الجواب ببساطة أن أصوله يهودية، فاسمه أبراهام اسم يهودي بامتياز، لا يسمي النصارى أبناءهم هذا الاسم، وتذكر الروايات اليهودية أنه تمت تسمية لينكولن باسم جده أبراهام، وأن جده الثالث كان اسمه مردخاي، وأن اسم عائلته (لينكولن) على اسم البلدة البريطانية التي هاجر منها أجداده اليهود الذين كانوا يقطنون فيها. فهو يهودي الأصل، وعندما وصل جده إلى أمريكا تظاهر أنه مسيحي. وتبقى مسألة تحول العائلة إلى المسيحية مسألة غامضة، هل فعلا تحولوا أم ظلوا على يهوديتهم، لا نجزم بهذا ولا بذاك، ولكن ما نجزم به أن لينكولن لم يكن مسيحيا متدينا، وعلاقته طيبة بل ممتازة مع اليهود.
فـي كندا تـمَّ تـحرير العبيد عام 1834م. وتبعت كندا ولايات الشمال الأمريكي. فالقضية أكبر من شخص واحد أراد تـحرير العبيد، بل هي قضية عالـمية، فقد أخذت الدول الغربية تتسابق في تـحرير العبيد |
يقول الـمؤرخ مايكل أورين في كتابه القوة والإيمان والخيال أمريكا في الشرق الأوسط منذ عام 1776 حتى اليوم: ".. وفي اجتماع مع أبراهام لينكولن عام 1863م، اعترض رجل الكنيسة القيادي هنري ونتورث مونك على واقع اليهود.. وقال: لا يـمكن أن يكون سلام دائم في العالـم إلا إذا كفَّـرت الدول الـمتحضرة عن ألفي سنة من اضطهاد اليهود، وذلك عن طريق إعادتهم إلى وطنهم القومي في فلسطين". ومع أنه لم يعرف عن الرئيس لنكولن أبداً أنه كان متديناً، فإنه وافق على الفور، وقال: "إعادة اليهود إلى وطنهم القومي في فلسطين حلم نبيل يشترك فيه كثير من الأمريكيين"، وأضاف: "عندما نفوز في الـحرب، سيتمكن الأمريكيون مرة أخرى من رؤية الرؤيا وحلم الأحلام، وقيادة العالـم لتحقيقها. أشارت ملحوظات لنكولن إلى مدى جاذبية فكرة إعادة اليهود إلى وطنهم لقطاع عريض من الأمريكيين، واستمرت فلسطين بدرجة كبيرة هوساً قومياً..".
ويذكر رابي إسحق صاحب كتاب "صلاة الاتحاد" ومؤسس "كلية الاتحاد العبرية"، أنهم أقاموا قداساً للرئيس لينكولن قال فيه: إن لينكولن كان يعتبر نفسه عظماً من عظمنا ولحماً من لحمنا. كان يعتبر نفسه سليل النسب العبري. ويذكر إسحق أن لينكولن قال هذا الكلام في حضوره، وأن لينكولن حافظ على العديد من ملامح السلالة العبرية في وجهه وشخصيته. ومما سبق نعلم سر اهتمام اليهود بأبراهام لينكولن وتلميع صورته، على اعتبار أنه محرر للعبيد، وهذه كذبة كبيرة صدقها أغلب الناس، وهي ما دفعت الترباني لاعتبار لينكولن عظيماً من عظماء أمة الإسلام! فما هي قصة تحرير العبيد.
قصة تـحرير العبيد حسبما ترويها مصادر كثيرة مثل (كتاب تجارة الرق والرقيق للكاتب جون هنريك كلاك. وكتاب الجرائم الدولية وسلطة العقاب للكاتب عبد الواحد محمد القار) هي أن بدايتها كانت قبل ولادة لينكولن، فقد قامت بعض الدول الأوروبية بإلغاء الرق، وبعضها منعت بيع الرقيق وشرائهم، فقد منعت الدنـمارك عام 1792م الرق على أراضيها وحررت جـميع العبيد، وفي عام 1814م اجتمعت الدول الأوروبية في مؤتـمر فيينا وقرروا منع الاتجار بالعبيد. وفـي أمريكا تعالت الأصوات الداعية لتحرير العبيد، فعقدت معاهدة بين عدة ولايات أمريكية اسـمها (تسوية ميسوري) تقضي بتحرير العبيد.
