شعار قسم مدونات

ما بين كتيبة هواري بومدين وكتيبة السيد منشار!

blogs ترمب و بن سلمان

قبيل افتضاح أمر السيد منشار العظم، كان أمير الظلام السيد سعود القحطاني يوجه ذبابه بشن حملة في الفضاء الإلكتروني لتخوين الفلسطينيين والترويج للتطبيع، عبر نشر مقولة أن الفلسطينيين باعوا أرضهم، وأن إسرائيل مظلومة وفلسطين ظالمة، لكن اعتراف "أمير المؤمنين" ترمب بأنه لولا السعودية لكانت إسرائيل في خطر يكشف دون أي التباس من الذي باع ومازال يبيع فلسطين.

 

وفي الوقت الذي كان فيه القحطاني ببث سمومه من وراء حجاب بعد غزوة القنصلية، كانت غزة تحقق انتصارا آخر، يصفق له العرب الاحرار، لتثبت نظرية بومدين وتسقط نظرية أبو منشار، فالعرب مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وكما خرج بومدين في العام ١٩٧٣ معلنا عصيان مناخات الهزيمة والانكسار ورفض المناورة والبيع والشراء لقضية فلسطين، خرجت غزة منتصرة في كسرها لكتيبة التجسس والاغتيال الصهيونية وهروبها، ونال المنشار ومتصهينو العرب الخزي والعار.

 

وبمقارنة الأوامر التي أصدرها المجاهد هواري بومدين للجيش الجزائري المتجه لمصر بتلك التي صدرت لكتيبة غزوة القنصلية يتضح الفرق بين زمن العزة والمروءة العربية وزمن الخزي والانكسار، "أنتم ذاهبون لمصر لمساندة إخوانكم في حربهم ضد الصهاينة.. فإما النصر أو الاستشهاد.. من مات فهو شهيد ومن رجع حيا فهو مجاهد"(هواري بومدين)، بمقابل تلك المهمة التي أرسل لها السيد منشار ١٥ شخصا من "النخبة" بطائرتين مجهزتين بمناشير وحقن، يمكنا فهم الفارق بين الزمنيين، كما يمكن استخلاص من الذي كان قوميا وفيا لفلسطين، ومن الذي نشر ابن بلاده قبل أن يواصل مسيرته غير المباركة في بيع فلسطين، ومحاولة تمرير صفقة القرن.

إعلان

 

يخطأ هؤلاء القادة عندما يتصورون أن شعوبهم يمكن أن تتقبل فكرة تجريم فلسطين وشطبها من وعيهم العربي والإسلامي، فلا يمكن أن يكون الذباب الإلكتروني الذي يقود هذه الحملة معبرا عن الرأي العام الحقيقي

نعود لترمب وشهادته غير المجروحة في السعودية الجديدة، فإن تلك الشهادة تبين خطورة المشروع الذي يقوده ولي العهد السعودي، وامتداداته الإقليمية والدولية، ترمب قال "إذا نظرت إلى إسرائيل بدون السعودية فستكون في ورطة كبيرة. ماذا يعني هذا؟ هل على إسرائيل أن ترحل؟ هل تريدون رحيل إسرائيل؟"، تساؤلات ترمب تكشف حقيقة أن المشروع السعودي الجديد للأسف أصبح عرابا وقائدا لمشروع التطبيع العربي الإسرائيلي، وفي القلب منه شطب القضية الفلسطينية كمتطلب ضروري لإنفاذ صفقة القرن، ويتطلب انفاذها أولا نزع القضية الفلسطينية من الوعي الجمعي العربي عبر ترويج بعض الأفكار المظللة التي يعول عليها أصحابها اقناع الشباب العربي بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم وأن المشكلة فيهم وليست في إسرائيل التي تجهد للوصول للسلام بمقابل تعنت فلسطيني، وهذا يفسر الهجمة غير المبررة للمغردين السعوديين والخليجيين خلال الشهور التي سبقت غزوة المنشار، والتي تبين المواقف الأخيرة حقيقة أنها  كانت تأتي في سياق المشروع الأكبر وهو تطبيع خليجي إسرائيلي كامل وتحالف" صهيوأمريكي عربي- الناتو الجديد ".

ويتبين هدا بجلاء من حديث ترمب، وكذلك تصريحات تركي الفيصل الأخيرة في واشنطن عن حتمية التعاون مع إسرائيل بمواجهة ايران، وزيارات الوزراء الصهاينة ورئيسهم لعواصم خليجية، كل هذه المعطيات تؤكد بأن هناك قرارا مسبقا بالتطبيع الكامل مع إسرائيل والتحالف معها بمواجهة إيران، إذ يعتقد محمد بن سلمان وحلفاؤه بأن الطريق الوحيد للحفاظ على كراسيهم  يتم عبر التحالف مع تل أبيب لإرضاء أمريكا أولا، وثانيا لمواجهة الخطر الإيراني، ولتحقيق ذلك لا بد أولا من شطب القضية الفلسطينية من الوعي الجمعي العربي، وتأسيس "الناتو العربي الصهيوني".

 

يخطأ هؤلاء القادة عندما يتصورون أن شعوبهم يمكن أن تتقبل فكرة تجريم فلسطين وشطبها من وعيهم العربي والإسلامي، فلا يمكن أن يكون الذباب الإلكتروني الذي يقود هذه الحملة معبرا عن الرأي العام الحقيقي والوطني والشريف الذي يعبر عنه عموم أحرار الخليج، ففلسطين في السعودية والامارات وباقي دول الخليج هي مكون رئيس من مكونات الشباب الخليجي، وفي بلاد الحرمين نشأ الجيل هناك قبل ابن سلمان على أن الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وأنه مقدس كمكة المكرمة، ولا يمكن أن ينجح ابن سلمان وترمب وزوج ابنته كوشنير في عملية غسيل الدماغ التي يسعون لها بشطب فلسطين من الذاكرة والجغرافيا، باختصار شديد ليس فقط لأنهم لا يملكون ذلك، بل لأنهم لا يعرفون شعوب المنطقة، فتاجر العقارات ترمب وزوج ابنته لا يدركان معنى فلسطين في ذاكرة ووعي الشعوب، أما ولي العهد السعودي عراب مشروع صفقة القرن فلا يدرك أن  مئات أضعاف الأموال التي اشترى بها ترمب لا يمكنه بها شراء حذاء طفل فلسطيني يصر يوميا على الدعس على علم المحتل ومن يتعاون معه أو يناصره.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان