شعار قسم مدونات

كيف سيؤثر مقتل خاشقجي على المسلمين في الغرب؟

blogs خاشقجي

تقريباً لا أذكر أني أنبست ببنت شفة في مجلسي وسط عائلتي عن موضوع مقتل خاشقجي.. كان الصمت هو الملاذ. فالإعلام الأمريكي كان كفيلاً بوأد أي محاولة لتبرير الجريمة أو لإيجاد عذرٍ أو حتى لفصلٍ بين الدوافع الشخصية والدلالات الدينية. صمت وأنا اقرأ تساؤلات في عيون أبنائي.. (هل ممكن أن تصل البشاعة لمثل هذه الدرجة؟ لم أقرأ في عيونهم (هل فعلوها أم لا؟) فالأمر عندهم كان محسوما بالأدلة التي يسربها الإعلام التركي للصحف الأمريكية ومنه إلى ال (سي إن إن) CNN وغيرها. لقد ملأت صور وأخبار جمال خاشقجي كل ما له علاقة بالإعلام بصورة كبيرة طغت على أخبار الرئيس ترامب.

ومع اهتمامي بعدالة القضية وكيف أن رجل مستأمن يدخل قنصلية بلاده برجليه وفي انتظاره فريق القتل والتصفية.. إلا أنني كنت أمل في خيبة ظني وكذب المدعين وخروج جمال على رجليه ليقول لنا (لا تصدقوا هذه الشائعات ومازالت الحرمات محفوظة والحمد لله أنهيت أوراق زواجي على أتم وجه).. نعم كنت أتمنى أن أكون مستغفلاً ولكن اليوم بعد اليوم أكد حقيقة الجريمة. في هذه الأثناء لم يعر أبنائي اهتماما كبيراً للحدث حتى قرر الإعلام الأمريكي فتح الملف دفاعاً عن زميلهم الصحفي.. ولهم الحق في ذلك. بعد هذا لم يبق عندي إلا أن أتابع ردود الفعل العائلي والذي أخفقت في تحديده.. إذاً الأمر عندهم لا يستحق المناقشة أو بمعنى آخر الجريمة كاملة الأركان وهم فقط في انتظار تحقيق العدالة.

أهمني مستقبل الإسلام بالمهجر في قلوب أبنائي وعقولهم وفي عقيدة المتحولين للإسلام حديثاً.. إن أهليهم لن يعفوهم من أسئلة أكثر إحرجاً وتعقيداً

ولمن يعيش المهجر من عقود يعرف أن أبناء الغرب يتفننون في مناقشة الصغير والكبير.. فعندما لا تجد إلا الصمت تعرف أنهم قد وفروا وقتاً للاتفاق على من عليه ألحق ومن له ألحق. ولكن الحزن والاكتئاب في عيونهم كان غير الذي انتابني. انتابني اكتئاب لمقتل الرجل.. وهم أصابهم اكتئاب في ذاكرتهم الجميلة عن بلد الحرمين. فما زالوا على اتصالهم بأصحابهم السعوديين على الفيسبوك وفي الجامعة ولا أدري كيف يكون الحديث بينهم وهم يعرفون عزوفهم عن الحديث عن مقتل خاشقجي أو الدفاع عن قاتليه بطريقة أو أخرى.

 

لكن الذي كان وما زال يؤرقني هو (هل عندهم من الحدس ما يفرقون به بين مقترف الجريمة وبين موطنه بجانب الحرم؟ هل عندهم من العقيدة الثاقبة أن يدركوا أن الله ينصر المظلوم ولو كان كافراً على المسلم إن كان ظالماً؟ فما بالك والمظلوم مسلماً والقاتل كذلك مسلماً). أهمني مستقبل الإسلام بالمهجر في قلوب أبنائي وعقولهم وفي عقيدة المتحولين للإسلام حديثاً.. إن أهليهم لن يعفوهم من أسئلة أكثر إحرجاً وتعقيداً. سيسألونهم عن خدام الحرم.. من هم؟ وكيف تعاملهم من جريمة القتل؟ وكيف إنكارهم لها بدايةً ثم الاعتراف بها لاحقاً.. سيسألونهم أهؤلاء الذين تركتم ديننا لأجلهم؟.. أهؤلاء الذين يضيع ألحق بينهم؟.. أسئلة في غاية القسوة.

إذاً أين المخرج؟ لن أكون حالماً بمحاكمة عادلة في المملكة وقد زجت بأسماء كبيرة في قائمة الاتهام. ولكني أتمنى أن أرى عدالة يقودها مسلم سواء كان تركياً بحكم تحقق الجريمة على أرضه أو مسلماً يقود تحقيقاً دولياً أو مسلماً يتوسط في عقوبة الجاني الحقيقي بما يستحقه ويكون من أوسط أهله ليرفع الحرج عن شعبه ويستبرئ لدينه ويجمع شتات أمته. أما إن قيض الله من يحكم في هذه الجريمة من غير المسلمين.. فمرحباً بالعدل على أيد من اختاره الله لهذه المهمة. أسأل الله أن يحفظ علىأابناءنا في مشارق الأرض ومغاربها دينهم وأن يدروا مع ألحق أينما دار.. كما أسأله أن ينصر جمال خاشقجي بعدالته قريباً وليس بعيداً.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.