شعار قسم مدونات

شخصية بائع الكتب

Blogs- read
هنالك حقيقة لا جدال فيها بتاتا هي أن بائعي الكتب لا يقرأون وإن قرأوا قليلا، يتفلسفون! وهذه الحقيقة هي نتاج جولاتي القليلة لدى بائعي الكتب من محلات ودور للنشر، البسطات، الأكشاك، في الغالب للبحث عما هو مفقود ونادر لا لقراءتها في الأغلب؛ بل لحب اقتنائها!
 
ومن خلال هذه الجولات، فقد لوحظ أن هنالك أشياء كثيرة مشتركة بين هؤلاء؛ فبالرغم من الفارق بين عامل أو صاحب دار نشر مثلاَ، مقارنة بصاحب بسطة، إلا أنك تجد العديد من العوامل المشتركة، وكأنهم تخرجوا من مدرسة واحدة، أو كما يقُال : (على يد شيخ واحد). في جميع المهن-تقريباَ-، يقوم المشتري بتهديد البائع في حال مخالفة الأخير ما هو معتاد؛ بأن يقوم الأول بقطع علاقته بذلك التاجر أو البائع؛ إلا أصحاب بيع الكتب. 
 
يلجأ الكثيرون منا إلى أصحاب البسطات والكتب المستعملة وكذلك الأكشاك، نظراَ للغلاء الفاحش لأسعار الكتب الجديدة، أو بسبب بحث الكثير من القراء عن أمور معينة كمجلة أو سلسلة قديمتين، توقفتا عن الصدور أو ما زالتا قائمتين، إلا أنك تفاجأ بمعاملة غريبة -في الغالب- كأن يمنن عليك بائع الكتب بهذا العنوان النادر -الذي لم يدر أنه موجود لديه أصلاَ- والتظاهر بمعرفته وشرح مزاياه ..الخ، هذا بالإضافة إلى الاستغلال المتمثل في رفع قيمة الكتاب عاليا! بحجة ندرة الكتاب وانقراضه.
 
ومن الأمور الغريبة التي -يتمتع- بها بائعو الكتب هي: التشهير! نعم، التشهير! ففي إحدى المرات التي وقفت فيها عند أحد الأكشاك التي أتعامل معها-أحياناَ- صاح بائع الكتب عند رؤيتي وقال أمام الموجودين: هذا (يقصدني) كل كتبه من عندي!، مع أنني في الحقيقة لم آخذ إلا بضعة أعداد من (سلسلة كتب قديمة)، لا تتجاوز ربما العشرة. هذا بالإضافة إلى أنني سمعته "يشهر" أحد المشترين بأن قال له أمام الناس إن جميع رواياته -أي المشتري- من عنده !.
 

الشكوى من الركود أيضاَ هي من المزايا المهمة لبائع الكتب، فمثلا لن تجد بائع كتب إلا وكرر الأسطوانة نفسها
الشكوى من الركود أيضاَ هي من المزايا المهمة لبائع الكتب، فمثلا لن تجد بائع كتب إلا وكرر الأسطوانة نفسها "لم يعد أحد يقرأ هذه الأيام، التيلفونات والإنترنت قضيا على الورق"
 

ومن بين المزايا الكثيرة التي يتمتع بها باعة الكتب ايضاَ نجد الادعاء بمعرفتهم كل شيء، لدرجة أنه لو سئل عن شيء لا يعرفه بتاتاَ يقول: نعم، مرّ عَلي!، ففي الغالب يعمل بائع الكتب على الظهور بمظهر العارف بكل شيء، وبكل ما هو جديد، وخوض النقاشات في كل ما يتعلق بعالم الكتب، والغريب المضحك أنه عند سؤالي لأحد بائعي الكتب عن بعض تفاصيل رواية -كان قد نصحني بها سابقاَ- أجاب: لا أعلم! وابتسم قائلاَ (لا أحد يقول عن زيته عِكر)، أي أنه يقول عن أي كتاب عنده بأنه رائع؟

 
الحديث بالفصحى، أيضاَ، من العجائب لدى أغلب بائعي الكتب، فمثلاَ لو تحدثت معه حول موضوع حياتي يومي مثلاَ؛ لحدثك بنفس اللهجة المعتادة، بينما لو سألته عن شيء بخصوص كتاب معين فيبدأ الحديث بالفصحى!
 
والشكوى من الركود، أيضاَ، هي من المزايا المهمة لبائع الكتب، فمثلا لن تجد بائع كتب إلا وكرر الأسطوانة نفسها"لم يعد أحد يقرأ هذه الأيام، التيلفونات والإنترنت قضيا على الورق)، ويبدأ بسرد مجموعة إحصاءات عن معدل القراءة لدى المواطن العربي مقارنة بالدول الأخرى، كالأوربية مثلا. مع العلم أن هذه الإحصائية التي يأتي بها بائع الكتب إحصائية " فيسبوكية"، إن صح التعبير، أي هي من ذلك النوع من الدراسات والبحوث التي تنتشر بشكل غريب، دون أن يراجعها أحد أو حتى دون أن يعرف أحد مصدرها الأساسي.!
 
وغير ذلك الكثير الكثير.. من المزايا والعجائب التي يستطيع المرء استظهارها عند ما يمكن أن نطلق عليه "تحليل شخصية بائع الكتب"! . طبعا، هذا الكلام هو من باب الفكاهة "والدردشة"، على غرار ما تناولت فيه العديد من المقالات، الفيديوهات، المسلسلات، فئة معينة من فئات المجتمع مثل سائقي التاكسي، المعلم، …الخ، مما يعني أننا لا نتكلم عن بائعي الكتب "بالعموم"، ولا نقصد الإساءة إلى أحد، وإنما هو كما قلت من باب الفكاهة والدردشة عن هذه الفئة من المجتمع.
 
حتى هذه "الحقيقة" التي ذكرناها في بداية المقال؛ إنما هي من باب المبالغة وإثارة الضحك ورسم الابتسامة على القارئ، بل على بائع الكتب نفسه!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

إعلان