شعار قسم مدونات

كسروا حاجز الخوف والقمع.. لماذا انتفضت الضفة الغربية؟

blogs - الضفة الغربية

لم يكن تصعيد الاحتلال ضد غزة قبل شهر، سوى حافز لأبناء الضفة الغربية لسير في العمل المقاوم، ومع ظهور الأسطورة أشرف نعالوة ونجاح في تخفي جعل ثائر الفلسطيني يحدد أهدافه. ومع وجود أمثلة سابقة للعمل المقاوم الناجح في الضفة الغربية – مثل عملية نابلس قبل أكثر من عامين – ونشات ملحم وأحمد نصر جرار.. أصبح الشباب أكثر فهم لكيفية إدارة المعركة، وكيف يجب أن تكون أشكالها، فكانت عملية عوفرا قبل أيام مثال على شكل المرحلة القادمة، تلاها في اليوم التالي عملية إطلاق نار أخرى قرب بيرزيت.

ومع تصاعد في البحث الاسرائيلي وتمكن في الوصول إلى منفذ الهجوم صالح البرغوثي، لم تمر اثنا عشر ساعة حتى كانت العملية الثالثة في قلب القدس، تتبعها عملية إطلاق نار قرب سلواد، المصطلح الذي يمكن أن يُستخدم هو الضفة تنتفض. إن المارد الذي بدأ يتحرك في الضفة سيقودها خلال أيام قليلة، وإذا ما استفاق لن يوقفه لا تنسيق أمني مقدس، ولن يقف في وجه البطش الأمني الإسرائيلي. المرحلة القادمة هي مرحلة حاسمة في الساحة الفلسطينية، الشارع ينتفض ليس على المحتل فقط، وإنما ينتفض ضد كل ما خلّفة الاحتلال، وضد كل ما خلفه اتفاق أوسلو.

الشعب كسر حاجز الخوف من قولة كلمته، وتعبير عما يجول بخاطره، لن يخفى على أحد أن ما تريد السلطة من تمريرة من قوانين يرفضها الشارع الفلسطيني، مثل حل المجلس التشريعي، وتعنت الرئيس التفرد بالقرار السياسي، والتزام بمشروع سياسي لا يحظى برضى أو موافقة حتى من أنصار الرئيس. ويزيد على ذلك تعنت في تمرير قانون الضمان الاجتماعي، الذي تسبب في خروج الآلاف إلى الشارع وتظاهر ضد القرار.

الأيام القليلة تفصلنا عن تاريخ جديد للقضية الفلسطينية، ومع المقاومة التي لا يختلف عليها أبناء الشعب الفلسطيني، تتحقق الوحدة الوطنية بدون اتفاقيات أو مراسيم، بدون اجتماعات وتحضيرات، بدون شروط مسبقة وقبول أو رفض.

إن حالته التعنت والاستفراد بالقرار السياسي في الضفة الغربية، أفقد القيادة – وعلى راسهم رئيس منظمة التحرير محمود عباس – كثير من الحلفاء والأنصار، وساهم في حالة التمرد ورغبة في التغيير، الشاعر الانت ينتفض، وحماس تقود هذه الانتفاضة في هذه المرحلة. ولا يخفى على أحد أن هذه القيادة منقوصة، فحماس لا تملك القاعدة المناسبة لهذه القيادة. وذلك بسبب الانقسام الفلسطيني، وحل معظم أجنحتها ومؤسساتها في الضفة الغربية. ولكن عودتنا حماس على المرونة العالية، وقدرتها الكبيرة على التكيف، ستنجح حماس خلال أيام في إعادة بناء معظم أُطرها، وستعود إلى قيادة الساحة بشكل المطلوب مع بدء المواجهة الشاملة بين أبناء الضفة الغربية وجيش الاحتلال.

لن تبقى القيادة لحماس في الضفة الغربية، ومع فشل مشروع رئيس منظمة التحرير محمود عباس، ستنطلق العديد من الفصائل الفلسطينية من أجل قيادة الانتفاضة. ولن تتأخر حركة فتح عن هذا المحاولة، بل ستكون حركة فتح السباقة في ذلك، فحركة فتح تملك القاعدة المناسبة في الضفة الغربية، ولديها كادر مناسب للعمل العسكري في الضفة الغربية. والأهم من ذلك لديها العناصر التي باتت ترفض أوسلو وتعتبره خطأ تاريخي يجب التكفير عنه، والأهم ما في فتح عدم مركزيتها الذي سيسمح لعناصرها بالانخراط بتصعيد انتفاضة الضفة الحالية. الأيام القليلة تفصلنا عن تاريخ جديد للقضية الفلسطينية، ومع المقاومة التي لا يختلف عليها أبناء الشعب الفلسطيني، تتحقق الوحدة الوطنية بدون اتفاقيات أو مراسيم، بدون اجتماعات وتحضيرات، بدون شروط مسبقة وقبول أو رفض.

أثناء كتابتي هذا المقال وصل خبر عملية جديدة  – عملية دهس قرب البيرة – مما يؤكد أن الشعب أخذ على عاتقة زمام المبادرة والتحدي. لن ينتظر طويلاً، إذا لم تتكيف حماس بشكل سريع وأعادت ترتيب صفوفها من أجل قيادة المرحلة القادمة، وإذا ما بقيت القيادة الفلسطينية متمثلة بشخص رئيس منظمة التحرير محمود عباس في حالة تعنت.. وإصرار على استكمال مشروع التنسيق الأمني المقدس، فلن يبقى الشعب صامت، سيتحرك وبشكل فردي.

الشباب الثائر في الضفة الآن، لن يقبل الخنوع أو السكون، لن يقبل حالة العربدة التي تمارسها دولة الاحتلال والمستوطنين على أرض الضفة الغربية. بدأت المعركة وتحرك الشعب ولا أعتقد أن بإمكان دولة الاحتلال وقف التحرك الحالي، وكذلك لن يتمكن أتباع التنسيق الأمني من ضبط الوضع.. من يريد أن يقود الشارع الضفاوي عليه أن يلحق بهم، بل عليه أن يسبقهم إلى ساحات الاشتباك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.