شعار قسم مدونات

اختطاف جنوب اليمن.. هكذا تصنع الإمارات استعمارها الأول

blogs الإمارات باليمن

في 26 مارس 2015م انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية للدفاع عن شرعية هادي بهدف إضعاف جماعة الحوثي، التي ترى السعودية بأنها تشكل خطرا كبيرا عليها. المملكة العربية السعودية اشتد خوفها من جماعة الحوثي بعد تنفيذ الجماعة مناورة عسكرية في الثاني عشر من مارس 2015م، في منطقة كتاف القريبة من الحدود السعودية في محافظة صعدة شمالي البلاد، الأمر الذي دفع بالسعودية إلى تجهيز خطة سرية للتدخل الجوي في اليمن، حتى تستطيع حماية حدودها وإيقاف توغل الحوثي وسيطرته على الدولة التي كانت حليفة السعودية منذ عشرات السنين، حسب مصادر سعودية.

لم يكن هناك أي دور ظاهر لدولة الإمارات في هذا التحالف في البداية، حيث كان الدور الأبرز هو للسعودية، أما الإمارات فكان دورها كدور باقي الدول الأخرى. لكن بعد وضوح سياسة الملك سلمان التي خالفت سياسة الملك عبدالله ومن كانوا قبله، والتي كانت تقترب جدا وبسرعة عالية من جماعة الإخوان المسلمين في العالم، وذلك من خلال التحركات التي أجراها الملك سلمان مع قيادات من أجنحة الإخوان من بعض الدول، كاستضافة رئيس حركة حماس السابق خالد مشعل في 2015/7/17م في مكة، وكذلك استقبال قائد حركة النهضة في تونس في 2016/7/3م، إلى جانب لقاء جمع الملك سلمان بالدكتور يوسف القرضاوي رئيس رابطة علماء المسلمين، الأمر الذي عكر مزاج الإماراتيين، وجعلهم يخمنون بأن السعودية تذهب من يد الأمريكان وغيرهم.

 

لتجسد المملكة ذلكم التخمين بتجاهل الملك سلمان للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وعدم استقباله بشكل لائق أثناء وصوله الرياض للمشاركة في القمة التي عقدتها دول مجلس التعاون الخليجي في 2016/4/20م حيث استقبله أمير منطقة الرياض ووزير الخارجية عادل الجبير، وذلك بعد قليل من بث التلفزيون السعودي استقبال الملك سلمان لزعماء قمة الخليج في نفس المطار، إلى جانب الاحتفاء بالرئيس التركي طيب رجب أردوغان من قبل الملك سلمان.

استفادت الإمارات من تواجد نجل الرئيس اليمني السابق أحمد على عبدالله صالح في أراضيها واستغلت هذه النقطة بشكل كامل، فنسَّقت مع العميد أحمد علي نجل صالح، ليقنع والده بالانسحاب من محافظة عدن وتسليمها للإمارات

تسابقت الأيام، وقرر النظام الإماراتي إزاحة الملك سلمان بأي شكل من الأشكال لأنه يشكل خطرا عليهم، ليس للمصلحة الإماراتية، بل للمصلحة الأمريكية الخارجية، وكأن مهمة النظام الإماراتي هي الحفاظ على السعودية حتى تبقى دومًا في يد الماسونيين كما هو الحال مع الإمارات الآن. فأول حركة قامت بها أبو ظبي، هي الظهور بقوة في تحالف الحرب في اليمن، وبالتالي تشتيت وتتويه المملكة وتعطيل دورها بشكل غير مباشر وإبعادها عن امتلاك زمام الأمور وإصدار القرارات بالنسبة لليمن.

