شعار قسم مدونات

هل تصبح قضية خاشقجي بمثابة ورقة التوت التي تفضح الغرب؟

blogs ترمب و بن سلمان

بعد الضجة الكبيرة التي أحدثتها قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" وخاصة عقب إطلاق جمعية "أصدقاء الخاشقجي" والتي أُعلنت في عدة دول في العالم منها (تركيا وفرنسا وأمريكا ودول أخرى) وانضم لها عدد كبير من الصحفيين والسياسيين والأكاديميين والمثقفين، وطالبت بمحاكمة القتلة، وبإخراج معتقلي الرأي من سجون السعودية ومصر وسوريا وكل الدول العربية، وأكد أعضاؤها أن بكل ذلك "الخاشقجي" لن يعود ولكنهم يسعون لكي لا يكون هناك أمثال له بباقي الدول وخاصة العربية فالسكوت على مثل تلك الجريمة يجعل القتلة يتمادون ويكررونها مرات آخرى.

كل تلك الضجة انقسمت الآراء حولها بين مؤيدة ومعارضة.. المعارضون قالوا إنه كل يوم يقتل مدنيون في سوريا واليمن جراء الحروب هناك، ويُحكم على أبرياء بالإعدام في مصر، ويُقتل ويُعذب آخرون في سجون الطغاة، وآخرون يبتلعهم البحر وهم يحاولون اللجوء إلى أوربا بحثا عن الأمان.. فلماذا التركيز على شخص واحد وإهمال الباقي؟

أما المؤيدون لتلك الخطوة والمشاركون فيها فيقولون إن مقتل الـ"خاشقجي" بهذه الطريقة البشعة، وبذلك المكان "الدبلوماسي" له دلالات كثير ورسائل عميقة، فالـ"خاشقجي" كان لا يحمل إلا قلما حراً دافع فيه عن الثورات العربية، وعن تطلعات تلك الشعوب المشروعة، ووقف بوجه الثورات المضادة، وعارض طريقة الحكم في السعودية، فوجه ذلك القلم بمنشار أسكته بقتل حاملة وتقطيع أوصاله، والهدف من ذلك أن يصبح الـ"خاشقجي" عبرة لكل حر يعارض "الدكتاتوريات" ويريد حياة أفضل للشعوب العربية، وإلا لماذا لم يتخلصوا منه عن طريق قاتل مأجور بحفنة من الدولارات، وبذلك وإن شُك بهم يكون هناك احتمالات أخرى تحمي الأسرة الحاكمة في السعودية ولا يكونون وحدهم المتهمون بالقتل، وما يؤكد ذلك الاحتمال وأن قتلة الـ"خاشقحي" أرادوا أن يجعلوه عبرة؛ هي الدلائل التي تركوها، والطريقة التي خططوا بها لتنفيذ العملية، والأخطاء التي لا يقع فيها قاتل مبتدئ وليس فريقا مؤلفا من 15 خبيرا باختصاصات عدة.

تبقى الأيام القادمة هي الكفيلة بإسقاط ورقة التوت وكشف التوجهات الأمريكية تُجاه لقضية خاشقجي وجديتهم بمحاسبة القتلة والأهم من أعطى الأمر لهم

وبين هذا الرأي وذاك لنا رأي.. فلطريقة مقتل الـ"خاشقجي" هدف بعيد يكمن في محاربة الإعلام الحر في الدول العربية بشكل عام، وذلك للدور الكبير الذي يلعبه الآن، ولأن الدول الكبرى تريد إبقاء قبضتها محكمة على دول العالم الثالث كما يسمونها، ويعلمون جيدا أن الإعلام هو القادر على انتشال شعوب تلك الدول مما هم فيه، وإنارة الطريق أمامها وكشف الغث من السمين والصالح من الطالح.

أما بالنسبة لتلك الجريمة الشنعاء فهي لم تحصل وبهذه الطريقة البشعة إلا بعلم أمريكا وموافقتها، وربما بوعود للذين أمروا بتنفيذها بالخروج منها كالشعرة من العجين، لا بل وأريد لها أن تُكشف لتصل من خلالها رسائل التهديد المبطنة لكل صوت حر في السعودية بشكل خاص، وفي الوطن العربي بشكل عام، ثم هي فرصة جديدة لـ"ترامب" لاستجرار المزيد من الأموال من بقرته الحلوب السعودية.

أما إن كان هذا الاستنتاج صحيح أم لا؟ فهذا ما ستثبته الأيام القادمة بتمييع الأمر وبقاء ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" المتهم الأول بتلك الجريمة بمنصبه رغم "البروبوغندا" الإعلامية من بعض ساسة الدول الكبرى لتنحيته ومحاسبته، وما يدل على ذلك الأصوات التي بدأت بالظهور المنادية بإنهاء الأمر، وأحدهم "دفيد وينبيرغ" الباحث الإسرائيلي والقائم بأعمال رئيس "مركز يروشليم للدراسات الاستراتيجية" والذي دعا حكومة "بنيامين نتنياهو"، وإدارة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، إلى عدم السماح بإضعاف مكانة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، على اعتبار أنّ مثل هذا التطور "سيمثل إسهاماً في تعزيز مكانة تركيا وإيران"، وإلى وإضعاف نظام الحكم السعودي، الذي يُعدّ حليفاً مهما لإسرائيل والولايات المتحدة" على حد وصف الباحث الإسرائيلي.

والمعروف عن المجتمع الدولي أنه إن أراد أن يميع قضية ما يبدأ بتعيين اللجان لها إن كانت التحقيق أو المتابعة وغيرها كما حصل بقضية اغتيال الحريري، والقضية السورية، وتلك اللجان أصبحت المطلب الرئيس بمسألة الـ"خاشقجي". وتبقى الأيام القادمة هي الكفيلة بإسقاط ورقة التوت وكشف التوجهات الأمريكية تُجاه تلك القضية وجديتهم بمحاسبة القتلة والأهم من أعطى الأمر لهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.