شعار قسم مدونات

يهود ضد التيّار!

blogs يهود ضد الصهيونية

رغم كُل ما جرى ويجري في فلسطين منذ مائة عام وأكثر، إلا أن الكثير منّا لا يُميّز الفرق بين اليهودي والصهيوني، علمًا بأن بعض اليهود يعمل ضد الصهيونية أكثر بكثير مما يعمل بعض العرب والمسلمين، ولهؤلاء حكايات مثيرة يُمكن التعرف عليها من خلال ثلاثة أفلام وثائقية مثيرة، وقد كتبتُ هذه الخواطر من وحيها!

 

"المستنقع"

قد نتخيّل أن الحياة في إسرائيل سهلة وبلا هموم، فهي "جنّة الديمقراطية" كما يزعم البعض، ولكن فلم المستنقع يكشف حكايات الشباب اليهود "الهاربين" إلى الهند بعد الخدمة في الجيش والذين يصل تعدادهم إلى 35 ألفا سنويًا، لدرجة أن مدينة "دارمكوت" الهندية أصبحت تُسمى "تل أبيب الصغرى"، فالمسألة كثيرًا ما تتعدى كونها رحلة للتخلص من هموم الحياة "الإسرائيلية" فينتهي الأمر ببعضهم بعدم العودة إلى إسرائيل بتاتًا.

 

من يُشاهد فيلم ضد التيار لا بُد وأن يشعر بالخجل، إذا ما قارن جهوده في التوعية ضد جرائم الاحتلال مقارنةً بجهود هذا الصحفي اليهودي جدعون ليفي!

ولأن حكايا هؤلاء لا تنحصر في الهند، فإن المُخرجة شارلوت برونو تأخذنا إلى العاصمة الألمانية برلين التي أصبحت محجًا للإسرائيليين بعد أن كانت "بلاد العدو"، وهناك تلتقي ببعض الشباب اليهود الذين يرون أن الحياة في إسرائيل لم تعد تُطاق في ظل شعور دائم بالخوف من الزوال والهوس من اندلاع حرب أخرى ونعدام أي أفق للسلام، إحداهن تركت إسرائيل بعد بدء بناء جدار الفصل العنصري، آخر تركها بل وأصبح من دعاة الخروج منها كي لا تبقى لها أي شرعية، وحتى من ينوي العودة منهم فإنه يؤكد أن "إسرائيل فكرة مجنونة" فلا شيء يجمع أهلها إلا الخوف وغالبًا ما يتصرفون وكأنه ليس هناك غد!

الهروب إلى المغرب!

لطالما سمعنا عن آلاف اليهود الذين هاجروا من المغرب إلى إسرائيل، ولكن كم مرّة سمعنا عن الأسباب التي جعلت هؤلاء يهاجرون بالآلاف؟ ولكن لربما الأكثر إثارة وهو ما تعرضه المخرجة شارلوت برونو في فيلم "الفسيفساء" هو أن حياة اليهود المغاربة في إسرائيل لم تكن كحياة الأشكناز الذين كانوا يحتلون الدرجة الأولى في السلم الطبقي، كُل هذا وغيره من خلال 3 شخصيّات فضّلت حياة المغرب على حياة "إسرائيل".

 

الأولى هي "فاني مرعي" التي تؤكد أن والدها وجدها عملوا في التجارة وجمعوا ثروة ممتازة وكانت علاقتهم بالعرب طيبة وكانوا يدوّنون الدارجة المغربية بالحروف العبرية، وتؤكد أن حياة المغرب أجمل من حياة إسرائيل ولهذا تركتها. الثاني هو "داوود الباز" أيضًا لم يترك المغرب ولكنه يكشف كيف كان الناس يلقبونه بالأحمق لأنه كان يشتري أملاك اليهود، في الوقت الذي كانوا يبيعونها ويهاجرون إلى "أرض اللبن والعسل"، والأخير "بينحاس" وهو يهودي أمازيغي هاجر مع عائلته إلى إسرائيل ولكنه عاد إلى المغرب بعد أن اكتشف أن الحياة في إسرائيل هي "حياة جريٍ وراء المال" ويقول: "أنا تعبْتُ، أريد أنْ أرتاح، أريد أنْ أنهي حياتي كما بدأتها، حياتي بدأت في المغرب".

 undefined

ضد التيار!

في هذا الوثائقي، ليس هناك حكاية ليهودي هاجر إلى الهند أو ألمانيا أو المغرب، ولكنها قصّة أخرى، تستحق أن نسمعها كما يقدّمها المخرج "بلال يوسف" الذي يُقدم لنا صحفيا إسرائيليا مُختلفا جدًا، يعلم أن فلسطين لم تُحتل مرّة أو مرتين، بل عشرات المرّات ولكن الذي يميّز الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عن غيره ليست الشراسة، ولكنه شُعور المُحتل بأنه ضحيّة وهو ما يُحرك هذا الصحفي ليفضح فكرة أن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم.

 

لا عجب أن يُنظر إلى جدعون على أنه خائن ويستحق الموت، فكثيرون من الإسرائيليين يعتبرون أن العالم بات يكره إسرائيل بسبب كتابات جدعون ليفي، وجدعون هذا لم يكتف بفضح "الاحتلال" فهو يرى أنه ينبغي أن تكون هناك انتفاضة جديدة، كي يتذكر العالم معاناة الفلسطينيين، ويقول: "دون نضال لن يحصل الفلسطينيون على أي شيء، يجب عليهم أن يُناضلوا"، بل إن الأمر وصل ببعض الفلسطينيين أن يُطالبوا بأن هذا الصحفي اليهودي يستحق أن يكون سفيرًا لفلسطين، ورغم هذه المبالغة، إلا أن من يُشاهد فيلم ضد التيار لا بُد وأن يشعر بالخجل، إذا ما قارن جهوده في التوعية ضد جرائم الاحتلال مقارنةً بجهود هذا الصحفي اليهودي!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط

لمشاهدة فيلم "ضد التيار" وغيره، يُمكنكم زيارة موقع ريمكس فلسطين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.