شعار قسم مدونات

هل يَمثل بن سلمان أمام الجنائية الدولية؟

BLOGS بن سلمان

إذا ثبت مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، فإن ذلك يعني أن السعودية متورّطة في عملية الاغتيال، إذ كل المؤشرات تدلّ على ذلك من بينها وصول 15 محقّقا أمنيّا من السعودية على متن طائرتين خاصتين، ووصول الفريق إلى إسطنبول وتحديدا إلى القنصلية السعودية مع وصول خاشقجي إليها أيضا، ومن المؤشرات القوية أيضا إفراغ القنصلية السعودية من المراجعين تزامنا مع دخول الصحفي السعودي المعارض لسياسات بن سلمان، وبقاء الفريق الأمني ساعتين فقط في مبنى القنصلية ومغادرته على متن سيارات كشفتها آلات التصوير المثبّتة في المبنى وغيره.

 

ولكن الذي يدعو للتساؤل من أين حصلت السعودية على المعلومات الدقيقة لتحركات جمال خاشقجي ووقت وصوله تركيا ودخوله القنصلية السعودية، وهل لخطيبته علاقة بالمخابرات السعودية؟ وهل تركيا تعلم مسبقا أن المحققين السعوديين سيجرون تحقيقا مع الصحفي خاشقجي؟، ولماذا لم تتخذ السلطات الأمنية التركية كل الاحتياطات اللازمة للحفاظ على حياة المعارض السعودي المهدد من السلطات السعودية؟ ومن الذي دفع جمال خاشقجي وأقنعه بالذهاب إلى تركيا لإتمام عقد زواجه على خطيبته التركية التي تحوم حولها شكوك في علاقتها بالحادث؟

ربما تكون حادثة اغتيال خاشقجي بداية لمحاسبة بن سلمان على ما يقوم به في اليمن من جرائم بشعة يندهُ لها الجبين، لذلك فليس أمام السعودية إلا الاعتراف بما قامت به في الداخل والخارج

لا شك أن القضية شائكة جدا خاصة أنها تمت خارج أسوار المملكة العربية السعودية، وبطريقة محبوكة استطاع السعوديون من خلالها الوصول إلى الغنيمة التي يريدونها والتي شكلت بالنسبة إليهم الشوكة في حلق السعودية التي حالت دون التغيير والإصلاح التي تزعمها الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، ولكن يبدو أن العملية التي أقدمت عليها السعودية وبإيعاز من بن سلمان نفسه أحرجت السعودية كثيرا وأطاحت بعرشها قبل أوانه، وهي التي زعمت أنها فوق القانون الدولي ولن تستطيع القوى العالمية أن تقف في وجهها وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وعلى رأسها دونالد ترامب، أو على العكس من ذلك تريد السعودية التي ما زالت تصر إلى حد الآن أنها لم تقم بفعلتها الشنيعة، تريد أن تثبت للعالم وخاصة إيران أن يد السعودية يمكن أن تمتد لأي معارض للنظام القائم في السعودية أينما ما كان حتى لو كان في بروج مشيدة.

وإذا علمنا أن بن سلمان صرح في أكثر من مرة من قبل بأن يده ستمتد إلى كل المعارضين والمخالفين والفاسدين، وسيمضي في ما خطّط إليه ولن يوقفه شيء إلا الموت، فهل فعلا صدق القول أم أنه فشل في ترجمة أقواله إلى أفعال بعدما ظهرت هذه الجريمة البشعة على السطح وأفاضت كأس المجتمع الدولي الذي صبر كثيرا على تصرفاته منذ تعيينه وليا للعهد، وإذا أصر المجتمع الدولي على كشف ملابسات الجريمة في حق جمال خاشقجي خاصة بعد ورود معلومات أنه تم قتله وتقطيع أوصاله والتمثيل بجثته، فهل سترفع القضية إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية؟ وهل سيمثل المحققون الذين باشروا الجريمة أمامها؟ وهل ستستدعي بن سلمان للتحقيق معه باعتباره الآمر لتنفيذ هذه الجريمة؟ أم أن هناك منظمات ومحامين دوليين قادرون على الدفاع عنه وعن محققيه؟ وهل يملك بن سلمان حصانة سياسية تحميه من الوقوف أمام العدل العالمي؟

وإذا استطاعت القوى العالمية إدانة السعودية وخاصة بن سلمان في اغتيال جمال خاشقجي واعترفت الاستخبارات السعودية بجريمتها، هل تكون خطيبة خاشقجي طرفا مهما في الجريمة؟ أم أنها ستكون شاهدا عليها فقط؟ وهل سيكون بن سلمان متهما رئيسيا في القضية؟ وهل يمكن فتح ملفات أخرى لها علاقة بالجريمة كالحرب على اليمن وما تقوم به السعودية من قصف وتشريد وتسبب في المجاعة والأمراض والأوبئة بأمر من بن سلمان نفسه؟ وهل ترقى الأعمال التي يقوم بها بن سلمان في اليمن إلى جرائم حرب؟ ربما تكون حادثة اغتيال خاشقجي بداية لمحاسبة بن سلمان على ما يقوم به في اليمن من جرائم بشعة يندهُ لها الجبين، لذلك فليس أمام السعودية إلا الاعتراف بما قامت به في الداخل والخارج من اعتقالات قسرية وتعذيب ونفي واغتيالات لا مبرر لها سوى أن هؤلاء عارضوه في حكمه وطريقة التعامل مع شعبه، فهل يمثل ابن سلمان حقا أمام الجنائية الدولية؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.