شعار قسم مدونات

هل سيضيع دم جمال خاشقجي بين القبائل؟!

blogs خاشقجي

خمسة عشر يوماً مرت على اختفاء أو اختطاف أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عندما دخل إلى قنصلية بلاده في اسطنبول لاستخراج وثيقة، كثرت الروايات وتخبطت وكلها تستند إلى مصادر لم تكشف عن نفسها، خلال يومين عقب الجريمة عم الصمت أرجاء العالم كله باستثناء حي كونكلار الذي كان شاهداً على الجريمة. بعد ذلك بدأت التصريحات التركية تتوالى تسأل عن جمال أين هو، فقال رجب طيب أردوغان من بودابست كاميراتنا تظهر دخول خاشقجي إلى القنصلية، أبرزوا لنا ما يثبت خروجه ودعوا المهمة لنا.

لم تخرج من الرياض أية تصريحات وكأن جمال لا يحمل جنسية بلاده، بعد يوم أو يومين رويترز تنقل عن مصادر تركية لم تسمها أن جمال قتل وقطعت جثته بمنشار للعظام، لا يوجد جثة ولا مقاطع مصورة فكاميرات المراقبة في القنصلية كانت خارجة عن الخدمة ذلك اليوم مصادفةً! بدأ الذباب الإلكتروني بحملة ممنهجة ضد تركيا ورئيسها وزج بقطر ضمن مضمار السب والشتم الذي يتقنونه جيداً وتبعه بطبيعة الحال حملة مسعورة من الإعلام المصري وبقيت المملكة السعودية صامتة!

دخل عاشق المليارات دونالد ترامب على الخط وهو الذي تطاول على سلمان بن عبد العزيز أربع مرات في غضون عشرة أيام قائلاً كلمته الشهيرة we are protecting you you have to pay  وتوعد بعقوبات ضد المملكة في حال ضلوعها في مقتل خاشقجي، وعندما سئل عما إذا كان سيوقف صفقات السلاح مع السعودية فقال حازماً لا، فالصفقات تُدر عليه 110 مليارات دولار وهو النهم والمحب لها.

لم تنته التحقيقات بعد وما زال الغموض يلف القضية، فهل سيضيع دم مناصر الثورات العربية، القلم الحر والناقد اللطيف في بازارات السياسة الدنيئة ومصالح الدول

أزمة القس الأمريكي المعتقل في تركيا خرجت للنور في خضم أزمة جمال خاشقجي ليقرر القضاء التركي بجلسة كانت مقررة مسبقاً بزمانها ومكانها أن يتم الافراج عنه وتخييره بين البقاء في تركيا أو المغادرة فاختار الثانية ثم لقطته عدسات الكاميرات في البيت الأبيض يتلو على ترامب صلواته المقدسة. وهنا خرجت تصريحات من ترامب بأنه لا يوجد هناك صفقات أبرمت مع تركيا من أجل إطلاق سراح برانسون وبأن العلاقات الأمريكية التركية ستشهد تطوراً ملحوظاُ في الأيام القادمة.

الهدوء التركي وعدم إفصاح الحكومة عما لديها من أدلة أوحت للبعض بأن هناك بازاراً ما يُعقد خلف الكواليس وتحت طاولات السياسة فصمت تركيا حوّل القضية من سعودية تركية إلى سعودية دولية. عشرات الاقتصاديين والشركات الكبرى قاطعت مؤتمراً اقتصادياً كان من المقرر أن يعقد في المملكة أواخر الشهر الحالي هو عصب رؤية محمد بن سلمان لعام 2030 متهمين إياه بالوقوف خلف اغتيال جمال.

المملكة خرجت عن صمتها أخيراً وقال وزير داخليتها أن بلاده ترفض الاتهامات ضدها وبأمر من الملك فتح تحقيق داخل الأراضي السعودية بمقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي كما أسموه وعادل الجبير صاحب مقولة أنحن جمهورية موز؟ في غيبوية إعلامية وكأن القنصلية في اسطنبول لا تتبع لوزارته وإنما اعتبرها دائرة للنفوس في أحد أحياء الرياض. مكالمة هاتفية بين الملك سلمان والرئيس أردوغان أكدت على عمق العلاقة بين البلدين وشكرت تركيا على منح السعودية المشاركة في فريق التحقيق الذي سيدخل القنصلية واللافت بعد المكالمة كيف تناولت وسائل الإعلام السعودي المكالمة بوصفها تركيا بالشقيقة والرئيس أردوغان بفخامة الرئيس وهي التي كانت قبل أشهر أو أيام في مرمى كرات الذباب الإلكتروني.

تصريح آخر لأردوغان قال فيه أن تركيا بإرثها التاريخي والثقافي هي الوحيدة القادرة على قيادة العالم الإسلامي ربما يمر هذا التصريح مرور الكرام ولكن له دلالات كبيرة وخصوصاً هذه الأيام. لم تنته التحقيقات بعد وما زال الغموض يلف القضية، فهل سيضيع دم مناصر الثورات العربية، القلم الحر والناقد اللطيف في بازارات السياسة الدنيئة ومصالح الدول. فلا أحد في هذا العالم السيء ينتصر لدماء رجل حر أو شعوب حرة!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.