهدده الذي يدفعه للخروج عن مشاعره منفعلا يؤكد أن الثورة قائمة، حينما يقول أن ما حدث قبل سبع سنوات لن يتكرر مرة أخرى، ما الذي يريد أن يخفيه؟!، ما الذي يريد أن يطمسه؟!، إنها الثورة التي تمثل له هاجسا لا يزال يطاردها ويظن أنه قد أماتها أو دفنها ولكن هاجس الثورة لا يزال يطارده ويسكنه ويرعبه، حتى لو أقام مؤتمرات شبابه المزعومة، فإن قال أن لن يسمح بثورة مرة أخرى، فالثورة ليست بسماحه، وحينما يؤكد أنه لن يسمح بحدث أن يتكرر، فنؤكد له أن الحدث ما زال يسري وأن الثورة لم تكمل بعد بعض فصولها، وأن الثورة ملحمة في معارك متتابعة والثورة قائمة.
أيضا من القرائن المهمة التي تؤكد أن الثورة قائمة هذا الخوف والذعر الذي أصابه حينما قال البعض أنه سيجعلها انتخابات حقيقية، ناله كل هذا الذعر وأطلق الوعيد بعد الوعيد واعتقل وهدد بإجراءات وها هو يطلب تفويض جديد لمواجهة الأشرار، أي أشرار؟!، لم يعد يحدد هؤلاء الأشرار ربما في خطوته القادمة والإجراءات التي توعد بها سيجعل من شعب مصر كله أشرار؟!، مستهدفا كل شخص فيه، فعلها من قبله فرعون ونال مصيره في النهاية.
أقول له أنه يخاف الثورة، كل هؤلاء في معامل الغضب التي أنت صانعها ستنفجر براكين ثورة، إنها مشروع ثورة، نؤكد في كل مرة أن الثورة الكامنة والحالة الجامعة هي الأساس والمنطلق والشرط بثورة قائمة ستكون من شباب لا يزال يحمل الأمل لتدفع بكل أمالها وشعاراتها التي أراد السيسي أن يطمس ذاكرتها ولكنه قصير النظر، أعشى البصر لا يتعرف على قوانين الثورات حتى ولو فزع وروع، حتى لو أفقر وجوع فليعرف أن ثورة يناير تسكن الأرض وتسكن في داخله وستظل ثورة قائمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.