شعار قسم مدونات

السياسة في المزاد العلني!

Somalia's newly elected President Mohamed Abdullahi Farmaajo and his wife Zeinab Abdi applaud during his inauguration ceremony in Somalia's capital Mogadishu, February 22, 2017. REUTERS/Feisal Omar
وجدت السياسة طريقها إلى المزاد العلني كغيرها من السلع الأخرى التي تباع وتشترى في المزادات العلنية. حيث أصبحت كثير من الدول تعرض مواقفها السياسية للبيع في المزادات العلنية التي أقامتها الدول الخليجية التي فرضت الحصار غير القانوني على دولة قطر لمن يدفع لها الدراهم والريالات بسخاء وبدون حساب. 
فإذا كانت المواقف السياسية للدول تتخذ سابقا وفقا للمصلحة الوطنية والمبادئ السياسية وطبقا لاستيراتيجيات وأهداف ورؤيا وأيديولوجيات مشتركة، فإن العامل المادي قد تفوق على تلك العوامل والمرجعيات الخاصة باتخاذ القرار السياسي الذي يؤيد الجهة التي تشتري ذمم وضمائر هذه الدول بالدراهم والريالات ضد دولة قطر المستهدفة من قبل تلك الدول الخليجية، لا لشيء آخر سوى أنها رمز للحرية والكرامة وأنها تدعم قضايا الشعوب العربية والإسلامية وتنمي الوعي السياسي لدى المواطن العربي، تلك الأمور التي تعاديها هذه الدول الخليجية ليطول أمد استعبادها لشعوبها لانعدام وعيها السياسي وتخدر رعاياها بوجوب طاعة ولي الأمر.

المال السياسي الذي اعتادته الدول الخليجية لشراء ذمم وضمائر بعض حكام العرب قد يغري ضعاف النفوس والسماسرة المتاجرين بقضية أوطاننا لمحاصرة دولة قطر التي أصبحت قضيتها وهاجسها الوحيد

وقد أضحى الصومال الذي أنهكته الحروب والمجاعات ميدانا واسعا لإقامة هذه المزادات العلنية لشراء المواقف السياسية المؤيدة لها في أزمتها المفتعلة ضد دولة قطر. فعندما اتخذت الحكومة الصومالية الفيدرالية التي يقود زمامها الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو موقفا حياديا ومشرفا تجاه تلك الأزمة المفتعلة قد قامت هذه الدول الخليجية برشوة رؤساء الأقاليم الفيدرالية بالصومال كرئيس إدارة أرض الصومال أحمد محمد محمود سيلانيو ورئيس إقليم بونتلاند عبدالولي محمد علي جاس ورئيس إقليم محافظات الجنوب الغربي شريف حسن شيخ آدم ورئيس إقليم جلمدج أحمد دعاله جيله حاف، ورئيس إقليم هير شبيلي المقال عبدالله علي عسوبله بالمال السياسي القذر، وبالفعل قد أعلنوا تباعا عن تأييدهم ووقوفهم إلى جانبها ومحاصرة دولة قطر، ولم تكتف بهذا الحد بل هددت الرئيس الصومالي بإسقاط حكومته بذلك المال السياسي، إن لم يتراجع عن موقفه الحيادي تجاه هذه الأزمة ويعلن تأييده للسعودية والإمارات إزاء تلك القضية.

ويبدو أنها نجحت في هذا الأمر كما تذكر الأنباء الواردة من مدينة مقديشو. فبدل أن تساهم السعودية والإمارات ومن يدور في فلكهما في إعمار الصومال الذي تذمر بالحروب الأهلية وتهب لإغاثة متضرري المجاعة فيه، تقيم على أنقاضه وفوق هياكل أطفاله الجوعى حراجات لشراء المواقف السياسية المؤيدة لهما في هذا البلد المنكوب.

وبطبيعة الحال فإن ذلك المال السياسي الذي اعتادته هذه الدول الخليجية لشراء ذمم وضمائر بعض حكام العرب قد يغري ضعاف النفوس والسماسرة المتاجرين بقضية أوطاننا لاتخاذ مثل تلك المواقف المطلوبة منهم لمحاصرة دولة قطر التي أصبحت قضيتها الأولى وهاجسها الوحيد، في حين كنا نرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عبر الوسائل الإعلامية يقابل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقابلة ذوي القربى والرحم. وبكل الود والمحبة وهو الذي قطع بالأمس القريب صلة الرحم التي أوصانا الله بها أن نوصلها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.