تحولنا إلى مجتمع استهلاكي، نلهث وراء إشباع رغباتنا، وانصبت اهتماماتنا على صغائر الأمور.. حسب تقرير لمنظمة اليونسكو (UNESCO) فإن الطفل العربي يقرأ 6 دقائق في العام، أي ما يعادل 6 أوراق في السنة، وأن المعدل العام للقراءة عند الفرد العربي لا تتعدى 10 دقائق سنويا، في المقابل نظيره الأوروبي يقرأ 12000 دقيقة في السنة. هذه الأرقام تعكس الواقع الأليم، ومع ذلك هناك من ينتظر نهضة وتغييرا دون أن يحرك ساكنا! من أين ستنبع هذه النهضة يا ترى؟ من المطاعم والمقاهي؟
لقد غيرت القراءة مجرى حياتي تغييراً جذرياً ولم أكن أهدف من ورائها الى كسب أي شهادات لتحسين مركزي وإنما كنت أريد ان أحيا فكريا |
وفي ظل تدني الإنتاج الفكري الراقي، نشهد ارتفاعا في انتشار روايات المراهقين التي تتحدث عن الحب والخيانة وحتى عن اللاشيء! وبعض كتب التنمية البشرية التي لا تنمي ولا تثري، مرورا إلى الكتب الدينية وكتب عذاب القبر، والآخرة… إلخ، وهذا ما زاد الطين بلة فـأين نصيبنا من الدنيا؟ وأين نحن من (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، ومن الكتب القيمة، كمؤلفات محمد الغزالي، وفكر مالك بن نبي، وعبد الوهاب المسيري، ومحمد أركون وغيرهم من المفكرين العظماء، ومن الكتب العلمية التي تتحدث عن الكون والفلك، والأحياء؟
لا ألقي اللوم على المواطن العادي، فهو يركض وراء لقمة العيش، ويتطلع فقط إلى حياة كريمة، بل ألوم الحكومات، والأنظمة الفاسدة، التي جهلت شعوبها، واستحمرتها مثلما ذكر الدكتور علي شريعتي في "كتابه النباهة والاستحمار" بأن الاستحمار نوعان: مباشر وغير مباشر، الأول بالجهل والغفلة، وسوق الأذهان إلى الظلال والانحراف، والثاني بإلهاء الأذهان وإشغالها بالحقوق الجزئية البسيطة اللافورية لتنشغل عن المطالبة أو التفكير بالحقوق الأساسية والحياتية الكبيرة الفورية.
فلا سبيل إذن لتحررنا كمجتمعات عربية سوى بأن نبدأ بتحطيم سلاسل الجهل التي كبلونا بها، أن نبدد ظلامه ونزيل غشاوته كي تتضح الرؤية قليلا، بعد ذلك يمكننا أن ندرس للخطوة التالية من أجل بناء مجتمع حضاري يحتوي الكل.
صديقي إن لم تقرأ كل يوم كتابا جيدا، فأنت في الحقيقة لا تقرأ!