شعار قسم مدونات

هل يفعلها الإخوان؟

Blogs- egypt
قبل القرّاءة
السطور القادمة هي محاولة لمشاركة غيري في التفكير قبل أن تكون نوعا من التنظير، وربما كانت بعض الأفكار صادمة للبعض، ولكنها حتما في النهاية أفكار كغيرها ممن يتطاير حولنا جيئة وذهابا، في وقت أصبح لزاما علينا فيه عصف أذهاننا، علنا نعثر على الحل الغائب لأزمة وطننا المستعصية على أي حلول في الأفق.
  
أما بعد
لا أعتقد أن ثمة مستفيدا من ثنائية الجيش/ الإخوان، كطرفي رهان أمام جموع الشعب المصري إلا الجيش، وبالتأكيد تملك المؤسسة العسكرية كل أدوات القوة في الدولة المصرية، السلطة/النفوذ/الثروة/الإعلام، وفوق كل تلك العناصر لا تفتقر إلى الشعبية. والشعبية هنا هي نقطة القوة الوحيدة التي يمتلكها الإخوان بجانب قدر من الثروة لا يقارن بما تمتلكه المؤسسة العسكرية بمشاريعها العملاقة وميزانيتها التي تقتطعها من الدولة، بالإضافة إلى معونة أميركية سنوية.

 

حسنا، تمتلك المؤسسة العسكرية الحاكمة لمصر منذ يوليو 1952 كل عناصر القوة وتتقاسم مع الإخوان الشعبية، وحتى في الشعبيه لا يتساويان لأسباب تتعلق بعشق القطاع الأكبر من الناس، في مناخ الجهل والتعصب، للقوة.
 

دولة العسكر التي تنتمي إلى خمسينيات القرن العشرين على أقصي تقدير باقية وفقط لأن البديل الذي يطرح نفسة أمامها دولة إسلامية تنتمي إلى القرون الوسطى في أقصي تقدير

يمتلك الإخوان شعبيه ناتجة عن الخطاب الديني الفضفاض المتمثل في شعارها التاريخي "الإسلام هو الحل".. وهو أمر تدركه تماما المؤسسة العسكرية ووجدت عندها الحل المتمثل في المزايدة الإسلامية/الإسلامية عن طريق ذراعها الإسلامي-السلفيين- وهنا تأني الطامة الكبرى على الإخوان، الجماعة التي تفتقر إلى النفوذ والمال والإعلام تواجه أيضا أزمة في الشعبية نتيجة الإنقسام الحاد بين الإسلاميين بعد ظهور الشيخ ياسر برهامي وأتباعه.

 
هنا نحن أمام مشهد فيه طرف يمتلك كل شيء، وطرف لا يملك من أمره شيئا بل ويتخذ الطرف الأقوى ذريعة للبقاء في الحكم رغم الفشل الواضح في إدارة كل الملفات الداخلية منها والخارجية، ولكن خطاب إثارة الفزع من الحكم الإسلامي مؤثر ومتماسك وقوي كفاية لإقناع قطاع عريض من الشعب رفض أي تظاهر او اعتراض على الدولة العسكرية، ماهرون أولئك العسكريون في اللعب على الوتر الحساس لدى الناس باستمالة عواطفهم. أما من يرفض العواطف فهناك إجراءات أخرى، التهديد/الحبس/التصفية الجسدية.

 

وفوق كل ما سبق خطابه واضح "نحن ضد مجموعة من المتعصبين إذا حكموا ينزلون للشوارع مرة أخرى حتى نخلصكم من الإخوان حيث لا قبل لكم بحشودهم إذا أمنوا عدم تدخل الجيش"..وهو خطاب يجد صدى عظيما إذا ما تمت إعادة بث مشاهد الاشتباكات التي دارت بين شباب الإخوان ومعارضيهم وقت حكمهم، بعيدا عن ملابسات كل حدث أو حتى نتيجته، فالمهم أن يتذكر الناس أن هناك محاولة لفرض منطق القوة، وأن الطرف الوحيد القادر على حماية المجتمع من حشود الإخوان هو الجيش بقوته.

