شعار قسم مدونات

عندما يكون خيارك الوحيد أن تكون عظيما

bloga-business
هناك سوء فهم شائع، لا سيما في البلدان النامية، أنه نظرا لارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الأجور، ينبغي للناس أحيانا أن يساوموا على أنفسهم ومعتقداتهم ومهنيتهم، بل وحتى على كرامتهم من أجل الحصول على فرصة عمل وكسب قوت يومهم. خلال مسيرتي المهنية، تعرضت للانتقاد عدة مرات من بعض الناس لأنني دائما ما أعبر عن رأيي وأفكاري، وأدافع عن معتقداتي وعن ما أؤمن بأنها الإجراءات والسلوكيات والأفعال السليمة والصحيحة التي تصب في مصلحة العمل. "تغاضى عن الموضوع"، "أنت تجلب لنفسك المتاعب"، "اهتم فقط بشأنك ومصلحتك"؛ هي عبارات تكررت على مسامعي مئات المرات.

وللأسف، ينسى العديد من الناس أن الإنسان يحصد نتيجة ما يقبله ويوافق عليه، فحياتك هي انعكاس لما تقبله أو تتقبله، إن لم تكن سعيدا في حياتك فغيرها، فعلى مر التاريخ لم يصل أي كان إلى النجاح والتميز والتفوق من خلال اتخاذ الطريق السهل أو ما أسميه "السير مع القطيع". فلا بد لنا من أن ندرك أن النجاح والسلطة العظيمة تصاحبها مسؤولية أعظم. لقد شهدت العديد من نماذج وأشكال النفاق والرياء، ومن لا مانع لديهم في مسايرة الأخطاء والتلاعب -أو ما نطلق عليه بالعامية "اللف والدوران"- في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصية، أو مجرد أن يحظوا بفرصة النجاة ليوم آخر.

 
سيقول لك الكثيرون إنك لست الوحيد في سوق العمل ويمكن استبدالك بسهولة، ولكن كن على ثقة تامة بأن "الشخص الحقيقي والمميز" غير قابل للاستبدال

في الواقع، إن هذا هو عكس المهنية والاحترافية والولاء تماما، بل هو مجرد وسيلة لإخفاء ضعفك أو عدم ثقتك بنفسك وبقدراتك أو افتقارك للمهارات، من أجل اتخاذ -ما تعتقد خاطئا- أنه طريقك نحو إرضاء المشرفين أو المدراء أو المسؤولين وكسب احترامهم والتقدم في حياتك المهنية. وثق بي، إن كانت هذه السلوكيات هي السائدة في مكان عملك، ويتم مرورها وتقبلها، أو حتى تصب في مصلحة أصحابها، فأنت في المكان الخطأ.

فإن كنت على يقين وثقة تامة بأنك متميز في مجال عملك، تتحلى بالشغف والمثابرة، موهوب، تعمل بكد وجد واجتهاد، صادق، ولديك الجرأة الكافية لتشخيص ومواجهة وتصحيح العيوب ونقاط الضعف فور رؤيتها، فلست بحاجة لأي شيء آخر، وفي غنى تام عن أية طرق وأساليب ملتوية؛ هذه الصفات الرائعة وحدها كفيلة بأن تحجز لك مقعدا في صفوف المتميزين والناجحين والعظماء، ومن خلالها ستتاح لك فرص النجاح والتقدم الوظيفي والمهني، بل وتطوير مسيرة مهنية ومستقبل مثمر مع الأشخاص الناجحين في بيئات العمل الصحية والإيجابية والسليمة، لأن العظماء يتحلون بقيم وأخلاق عظيمة. فكما قال ستيف جوبز مؤسس شركة آبل: "ليس من المنطقي أن نقوم بتوظيف أشخاص أذكياء، ومن ثم نملي عليهم ما يفعلوه، نحن نوظف الأذكياء حتى يخبرونا هم بما علينا فعله".
 
نعم، هناك الكثير من الأسماك في البحر، وسيقول لك الكثيرون إنك لست الوحيد في سوق العمل ويمكن استبدالك بسهولة، ولكن كن على ثقة تامة بأن "الشخص الحقيقي والمميز" غير قابل للاستبدال. فالمؤسسات والشركات والقادة الأذكياء والناجحون وكبار رواد الأعمال في العالم لا يبحثون عن من يخدعهم أو يجاملهم أو يتملقهم، أو من يخفي الحقائق ويساير ويتستر على أخطائهم في سبيل إرضاء غرورهم وعنجهيتهم، بل يثمنون الصدق والموهبة والنزاهة والمهنية التي ستمكنهم من تحقيق إنجازات أكبر والوصول إلى مستويات أعلى من النجاح. ولذلك، فالقرار يعود لك؛ إما أن تأخذ الطريق السهل وتحجم من تقدمك المهني من خلال مسايرة كل ما يدور من حولك وتقبله، أو أن تلعب مع الكبار وتسير معهم نحو نجاحات وإنجازات أكبر وأعظم. نصيحتي أن تحيط نفسك بالعظماء، بحيث لا يكون لديك أي خيار سوى أن تكون إنسانا عظيما مثلهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.