شعار قسم مدونات

كش ملك!.. لقد قُتلت كرامتنا على مقصلة أوطاننا

blogs شطرنج

عندما اعتقدنا أن الرؤساء العرب وديكتاتوريتهم لن تصل لأقصى مما وصلت إليه من كبت وانعدام للحريات وقتل للإبداع وخنق للصحافة والصحافيين حتى شاع وانتشر خبر اغتيال الصحفي خاشقجي الذي أعدمه إخوته وأبناء بلده بالتقطيع ولم يمنحوه حتى حق الدفن ولم يلتزموا بتعاليم الدين الحنيف الذي يدعون أنهم حماته ويستعملون شهادة الله على علمهم ويروجون للعالم أنهم سيف الله المسلول في عالم لم يعد يسير على تعاليم الدين الإسلامي الصحيح.

لا أتعجب من الطبيعة الإنسانية ولا أتعجب مما قد يفعله الإنسان خاصة إذا ما امتلك القوة والسلطة والمال وإذا كانت كل هذه أدوات بيد جاهل وشخص صعد نتيجة سحق من هم أولى منه، وتربى على يد أب احتل العرش وجلس عليه سنين طويلة حتى كاد الكرسي ينطق بالملل ويكفر بما يراه. ظن العالم وأنا كنت منهم أن خروج الأمير سيعني ضخ دماء جديدة شابة للحكم وأنه سيكون هناك تغييرات وتطورات في الشأن السعودي ولكن يبدو أن الأساليب لا تتغير وإنما هي القشور التي تتبدل ولا تغيير سيطرأ على الداخل ولا النفوس وستبقى السلطة بيد الرؤساء والقادة العرب شوكة في حلق العباد والمواطنين العرب.

إن المشاهد العربي يجلس أمام صفحات التواصل الاجتماعي مكذباً لما يرى ومصدقاً في نفس الوقت، نكذب لأننا نتمنى أن العالم يسير إلى الأمام كما هو الحال في جميع أنحاء العالم ولكننا مصدقين لأننا تربينا في بيئات مشابهة وكل مواطن عربي يعلم تماما أن التعبير عن الرأي ليس حق لك إن كنت في وطنك وإن الذين تصدح أصواتهم بالكتابة ونقد السياسات لا بد أن يكونوا قد اختاروا الغربة والجلوس بعيدا كمتفرجين وناقدين ولكنهم يعلمون علم اليقين أنه بمجرد أن تخطو أقدامهم أرض وطنهم سيتم إعدامهم كما أعدم خاشقجي وإن لم يقتلوا جسدا فسيكون تكتيم أصواتهم وقتل أرواحهم الخيار الثاني وتهديدهم بأعز ما يملكون.

المواطنين العرب ليتعجبوا كل العجب عندما تطأ أقدامهم أراض دول أخرى عندما يجدون أن الحيوانات لها حقوق وأن من حقها الحصول على امتيازات معينة لأنها خلقت على هذه الأرض بينما يفتقر الإنسان لهذه الحقوق في بلادنا

لقد تعلم قادتنا والسياسيين على يد الانتداب، الذي جاء للبلاد مدعياً نشر الثقافة والتطور وبرر سرقته لخيرات البلاد وتجبره أنه يعمل على تحسينها وتطويرها فكان المنتدبين يتخذون من سكان المناطق التي تقع تحت سيطرتهم عبيداً لهم وإن كان الانتداب قد انتهي إلا أنه ترك إرثا دائم ونرى ذلك في خطاب السياسيين والقادة، خطاب تكسوه علامات الاستعلاء والاستهتار والتعامل مع عامة الشعب وكأنهم رعاة وبربرة ويحدثونهم بكذب وافتراء وأيديهم ملطخة بالدماء والفساد يقطر من جبينهم.

إن الرئيس الأمريكي ترمب وإن كانت سياسته غريبة عن بقية الرؤساء الأمريكيين السابقين له ولكنه يتعامل مع شعبه باحترام لأنه يعلم علم اليقين أن أمره بين أيديهم ويعلم إن بإمكانهم إزاحته عن كرسيه وإن تجبره وقوته لن تحمي له مكانه بينما الرؤساء والقادة العرب يعلمون أن مكانهم محفوظ وأن الشعب هو وقود الحفاظ عليه وأن ولاء التابعين سيضمن لهم البقاء والاستمرارية فتراهم يصعدون بإلقاء خطابات لا معنى لها بأساليب كمن يتعامل مع قاصرين وأشخاص غير قادرين على الفهم ولم يعلم القادة أن شعوبهم تتجه للأمام وأنهم مازالوا بالخلف يسيرون على خطى ممن سبقوهم وهذه أول المسامير في نعشهم ونعش وجودهم وإن لم يسقطهم جيلنا فلن يستطيعوا الصمود أمام الأجيال القادمة.

لا تجد في الدول العربية أي اعتبار لأرواحنا وحياتنا وحين يضج العالم والإعلام عن مقتل شخص يحمل الجنسية الأمريكية أو أي جنسية أخرى من الدول التي تهتم بمواطنيها، إن المواطنين العرب ليتعجبوا كل العجب عندما تطأ أقدامهم أراض دول أخرى عندما يجدون أن الحيوانات لها حقوق وأن من حقها الحصول على امتيازات معينة لأنها خلقت على هذه الأرض بينما يفتقر الإنسان لهذه الحقوق في بلادنا، فأنت بمجرد موتك على طاولة أحد الأطباء أو أن تموت نتيجة حادث سير أو اعتداء ستنتهي حياتك وقصتك ولن يحصل شيء للجناة وستستمر الحياة كما كان، فيا رخص أرواحنا.

ضاقت بنا أوطاننا وأصبحت الهجرة تعن على بالنا ونتطلع لحياة خالية من الظلم وكبت الحريات ولكننا نعلم جيداً أن بلاد العالم الأخرى ستعرضنا للعنصرية ولكن عنصرية الغريب أهون من ظلم وجبروت ابن وطني وديني ونعلم أن لأبنائنا علينا حق أن نؤمن لهم حياة كريمة وأن نضمن كرامتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.