استفادت الإمارات من تواجد نجل الرئيس اليمني السابق أحمد على عبدالله صالح في أراضيها واستغلت هذه النقطة بشكل كامل، فنسَّقت مع العميد أحمد علي نجل صالح، ليقنع والده بالانسحاب من محافظة عدن وتسليمها للإمارات وليس لهادي، مقابل التزامات عرضتها عليهم الإمارات، بعودة أحمد علي إلى الحكم من وجهة نظر سياسيين ومراقبين. يبدو بأن صالح اقتنع بهذا العرض، وأمر بسحب قواته من مدينة عدن وقاعدة العند، لتعلن حكومة هادي استعادة مدينة عدن في 2015/7/17م قبل يوم واحد من عيد الفطر المبارك. جندي في الأمن المركزي يقول: جاءتنا أوامر من الزعيم مباشرة بالانسحاب بأسلحتنا الشخصية من قاعدة العند، وكنا نرى الحوثيين يموتون أمام أعيننا، لأنهم لم ينسحبوا، ولم تأتهم أوامر بالانسحاب من قاداتهم. سيطرت الإمارات على عدن بالاتفاق مع صالح ليكن مقاتلو الحوثي مجرد ضحايا تم الزج بهم في حرب استلم صالح مقابلها، ليكن الهدف الآخر الذي كسبته الإمارات هو إضعاف التواجد والقرار السعودي بعد استلامها عدن.

كان اليمنيون جميعًا يظنون بأن الإمارات ستحول عدن إلى محافظة مثالية تنعم بكافة الخدمات والمشاريع، لكن الهدف كان مختلف، فقد استلمت الإمارات عدن لتخريبها وإضعافها وليس لبنائها، فقد ضغطت على هادي بتعيين مسؤولين موالين لها في عدن، وذلك بعد اغتيال المحافظ جعفر محمد سعد 2015/12/6م، الذي تورطت آيادي الإمارات في عدن باغتياله بحسب مقربين من المحافظ، وكذلك بعد التخلُّص من المحافظ الآخر نائف البكري، بقرار رئاسي بعد محاولة اغتياله لمرات. أتى عيدروس الزبيدي (اليد الطولى للإمارات) محافظا لعدن، وبقي شلال شائع مديرًا لأمن المحافظة، لتشهد عدن مسلسلات يومية من الاغتيالات والاختطافات والقتل والتعذيب، حيث كان الحزام الأمني بقيادة هاني بن بريك رجل الإمارات الأول في عدن، هو الأكثر عدوانية في المحافظة، وكل ذلك بتوجيهات من النظام الإماراتي حسب وسائل إعلام مختلفة.

لم تكتف الإمارات بذلك، بل كانت قد دفعت بخالد بحاح رئيسًا للحكومة سابقًا، وأجبرت هادي بتعيينه نائبًا لرئيس الجمهورية، لكن هادي أدرك ذلك فيما بعد، ليصدر قرارا رئاسيا بإعفاء خالد بحاح من منصبيه، وكذلك إعفاء محافظ عدن عيدروس الزبيدي وتعيين الدكتور عبدالعزيز المفلحي خلفا له بفترات متباعدة، الأمر الذي جعل الإمارات تتخذ قرار الحرب على الرئيس هادي. في 2017/7/29م حرَّضت الإمارات عيدروس الزبيدي على التمرد على قرار هادي، من خلال عدم تسليم مقر المحافظة في عدن للمحافظ الجديد، واقتحام بعض المؤسسات الرسمية، لينته التمرد بحسم القوات الرئاسية للوضع بعد التعامل مع التطورات بجدية تامة.

ما زالت الإمارات في عدن، وما زالت تحيك المؤامرات، لكن محاولاتها باءت بالفشل، لكنا قررت كذلك دعم عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك لتأسيس مجلس انتقالي يطالب بالانفصال بالقوة، وذلك بالتعاون مع مدير أمن عدن شلال شائع، وكذلك قيادات عسكرية غير مؤهلة قامت الإمارات بتجميعها بالمال لإثارة الفوضى والعمل على عدم استتباب الأمن في عدن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.