 

وما الحل؟
لا أعتقد ان بيننا من يملك الحل، ولكن وبما أنها محاولات للفهم والتفكير بشكل جماعي، فربما كانت محاولة الفهم بداية نحو العبور إلى طريق الصواب قبل أن تدهسنا دوامات البقاء في ظلمة الحكم العسكري.
 
على الإخوان تقديم مصلحة الوطن والناس على مصلحة الجماعة، يكتفون بدور الجماعة في الدعوة ويخرجون -كجماعة - من عالم السياسة، على أن يكون من حق التيار الإسلامي ككل إنشاء أحزاب تعبر عنهم
على الإخوان تقديم مصلحة الوطن والناس على مصلحة الجماعة، يكتفون بدور الجماعة في الدعوة ويخرجون -كجماعة – من عالم السياسة، على أن يكون من حق التيار الإسلامي ككل إنشاء أحزاب تعبر عنهم
 

الدولة العسكرية التي تنتمي إلى خمسينيات القرن العشرين على أقصى تقدير باقية وفقط لأن البديل الذي يطرح نفسة أمامها دولة إسلامية تنتمي إلى القرون الوسطى في أقصى تقدير، حيث لم ينجح نموذج واحد في الـ 500 سنة الأخيره من عمر كوكب الأرض، ومنذ أن تطور مفهوم الدولة ذاته في العلوم السياسية وفي عقول البشر.

 
من يريد حقيقة تغيير الوضع المزري الحالي، عليه بوضوح طرح بديل على الناس، يتمثل في دولة عصرية على الطراز الأوروبي، يكون أساسها المواطنة/ المساواة/ العدل/ الحرية/ الإخاء، يحترم دستورها تطلعات المصريين نحو الحياة بشرف وكرامة على أرضهم، وتضمن آلية واضحة لتداول السلطة-متفق عليها من الجميع، دولة ترعى مناخ الحريات وترتوي عليه، لا تعادي الدين أو المتدينين، وتضمن حقهم(الكامل)في ممارسة أسلوب الحياة الأفضل، كما تعاقب بشدة أي خروج عن القانون من داخل من هم في السلطة أو خارجها، تفصل بين السلطات وتعطي المجتمع دور الرقيب من خلال منظمات المجتمع المدني، وتضمن حرية التعبير وتعاقب على خطاب الكراهية.
 
باختصار وبلا مواربة، على الإخوان تقديم مصلحة الوطن والناس على مصلحة الجماعة، عليهم أن يكتفوا بدور الجماعة في الدعوة ويخرجون-كجماعة- من عالم السياسة، على أن يكون من حق التيار الإسلامي ككل إنشاء أحزاب تعبر عنهم، شريطة عدم الخروج على دستور الدولة إذ إنهم جزء لا يتجزأ منها كما غيرهم، وتقديم حلول لمشاكل الدولة عن طريق برنامج واضح يبتعد عن الشعارات الدينية حتى لا يختلط الديني بالسياسي، والكف عن حماقة الخلط بين دستور الدولة وبرنامج الحزب وبين الشريعة الإسلامية.
 
كما أسلفت، تلك كانت محاولة للفهم أكثر منها محاولة لملء الفراغ الذي أحدثه موت السياسة بفعل الضربات الأمنية المتلاحقة على الأحزاب والكيانات الشرعية. بوضوح شديد، الكرة الآن في ملعب جماعة الإخوان لضرب مثل عظيم في البعد عن الذاتية، وإعطاء القدوة والمثل لغيرهم ممن تبقوا في العالم. منطقتنا هي البقعة المظلمة الوحيدة الباقية التي يحكمها الچنرالات، بعد أن تخلصت أفريقيا جنوب الصحراء من كابوس الانقلابات العسكرية.

 

فهل يفعلها الإخوان؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.