شعار قسم مدونات

كيف يمكن للروبوتات إنقاذ حياة البشر؟

blogs روبوت طائر

لم يكن حادث الإنقاذ الذي وقع الأسبوع الماضي، عندما أنقذت طائرة بدون طيار سباحين أستراليين في البحر، سوى بداية لثورة في مجال الروبوتيات. ففي الثامن عشر من يناير/ كانون الثاني، وجّه أحد حراس الشواطئ الأستراليين طائرة بدون طيار فوق أمواج المحيط المضطربة قبالة الشاطئ الشمالي البعيد لولاية نيوساوث ويلز الأسترالية من أجل إنقاذ مراهقين كانا في خطر. على الرغم من الإثارة التي بدا عليها المشهد للرائي عندما أسقطت طائرة بدون طيار صغيرة جهاز طفو لمساعدة السباحين اللذين كانا يصارعان الأمواج للبقاء على قيد الحياة، فقد كانت عملية الإنقاذ سهلة نسبيًا، إذ تمت عبر استخدام تكنولوجيا مُجرّبة في بيئة مثالية ومفتوحة.

      

"إنقاذ قرية لينوكس هيد الساحلية أصبحت مسرحًا لأول عملية إنقاذ في العالم يوم الثلاثاء، عندما نجحت طائرة بدون طيار تابعة لأكاديمية "ويستباك ليتل ريبر لايفسيفر" (Westpac Little Ripper Lifesaver) في إلقاء كبسولة إنقاذ إلى سباحين واجه كلاهما ظروفًا شديدة أثناء ركوب الأمواج!"

تغريدة لحساب  جمعية Surf Life Saving غير الربحية المعنية بسلامة السباحين وحمايتهم من الغرق

   

لكن الأنظمة الروبوتية غير المأهولة التي نستخدمها اليوم تواجه قيودًا شديدة؛ إذ إنها تحتاج إلى بشر من أجل قيادة وتوجيه الجهاز من بعيد أو إشارة "جي بي إس" قوية ومساحات مفتوحة كي تسمح بتنفيذ المناورة الآلية للطائرة بدون طيار أو المركبة غير المأهولة. 

 

أول ما يُرى في المشهد

لا تحتاج هذه الروبوتات أن تكون أصغر، أو أقوى، أو أن تكون مقاومة للحرارة أو التصادم، أو أن تحتوي على مزيد من أجهزة الاستشعار، أو أن يكون لديها واجهة مستخدم أفضل. فالتحدي الحقيقي أمام باحثي الروبوتيات يكمن في تطوير روبوتات إنقاذ غير مأهولة تكون قادرة على اتخاذ قرارات باستقلالية وأن يكون لديها القدرة على العمل بدون إشراف في الأماكن الفوضوية والمقيدة.

 

استُخدمت الروبوتات لأول مرة في عمليات بحث وإنقاذ خلال هجمات مركز التجارة العالمي في 2001. كانت هذه الأجهزة مطورة في الأساس للاستخدامات العسكرية والتطبيقات الأخرى

سوف تكون طيارات الإنقاذ بدون طيار أول ما يُرى في المشهد في المستقبل، فسوف تجوب أسفل البنايات المنهارة أو تبحث عن حطام طائرة في غابة كثيفة، أو ربما تبحث عن ناجين عبر عملية كانت في الماضي تستغرق أيامًا من أجل إتمامها.

  

لذا فإن التحدي الذي يتراءى أمام باحثي وعلماء الروبوتيات يكمن في تصنيع مركبات غير مأهولة تكون قادرة على التكيف مع المواقف غير المتوقعة باستخدام المعلومات المُتحصلة مسبقًا والموارد المتاحة المحدودة. فلن نرى شيوع اللجوء إلى نشر روبوتات البحث والإنقاذ حتى يجد الباحثون طرقًا لتطوير قدرة الروبوتات على الانتقال في الأماكن المقيدة وتعزيز الوعي الذاتي لديها، عبر منحها الأدوات اللازمة للتعرف على الغرض من أي عملية تضطلع بها تحت أي ظروف غير متوقعة.