وفـي كندا تـمَّ تـحرير العبيد عام 1834م. وتبعت كندا ولايات الشمال الأمريكي. فالقضية هي قضية أكبر من شخص واحد أراد تـحرير العبيد، بل هي قضية عالـمية، فقد أخذت الدول الغربية تتسابق في تـحرير العبيد. والولايات المتحدة الأمريكية متأخرة جدا في هذا الموضوع، واستخدمه لينكولن لأغراض سياسية بحته، فقد حفظت المصادر الموجودة في مكتبة الكونجرس الأمريكي كثيرا من خطاباته التي قال في إحداها: (إن كان بإمكاني إنقاذ الاتحاد بلا تحرير أي عبد فسأفعلها، وإن كان بإمكاني إنقاذه بتحرير كل العبيد فسأفعلها).
وفي 23 سبتمبر 1862م، جرت معركة (وود ليك) حيث سَحق الـجيش هنود الداكوتا تماماً، واستسلم ما بقي من مـحاربـي الـهنود بعد الـمعركة، وتعرضوا لـمحاكمات عسكرية هـزلية |
فمن خلال هذا النص المقتبس من خطاب لينكولن أمام الكونجرس يتبين لنا أن ورقة تحرير العبيد استخدمها للضغط على الولايات الجنوبية المعتمدة على الزراعة بشكل أساسي، ويعتبر العبيد عماد الاقتصاد فيها، أما الولايات الشمالية فتعتمد على الصناعة والآلات، فالعبيد هم عبء على أسيادهم، ولا حاجة للعبيد في مجتمع صناعي، وهذه الورقة الرابحة هي التي ساهمت بشكل كبير في انتصار الشمال على الجنوب، فموضوع تحرير العبيد هو موضوع سياسي عسكري بامتياز، أما نظرة لينكولن إلى العبيد فهي نظرة احتقار وازدراء، فيقول في إحدى خطاباته أمام الكونجرس:
(سأقول، فإنني لم ولن أكون في جانب إحداث مساواة اجتماعية وسياسية بأي شكل بين العرقين الأبيض والأسود وأنا لم ولن أكون أبداً في جانب جعل الناخبين أو أعضاء هيئة المحلفين من الزنوج، ولا تأهيلهم لمسك المكاتب ولا لتزويجهم بالبيض، وسأقول بالإضافة لهذا إن هناك فرقا جسديا بين العرق الأبيض والعرق الأسود والذي أؤمن أن بسببه سيمنع إلى الأبد الحياة المشتركة بين العرقين من نواحي المساواة الاجتماعية والسياسية وأنا وكأي رجل آخر أفضل أن يكون منصب الرئاسة بيد العرق الأبيض).
هل يصدر هذا الكلام من نبي للحرية أم من شيطان عنصري؟ وهل وقف الأمر عند لينكولن عند احتقار العرق الأسود، واعتباره أقل درجة من العرق الأبيض؟ الجواب نقرأه في علاقته مع الهنود الحمر؛ فلينكولن كان عنصريا حاقدا على الهنود الحمر، وفي شبابه قاد عصابة في حرب بلاك هوك ضد الهنود الحمر، وعندما أصبح رئيسا كان يعتقد بوجوب القضاء عليهم والتوسع غربا على حساب أراضيهم.
وفي عام 1862م استطاع الـجيش الأمريكي أن يخضع كل قبائل الداكوتا بالقوة، وقبض على ألف من الـمحاربين، وأُعدم 38 منهم بإمضاء لينكولن نفسه، ففي يوم واحد تمت أكبر عملية إعدام في التاريخ الأمريكي وطُرد هنود الداكوتا من أراضي أجدادهم في مينيسوتا إلى نبراسكا وداكوتا الـجنوبية.
وفي 23 سبتمبر 1862م، جرت معركة (وود ليك) حيث سَحق الـجيش هنود الداكوتا تماماً، واستسلم ما بقي من مـحاربـي الـهنود بعد الـمعركة، وتعرضوا لـمحاكمات عسكرية هـزلية، ثـمَّ حُكم على مئات منهم بالإعدام، وسُجن بقية الـهنود (رجالا ونساءً وأطفالاً) لـمدة خـمس سنوات، مات خلالها ثلثهم في الـحبس من الأمراض المعدية كالجدري، ومن بقي طُرد إلى نبراسكا.
وهناك العديد من الـمذابح التي يطول الحديث عنها، مثل مذبـحة (ساند كريك) التي حدثت في 29 نوفمبر عام 1864م، وراح ضحيتها 800شخص من قبائل (الشايان) و(الأراباهو)، وتـمَّ التمثيلُ بـجثث القتلى، وسلخ فروات رؤوسهم للحصول على المكافأة المالية (25 دولار لكل فروة هندي أحمر) التي منحتها حكومة أبراهام لينكولن مـحرر العبيد ونبي الـحرية وأحد عظماء أمة الإسلام!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.