تفكرت في علاقاتي مع من حولي فوجدتها تتنوع تنوعا عجيبا، وإن اشتركت في أصل الحب والمودةِ لهم، فمن العلاقات ما هو متقبل بل قد لا تستطيع أن تستغني عنها أبدا، وفي المقابل هناك علاقات مرهقة بحق يضيع معها الحب والجهد والوقت، وما لاحظته أنها مشتركة إلى درجة كبيرة أكثر من العلاقات الإيجابية، وهذا ما دفعني للحديث عنها:
أولاً: سيء الظن، هو شخص يرى أخلاقه فيمن حوله، وطباعه في الناس، فهذا يُنصح بوجوب حمل التصرفات على حسن الظن، فإن استجاب كان به، وإلا فلا خير لك في إبقاء العلاقة معه، لأنه سرعان ما ينقلب عدوا ويفجر.
ثانياً: من تحتاج معه لتوضيح الواضح، هو في الغالب شخص تقل بينكما الاهتمامات المشتركة، فهذا تحتاج معه لوضع قاعدة متفق عليها ومشتركة تُحترم لتبني عليها تعاملك معه.
ثالثاً: من تحتاج معه للتبرير دائما، هو شخص في الغالب لا يثق فيك، وربما يعود الخلل من ضعف ثقته بنفسه، فهذا تحتاج معه لإيقاف نزيف التبرير، فلا تبرر له شيئاً قط، بل انصحه وساعده على أن يثق فيك بحسن تصرفك.
رابعاً: من يعاملك معاملة المسؤول عن تصرفاتك، هو إنسان سلطوي، أو ضعيف يداري ضعفه بسلطويته، فهذا ينبغي أن نُعٙرّفه أنه ليس مسؤولا إلا عن نفسه، وما جعله الله واليا عليه، وربما احتجنا لإحراجه ليلزم مكانه.
السوداوي المتشائم، هو شخص يحمل الدنيا فوق كتفه، وينظر دائما للنصف الفارغ، فهذا يحتاج إلى تعلم الصبر وموازنة الأمور، والمراوحة بين الواقع والمثال، وتزكية القلب ليصل لدرجة التسليم لله |
خامساً: مفرط الحساسية، هو شخص متعلق بالناس، وربما ثقته في الله ضعيفة، ينقلب مزاجه بسرعة، وربما يأخذ جانبا دون أن تدري سببا واضحا، وهو غالبا ينتظر منك مصالحته على أمور لا تدري ما هي، فهذا يُترك ليتعلم مع الوقت أن يعبر عما يغضبه بوضوح، وحتى لا يميل مع كل إحساس يأتيه فيصدقه، ليتعلم كيف يروض نفسه، وأن يكون معتدل المزاج، يراوح بين قلبه وعقله، ويحتاج إلى التزكية ليتعلم الاستغناء بالله عما سواه.
سادساً: من يحبك لدرجة التحكم، هو شخص في الغالب يحب أن يملكك، فهو لا يحبك بقدر ما يحب نفسه، لأنه يتألم بالترك، ويشعر بخيبة الأمل والإحباط، لذا يحاول دفع هذا الشعور بمزيد من الاهتمام خوفا من التفلت من بين يديه، وهو كثير في النساء مع الأزواج، والآباء مع الأبناء، فهذا نحتاج معه إلى تعريفه أن للكون رب، كل شيء بيده، وأنه وحده المحاسب والرقيب، وأن ما يفعله يزيد من نفور الناس لا قربهم، ويحتاج للتزكية ليتخلى عن التسلط.
سابعاً: من يفكر بصوت مرتفع، ويشاركك هموما لا تفهم منها شيئا، هو في الغالب شخص لا يعرف ماذا يريد تحديدا، فهذا نشفق عليه ونمنعه من تطويل الكلام حتى يتعود التفكير وترتيب الكلام قبل النطق، حتى لا يرهق من حوله فينفرون منه، ويتزكى ليصل لفضائل الصمت.
ثامناً: المتكبر، الذي يظن أنه منحة السماء لأهل الأرض، هو إنسان معجب بنفسه بفعل التربية، أو أن أحدهم قد خدعه وزين له أنه مهم في التاريخ، وغالبا ما يكون مميزا، ونرجسيا، فهذا يُعامل بما يليق بحاله ولا يُعبأ له كثيرا، ولا نمدح تصرفاته لأننا بذلك نزيد مرضه، ونتجاهله ليشعر أنه ليس محور الحياة، وحتى يتعلم مراعاة من حوله، ويحتاج للتزكية ليصل لدرجة التواضع، ولا نخجل من إحراجه أحيانا.
تاسعاً: السوداوي المتشائم، هو شخص يحمل الدنيا فوق كتفه، وينظر دائما للنصف الفارغ، فهذا يحتاج إلى تعلم الصبر وموازنة الأمور، والمراوحة بين الواقع والمثال، وتزكية القلب ليصل لدرجة التسليم لله.
عاشراً: كثير اللوم والعتاب، هو شخص يحبك أو هو سوداوي يحب اجترار الماضي ليحزن، لأنه يشعر في الحزن بالمظلومية والسلوة، وهذا كثير في النساء، فهذا نوقف له سيل اللوم، ونعلمه كيف يتجاوز الأمور ولا يقف عندها كثيرا.
وبالنهاية لا يسعني القول إلا أنه يجب عليك اعتزال ما يؤذيك، فلا تشوش عقلك بتنوع العلاقات والطبائع، فسبحان من نوع الخلق، والخالق واحد، ووزع الأرزاق وهو وحده الرزاق، فلا تأسى كثيرا واعتزل ما يؤذيك ويأذي قلبك.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.