 

البحث والإنقاذ الحضري

باعتباري أستاذ بكلية شوليش للهندسة التابعة لجامعة كالغاري والمدير التنفيذي لشركة 4Front Robotics، فإنني أطور تكنولوجيا وأنظمة لتمكين وتسهيل استخدام وانتشار وزيادة تصميمات الروبوتيات سريعة الاستجابة للكواراث ذات القدرة العالية على تنفيذ المناورات وذات الفعالية من حيث التكلفة.

 

يتركز بحثنا بصورة رئيسية على تطوير الطائرات بدون طيار القادرة على الاستجابة بسرعة للكوارث الحضرية مثل تحديد أماكن الضحايا بسرعة في حالات انهيارات البنايات التي تعقب الزلازل، يمكن للمركبات والغواصات غير المأهولة، والطائرات بدون طيار أن تنقذ حياة كثيرين، عبر الاستجابة للكوارث واحتواء أي موقف طوارئ أسرع من الأدوات والتقنيات التقليدية.

 

في أغسطس/آب 2017، انهارت بناية من خمسة طوابق في مدينة مومباي الهندي، مما تسبب في مقتل 24 شخصًا. أخرج عمال الإنقاذ 37 شخصًا من تحت الركام، فإذا أُتيحت الطائرات بدون طيار والروبوتات في هذا الحادث، لكان من الممكن إنقاذ مزيد من الأرواح. في أي حادث انهيار بناية تقليدي، تستغرق عمليات الإنقاذ من خمس إلى ثماني ساعات من عمال الإنقاذ كي يفحصوا الموقع ويتأكدوا من أنه آمن للبحث عن الضحايا. يمكن للطائرات بدون طيار والروبوتات أن تقلل من هذا التأجيل.

 

الإمكانات الكاملة

استُخدمت الروبوتات لأول مرة في عمليات بحث وإنقاذ خلال هجمات مركز التجارة العالمي في 2001. كانت هذه الأجهزة مطورة في الأساس للاستخدامات العسكرية والتطبيقات الأخرى، إلا أن عديدًا من الأنظمة الروبوتية غير المأهولة ذات التحكم عن بعد عززت من جهود البحث والإنعاش. بحثت هذه الأجهزة عن مسارات داخل الركام يمكن أن تُسرّع من مهام عمال البحث التي تضمنت الإجلاء، والبحث عن الضحايا، وتقييم حالة هيكل البناية.

 

قدمت الروبوتات الاستجابة السريعة التي احتاجها الموقف، وكانت قادرة على تقييم الظروف الخطيرة التي يمكن أن تجعل حياة عمال الإنقاذ، بمن فيهم عمال قسم الحرائق وأفراد الشرطة والعمال الآخرين، عرضة للخطر. على الرغم من هذا، لم تكن الروبوتات قادرة على اختراق أعماق مساحات مجمع المباني؛ بسبب قدرة المحدودة على التعبئة والتعقيدات التي شابت عملية إرشادها عبر عصي التحكم.

 

لقد أنجزنا تقدمًا هائلًا في مجال الروبوتيات في الأعوام الـ 15 الأخيرة. يمكن للطائرات بدون طيار الآن أن تُجهَّز بأنظمة الطيرات الآلي وأنظمة الرؤية القادرة على التعرف على البشر. يمكن لهذه الآلات أن تحدد المواقف الخطيرة مثل وجود غازات متفجرة، كما يمكنها أن تحمل أجهزة استشعار تجمع معلومات حول السمات الهندسية ومستويات الرطوبة. ويمكنها أيضًا أن تحدد الأشياء المدفونة أسفل الركام.

