التوصيات الموجّهة: أخذ القرار يكون بعد نقاش وحوار يأخذان آراء كل أفراد المجموعة، ودفع القائد لأن يكون إيجابيّا أي يكون محفزا للمجموعة (القائد الإيجابي هو من يدفع مجموعته إلى العمل وزيادة كفاءتهم عن طريق إثارة حوافزهم الذّاتية نحو تحقيق الأهداف ولكسب تعاونهم، والقائد الجيد هو من يقود من يقدرون على قيادة أنفسهم). في هذه المجموعة"الدّيمقراطية" حيث الإدارة تشاركية حوارية وجماعيّة: كانت كلّ القرارات والاختيارات تتمّ بالمناقشة الجماعيّة ووظيفة القائد كانت تحفيزية. الاقتراحات كانت بنّاءة. العلاقات بين أفراد المجموعة كانت عادية والجو العام ودي مع شبه غياب للانفعالات العدوانية. برزت روح المجموعة مع علو لغة "نحن" على لغة "أنا". المبادرة كانت حاضرة. الأعمال كانت أكثر تنوّعا وتميزا.
التوصيات الموجهة: القرارات فردية تُأخذ من القائد ويُلزم أفراد المجموعة بتنفيذها دون إبداء رأيهم.. تتركّز القيادة حول القائد الذي يدير المجموعة بطريقة تسلّطية فوقيّة وقد لوحظ أنها تفرز بالضرورة قيادة سلبية (القائد السلبي هو من يدفع أفراد مجموعته إلى العمل باستعمال العنف والشدّة واستخدام الحوافز القائمة على الخوف والتهديد). في هذه المجموعة "الأوتوقراطية": تكون نمط من السيطرة العدوانية وعلاقة مع القائد طابعها الخضوع. برزت ظواهر الوشاية ومحاولة التقرب من القائد وكبش الفداء. كانت نغمة "أنا" هي العالية. برز الاضطراب في سير الأعمال الموكلة إليهم مع صفات اللّامبالاة وميل نحو الغباء. شبه انعدام لروح المبادرة مع جو عام من الكبت. كانت الأعمال أقل تنوعا وتميزا من المجموعة الأولى. وفي تجربة مثيرة قام عالما الاجتماع بتغيير نمط الإدارة والقيادة لكل مجموعة، فلاحظا أن المرور من الإدارة الأوتوقراطية إلى التّشاركية كان يتطلب بعض الوقت للتكيف (التعلم والمران على الديمقراطية).
تركت هذه المجموعة لحالها دون توصيات. كان سير الأعمال في هذه المجموعة مضطربا جدا، والغريب أن السلوك العدواني كان أكثر بروزا في هذه المجموعة، ويعزى ذلك إلى أنه في المجموعة الأوتوقراطية كان يتم ضبطه عنوة بوجود القائد، وينفلت وينفجر في فترات غيابه. في المحصّلة من الاستنتاجات الهامة لهذه التجربة دون الغوص في المسائل التقنية أن الحوار والتشارك في الإدارة والتّشاور أو الشّورى أو الأسلوب الدّيمقراطي كان المتفوق في تسيير المجموعات إبداعا وإنتاجا. وقد أنزل اللّه سبحانه وتعالى سورة من فوق سبع سماوات سميت بهذه القيمة (الشّورى) إذ قال :"وَالذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" (الآية38). كما قال تعالى في الآية 159 من سورة آل عمران: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (الآية 159). صدق اللّه مولانا العظيم وبلغ رسوله المصطفى الكريم ونحن على ذلك من الشاهدين وبه مؤمنون ومصدقون.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.