من ينشرون النفايات الفكرية يلوثون سمعنا، أفكارنا، منصاتنا ومجتمعنا بسمومهم. هذه النفايات الفكرية هي أشد خطراً على المجتمع من النفايات الموجودة في الشوارع. |
وهذه المراشقات لا تنحصر في نطاقٍ واحد. أبسط مثالٍ على ذلك هي المواضيع التي تنشرها الصحف الإلكترونية كافة؛ كمقال قتل رجلٍ لزوجته. أصحاب النفايات الفكرية سيتهافتون على هذه المواضيع. ذاك يبدأ بشتم النساء بقوله إن الرجل يحق له قتل زوجته، وتلك ستجزم أن كل رجال العالم لا يملكون الوفاء لنسائهم.. هم لا يكترثون لحساسية الموقف ولا ينشرون الوعي حول هذه القضية، بل يسارعون لنشر الكراهية تحت هذه المقالات. هم بكل بساطة بإمكانهم تحويل أي مقالٍ إلى ساحة معركة.
وهؤلاء الأشخاص موجودون حتى في حياتنا اليومية، في الجامعة والعمل، على الأزقة وفي الشوارع. هم أول الواصلين إلى الجلسات، وغالباً ما يجلسون في الوسط، لا يصغون إلى الأحاديث بل هم منمطين؛ لا يقبلون وجهات النظر المختلفة ومتشبثين بآرائهم. يحضِّرون طبخةً من أسوأ العبارات والأفكار البالية ثم يسكبونها في هذه الجلسات دون الحاجة، باعتقادهم، إلى الاستماع لمجريات الحديث. وأخيرا ينهون كلامهم بالتهكم على الآخرين الذين يختلفون عنهم في وجهات النظر.
للأسف لا يمكن الحد من هؤلاء البشر، هم موجودون في كل مكان، وقد ازداد عددهم مع الانتشار الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي، حتى باتوا ينشؤون حساباتٍ وهمية تحت اسم "كارهي الممثل/الفنان/السياسي الفلاني". تبقى مواجهتهم محصورة بالضغط على زر الحظر حتى ترتاح من مضايقتهم، على أمل أن نجد وسيلةً أخرى للتخلص من نفاياتهم الى الأبد. فهم يلوثون سمعنا، أفكارنا، منصاتنا ومجتمعنا بسمومهم. وصحيحٌ ما يقال إن النفايات الفكرية هي أشد خطراً على المجتمع من النفايات الموجودة في الشوارع.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.