 

نحتاج إلى الروبوتات التي تستطيع التكيف مع أنماط تحركها تكيفًا أوتوماتيكيًا. كما يجب أن تكون قادرة على السير، أو الجري، أو التدحرج، أو القفز، أو الطيران، أو السباحة استجابة للظروف البيئية المتغيرة

يهتم الجيش على وجه الخصوص بتطوير الطائرات بدون طيار ذات القدرات العالية على تنفيذ المناورات والمزودة بالأسلحة الآلية والتي يمكنها العمل داخل الأماكن المقيدة بشدة والتفاعل مباشرة مع الظروف المحيطة بها. على سبيل المثال، لا تستطيع أنظمة الطيران بدون طيار التقليدية مثل المروحيات والمروحيات الرباعية تنفيذ أساليب الطيران الأكثر احترافية، مثل التأرجح بالطائرة، التي يمكن أن تسمح لها بالإقلاع من أسطح الجبال المنزلقة أو الزوارق الموجودة في البحار الهائجة أو الهبوط فوقها، وفي المستقبل، سوف تستطيع هذه المركبات التفاعل مع البيئة، أو جمع العينات، أو تحريك حطامات الطائرة، أو تقديم المساعدات الطبية، أو تقييم حالة الضحايا. 

 

بناء مستقبل أفضل

يجب أن تحظى هذه الأنظمة ببعض الاستقلالية كي تكون مفيدة حقًا. ويجب أن تكون قادرة على تعديل عملياتها عندما تجمع معلومات جديدة، بل وتتبع البشر وتتعاون معهم في كل الأوقات، سوف نحتاج إلى أدوات ذكاء اصطناعي أفضل كي نصل إلى هذه النقطة، وعندها فقط سوف تتعلم روبوتات الإنقاذ أن تحل المشكلات في غياب البيانات أو الخبرات البشرية. وسوف يُمكّن الذكاء الاصطناعي المعزز الروبوتات كي تتحرك بنفسها عبر بيئاتها التشغيلية مع وجود مساعدة بشرية ضئيلة، كما سوف يُمكّنها من أن تتكيف بنفسها عبر طرق جديدة ورائدة.

 

نحتاج إلى الروبوتات التي تستطيع التكيف مع أنماط تحركها تكيفًا أوتوماتيكيًا. كما يجب أن تكون قادرة على السير، أو الجري، أو التدحرج، أو القفز، أو الطيران، أو السباحة استجابة للظروف البيئية المتغيرة، وسوف تساعد هذه الأدوات أيضًا في أن تضمن أن الروبوتات ذاتية التحكم يمكنها التعامل مع المواقف والمهام غير المتوقعة التي تشكل تحديًا لقدراتها الاستشعارية، أو التصميمية، أو التخطيطية، أو تحركاتها، وفي المستقبل، سوف تكون الروبوتات قادرة على تغيير أشكالها، وهندستها، وحركتها استنادًا إلى التضاريس أو المهام التي تميز بيئة المهمة التي تضطلع بها هذه الروبوتات.

 

نظرًا لتصميمها، فإن الطائرات بدون طيار التي عثرت على السباحين في أستراليا غير قادرة على الطيران لأكثر من 20-30 دقيقة أو الوصول إلى المواقع البعيدة بسرعة والعودة مرة أخرى. إذ إن طاقة البطارية المحدودة، وقدرتها الصغيرة على حمل الأشياء، وعدم القدرة على التكيف في أجهزة البحث والإنقاذ الروبوتية الحالية- تعيق تطبيقها بشدة.

 

نحتاج إلى روبوتات ذات استجابة للكوارث تكون قادرة على التأرجح مثل المروحيات، والتحول إلى الطيران بسرعات عالية واختراق التحديات البيئية. فهذه الأجهزة، بالإضافة إلى روبوتات البحث والإنقاذ ذات الهيئة البشرية التي تستخدم الأدوات (أدوات الثقب القوية، أدوات القص والبسط الهيدروليكية، والمعاول)، تتطور في الوقت الحالي وسوف تقلب موازين المجالات التي تُستخدم فيها، وسوف تساعد هذه الروبوتات الضحايا وجهات الاستجابة للكوارث، كما ستقلل أيضًا من كلفة عمليات الإنقاذ بطرق لم تُكتَشف بعد.

————————————————————————-

  

مترجم عن (ذا كونفرزيشن)

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.