شعار قسم مدونات

تعلم الدين في سبعة أيام

Blogs-Alazhar mosque
مشكلة التعليم الديني من بين المشكلات التي يشكوها المسلم اليوم، خصوصاً وأن المناهج التعليمية المتبناة في بلدان العالم الإسلامي غالبيتها مناهج علمانية بحتة، لا تولي الدين أي قيمة، بناء على أسلوبها القائم على فصل الدين عن الدولة. وعلى الفوبيا العلمانية تجاه الدين، وهذا ما يفسر سر الانتشار الواسع للجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة لدى السواد الأعظم من المسلمين شيباً وشباناً، كما يبرز أسباب الإلحاد والانسلاخ عن كل ما له بالدين أدنى صلة.

    

إن الأمة الاسلامية كغيرها من الأمم تمتاز بخصال وخصائص تنسجم مع ثقافتها وفكرها غير أن هذه الخصال بدأت بالتلاشي مع الهيمنة الغربية التي استولت على كل الحصون والمعاقل المتجذرة في الأعماق، نظراً لامتلاكها أسلحة التأثير على الشعوب وتمرير رسائلها إلى الرأي العام، والتي من نتائجها شيوع الكتب ذات النزعة الترفيهية فقط مع العلم أن هناك ثغرات تشكوها الأمة وليس لها من يهتم بها من شبابنا. فهل ترانا نصل إلى مرحلة انتشار كتب مفادها تعليم الدين في سبعة أيام؟ كتلك المنتشرة في الشوارع والمكتبات مستغلة جهل الجاهلين، وغفلة الغافلين واعدة إياهم بتعليم اللغات في ظروف قصيرة غير معقولة!

   

إن العالم الإسلامي في حاجة ماسة إلى تعليم قوي يجمع بين تراث أصيل خال من شوائب الخرافة والتطرف، وبين علم راسخ يوصل الناس للحقيقة التي ينشدون

قد يبدو الأمر مبالغاً فيه، ولكن بالنظر إلى المجال التداولي العربي اليوم يتبين حجم الكارثة، شبان حاصلون على مراكز عليا في مختلف الفنون، لكن إذا تعلق الأمر بالدين تجدهم يتذرعون بذرائع تافهة يحتمون بها من اللوم الذي قد يتعرضون له بسبب جهلهم المطبق بالدين والتاريخ والتراث عموما.غير أن الذي لا ينبغي لنا أن نقوم به هو الاستمرار في توجيه اللوم لهؤلاء الشباب لأنهم لا يتحملون مسؤولية ما هم عليه من جهل بالدين نظراً لاعتبارات معينة، على رأسها هشاشة التعليم، وضعف المؤسسات التعليمية العربية التي تعتبر مخترقة من قبل تيارات أيدولوجية لها منافعها وأغراضها.

    

وقولنا هذا لا يصل إلى حد الاستسلام لنظرية المؤامرة ولكن الأمر بين واضح، لو لم يكن له من حجة سوى ما انتشر أيام الثورة المصرية من تلقي زوجة حسني مبارك ملايير الدولارات لأجل تزييف المناهج التعليمية ودس أفكار تطبع مع الاحتلال وتزور حقائق ثابتة لغرض التشكيك في ثوابت الأمة.

      

هناك مؤسسات دينية في العالم الإسلامي تعمل على تدريس الدين وعلومه بالإضافة إلى تدريس علوم حديثة تساهم في تنمية القدرات وفتح آفاق جديدة تبصر المسلم الناشئ بما يقع عليه من واجبات، لكن الأمر لا يعدو أن يكون تضييعا للطاقات وهدراً للموارد، وتدريس مواد ولى زمانها وانقضى حيث معظم المتخرجين من هذه المؤسسات يعيشون زماناً غير زمانهم وواقعاً غير واقعهم، فما إن تستفتي واحداً منهم حتى تجده يستظهر عليك سيلاً من الفتاوى والأحكام التي قيلت في زمان غير زماننا وواقع غير واقعنا، فتصاب بالدهشة والحيرة لما تجده من تناقض بين واقعك وما ألقي إليك من أجوبة متجاوزة.

    

إن العالم الإسلامي في حاجة ماسة إلى تعليم قوي يجمع بين تراث أصيل خال من شوائب الخرافة والتطرف، وبين علم راسخ يوصل الناس للحقيقة التي ينشدون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.