شعار قسم مدونات

كرة القدم.. عالمها الخفي وجانبها المظلم

BLOGS كرة القدم

لكل شيء جانب مضيء مفرح يقابله وجه سيّء شديد الظلمة وكرة القدم لا تعتبر استثناء هنا، اللعبة الأكثر شعبية في العالم تتميز بكونها عطر تستنشقه الشعوب لتستمتع بجمال ما يرسمه نجوم معشوقتهم على أرضية الملعب وألقاب تلامس قلوب المحبين قبل أن تعتلي منصات التتويج تلك جمالية كتبت أجمل الصفحات في سجلات التاريخ. جانب مضيء من تاريخ كان قد كتب يقابله آخر غامض وشديد السواد وأمور تدار خلف الكواليس من أصحاب النفوذ لدوران عجلة مصالحهم مع كل دقيقة تدور ثوانيها في أروقة ومسارح كرة القدم. مراهنات وصفقات مشبوهة تلتها أعمال احتيال ممنهج وشراء ذمم لتغليب مصلحة طرف على طرف آخر دون أحقية ملموسة، تلك كلمات سردت لملامسة واقع أليم عصف بأناس في ماضي قد عبر ويواصل إقصاء آخرين في حاضر نعيشه رغم تحضره إلا أن عقدة الاستفادة الشخصية لم تكد تفك إلا وزادت تعقيدا.

في ثلاثينات القرن الماضي بطولة عالمية احتضنت الأورغواي أول نسخها لتكون سنة 1934 موعدا مع تتويج إيطاليا بأول ألقابها العالمية والتي كان يحكمها آنذاك الدوتشي موسيليني حيث فرض على لاعبي منتخب الأزوري تأدية التحية الفاشية قبل انطلاق كل لقاء علاوة على تهديد وصفه موسيليني بتحفيز وتشجيع حين أبلغ مدرب المنتخب الإيطالي فيتوريو بوزو عليك أن تفوز بكأس العالم وإلا فليكن الرب في عونك إضافة إلى انحياز إيفان إيكلند الحكم السويدي للطرف الأزرق والذي كان وقتها مقرباً من بينيتو موسيليني والذي أدار اللقاء النهائي أمام تشيكوسلوفاكيا واستمرت لغة التهديد إلى النسخة التي بعدها والتي تزينت فيها البطولة العالمية بألوان موسيليني إيطاليا.

ولأن الشيء من مأتاه لا يستغرب فرانكو ديكتاتور إسبانيا استخدم كرة القدم كأداة ترويجية لإسدال الستار على جرائمه فجعل من ريال مدريد غطاء يستخدمه للتقرب من أوروبا بعد نبذ إسبانيا بسبب الحرب الأهلية وللضغط على معارضيه من إقليم كاتالونيا والتي كان أبرزها كما جاء في كتاب ريتشارد فيتزباتريك بعنوان كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة بأن فرانشيسكو فرانكو استخدم لهجة التهديد المبطن لسقوط برشلونة في إياب نصف نهائي الكأس بنتيجة عريضة قوامها 11-1 وتصريح وزير خارجيته بأن ريال مدريد أفضل من أي سفارة.

أحداث مؤلمة دونتها سجلات تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم ورغم اختفاء أمور كالتهديد والقتل بشكل أقل من سابقه ولكن ما يبدو مستمرا هو التلاعب بألقاب فردية وجماعية لإرضاء أصحاب النفوذ

سنوات مضت لتأتي أخرى ويتكرر هذا الواقع ولكن بأشكال أكثر احترافية أشخاص بالتفكير ذاته ولكن بوجوه هي غير الوجوه امتهنت إبرام صفقات كبرى تحت مسميات تعددت من إدارة شركات مراهنات إلى رئاسة أندية واتحادات وعندما نتحدث عن المراهنات لعل أبرز شيء يتبادر إلى الذهن مقتل مدافع منتخب كولومبيا أوسكوبار سنة 1994 والذي لقى مصرعه بست رصاصات إثر تسببه في خروج منتخب بلاده من مونديال الولايات المتحدة الأمريكية بعد التسجيل خطأ في مرماه وخرجت رواية للعلن بأن التعصب الكروي هو ما أدى إلى مقتل أوسكوبار ولكن ما بدى أكثر دقة هو تورط الشقيقين جالون وهما رجلا عصابات كانا قد راهنا على تتويج كولومبيا باللقب العالمي والذي كان آنذاك يضم نخبة من النجوم وتم تصفية أوسكوبار عقابا على خسارتهم بعد الكشف عن بيانات السيارة التي كان يقودها القاتل والتي تعود ملكيتها للأخوين جالون.

أحداث مؤلمة دونتها سجلات تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم ورغم اختفاء أمور كالتهديد والقتل بشكل أقل من سابقه ولكن ما يبدو مستمرا هو التلاعب بألقاب فردية وجماعية لإرضاء أصحاب النفوذ ولمصالح شركات عالمية كبرى من جائزة أفضل لاعب في العالم إلى منح شرف تنظيم كأس العالم ومنح ألقاب قارية بتمرير صفقات تحت الطاولة ولعل أبرز المتهمين في قضايا فساد واستغلال لمناصبهم السويسري بلاتر والفرنسي بلاتيني بالإضافة إلى 7 مسؤولين كبار بالفيفا وكذلك رئيس اتحاد الكرة الإسباني أنخيل ماريا فيار وإفريقيا أكثر من يتمتع بهذه الصفات حيث يبرع فيها حكام القارة السمراء في منح الألقاب لمن يدفع أكثر وتعدد الأحداث وما أكثرها والتي آخرها تورط ما يقارب 100 شخص ما بين حكم ومسؤول رياضي في قضايا فساد وتلقي رشاوى للتلاعب بنتائج مباريات محلية وقارية.

صناعة الأحداث وترتيبها بحيث تكون المنفعة الشخصية هي المحرك الرئيسي بغض النظر عن إعطاء الحق لذويه سنياريوهات كتبت مسبقاً ليتم تنفذها في وقتها المحدد هكذا أصبحت كرة القدم ولو جزئياً. جانب مظلم شوه من جمالية كرة القدم وغير كفة الموازين في العديد من الأحيان وتستمر محاولات عدة للتقليل من هذه التصرفات لأن القضاء عليها هو ضرب من الخيال لتكون المحصلة النهائية واقع مضيء يزين سماء الكرة العالمية كواليسه أيدي خفية تحرك مسارات الأبطال وإن أخطأت في إحداها ما لبثت أن تنجح في أخرى.