عندما قال لنا الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الإله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية المغربي في الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية سنة 2017 بمدينة فاس: "تزوجوا تزوجوا"، قلت في نفسي: "فلأكتب عن الحب الذي قد يصيب المناضل السياسي"، وهذا الشعور طبيعي في الإنسان، فقط يجب أن تؤطره القيم والأخلاق الإيجابية. إن الفتاة المناضلة المنتمية لحزب ذي مرجعية إسلامية ليست كباقي فتيات الأحزاب الأخرى، إذا نظرت إليها ستجد في سكناتها وحركاتها ما يميزها عن غيرها من مسيسات الأحزاب السياسية بالبلد. فهل ترى ما أرى؟ ستكون أعمى لو قلت لي أنك لا تراها.
إنها هناك، تلك الجالسة في الصفوف الأمامية من الجانب الأيسر المخصص للنساء الحاضرات للملتقى الوطني لشبيبة الحزب، وتستمع لكلمة الوزير وتسجل في مذكرتها بعض الملاحظات والأفكار. ألا ترى جلستها التي تشبه جلسة الأميرات في مجالس وزراء السلطان؟ انظر إليها وهي تمسك "المايكروفون"، ثم تقدم مداخلتها معقبة على كلمة الوزير.. ألا ترى أنها حين تتحدث هي يصمت الكل مستمعا ومستمتعا بتلك النغمات الساحرة؟ هل سمعت تلك الموسيقى التي تزين صوتها؟ هل سمعت؟ لا تحدثني عن مضمون كلامها، فحتما كانت محقة، ومثلها لا يعقب على قوله. لا تعقيب يكون على السحر سوى بالذهول وجمود الكلمة.
بربك قل لي! أي سبب جعل الملائكة تنخرط في مشروع حزبنا السياسي وتدخل معترك التدافع حول السلطة؟ هل دخلت باحثة عن سلطة، وهي لها بجمالها كل سلطان؟ أم دخلت حزبنا لتضرب وحدة صفه بجمالها، فتخدم بذلك أجندة الخصوم بقتل مشروع مجتمعي يلتف حوله ملايين المواطنين ممن لا تغريهم عطايا ورشاوي الحملات الانتخابية؟
انظر للخمار والجلباب التقليدي الذي زادها أنوثة وبهاء وتدينا. تربت يدا من ظفر بها وبديكتاتورية جمالها المطلسم. يا ليتني كنت فكرا آمنت به كما آمنت بفكر تنظيمنا الحزبي |
دعني أدلك، إنها هناك، تلك التي تلف وشاحا حول نحرها، ذاك الذي هو عبارة عن كوفية فلسطينية ترمز للنضال والفداء والبطولة. انظر إليها.. كأنها مدينة القدس بجمالها، وشرفها، وشجاعة نسائها المرابطات، وروائح عطور دكاكينها القديمة، وسكون حاراتها، ولون تربتها المخضبة بدماء المقاومة والعز. كأنها بلقيس زمانها، وأنا ليس لي ملك سليمان الذي لم ولن يؤتى لأحد من بعده. فكيف الوصال.. وصال تلك الملكة؟ وجهها الوضاح يلوح منه نور ساطع، فإن هي دعت لمقاطعة الاقتراع فسأكون أنا أول مقاطع، وإن طالبت بحقها كأنثى في رئاسة حكومة البلد فسأكون أنا أول مدافع. ممشوقة القد تلك التي تسير باحتشام ممزوج بالخيلاء.. خيلاء الملكات، وترفع شارة النصر التي لا تعني أحدا بقدر ما تعنيني أنا المهزوم أمام سحر الضحكة.
هل رأيتها؟ أرأيت كيف تستمد شرعيتها بالابتسام ودلال الحركة؟ أرأيت تلك التي لا تليق بها الديمقراطية؟ فالديمقراطية في كثير من الأحيان تعطي للرعاع والحمقى والعميان حق الرأي والتصويت، ونظام حكم ملكتي مطلق لا يناقش ولا يخضع لاستفتاء. حتى الاقتراب منها صعب، فهل ترى ما أرى؟ إنه سور عظيم عظم سور الصين يطوقها حيثما جاءت وراحت.. حائط من الحشمة يصدني، يردعني، يخنق أنفاسي ويمنعني من الحركة.
هي عازفة ماهرة على أوتار القلب، تدندن في هدوء، بينما ألم ضغط دمي يتيه في حلاوة شذى الألحان المنطلقة من نبرة صوتها الحنون. لها جمال فوق الجسد، وشعور ينتابني نحوها يتجاوز منطق الشهوة إلى الهيام وملامسة الروح. انظر للخمار والجلباب التقليدي الذي زادها أنوثة وبهاء وتدينا. تربت يدا من ظفر بها وبديكتاتورية جمالها المطلسم. يا ليتني كنت فكرا آمنت به كما آمنت بفكر تنظيمنا الحزبي. إنه حزب يستحق أن أغار منه، فهو الذي استطاع سرقة اهتمام القنديلة المضيئة في زمن الكسوف والخسوف وضبابية الواقع والصور.
لا تحدثني عن جمال الجسد، فالجسد يبلى، وإن كان يثير الغريزة، فحياؤه يدغدغ الروح ويخنق شريان القلب. ماذا دهاك؟ أنغالب فطرة الله؟ أنرفض الحب والله ركبه فينا؟ إن الله جميل يحب الجمال، وأنا عبد الله أحب الله وأحب ما خلق من جمال. وجمال قنديلتي مبهر.. حُسْن استطاع تحويل غلظتي إلى أمل في عقد ميثاق غليظ مع صاحبة الجمال والجلال، استجابة لنداء الزعيم ابن كيران الذي قال لنا ناصحا ذات مرة: "تزوجوا تزوجوا".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.