أَلْقَيْتِ عَنِّي شِــــقْوَةَ الـمُـتَصَـابِي
وَجُـــنُونَ أَحْلامِي وَنَارَ عَذَابِي
وَقَتَلْتِنِي مِـــــنْ نَظْرَتَـيْـنِ وَفِيْهِمَا
أَدْرَكْـــتُ كَيْفَ أَذُوبُ في أَثْوَابِي
فَـتَـرَكْتُ أَمْرِي في هَــــوَاكِ يَهُزُّنِي
لِـيُـحَـقِّـقَ الـمَأْمُولَ مِنْ آَرَابِي
وَمَضَـــيْتُ أَلْـمَحُ في عُيونِكِ هَدْأَتِي
مِـــنْ خَافِقَاتِ فُؤَادِيَ الـمُرْتَابِ
فَلَقَدْ قَطَعْتُ الدَّهْـــــــرَ بَيْنَ تَعِلَّةٍ
وَتَرَدُّدٍ، وَمَشَيْتُ خَلْفَ سَــرَابِ
وَرَمَيْتُ عُــــمْري بَـيْـنَ أَزْهَارِ الـمُنَى
تَعِبَاً، وَمَا أَدْرَكْتُ فِيهِ طِـــلابِي
فَإِذَا أَنَا فَوْقَ الـمُحيطِ أَمُــــــدُّهَا
كَفِّي، وَأُخْرِجُهَا بِدُونِ شَــرَابِ
فَمَتَى سَــــــأُلْقِي عَنْ حَيَاتِي ثِقْلَهَا
أَوْ أَسْـــتَـرِيحُ وَتَنْتَهِي أَوْصَابِي؟!
**********
يَا طَــاهِرَاتِ الذَّيْلِ لي بَـيْـنَ الـهَوَى
أَمْرَانِ: ذَنْبُ قَصَــائِدِي، وَمَتَابِي
فَإِذَا حَـمَلْتُ ذُنُوبَ شِـــعْرِي جَـمَّةً
فَلَقَدْ أُعَــــدِّدُ في الذُّنُوبِ ثَوَابِي
وَغَمَسْــــتُ في جَـمَرَاتِكُنَّ خَوَافِقِي
فَرَجَعْتُ مُـبْـتَـرِدَاً بِـمَاءِ مَلابِ
فَإِذَا الْتَهَبْتُ فَـــزِعْتُ أُطْفِئُ لَوْعَـتِـي
وَجَعَلْتُهَا سَــــبَبَاً مِنَ الأَسْبَابِ
قَالُوا حِـــجَابُكِ لَيْسَ فِيهِ فِـتْـنَـتِـي
وَمَتَى فُتِنْتُ بِـغَـيْـرِ ذَاتِ حِجَابِ؟!
قَالُوا: النِّقَابُ؟ فَقُلْتُ أَيُّ مَـــــلائِكٍ
نَزَلَتْ بِأَجْـمَلَ مِــنْ ذَوَاتِ نِقَابِ؟!
**********
مَرَّتْ فَحَيَّتْنِي، فَقُلْتُ وَقَدْ مَضَـــــتْ
يَا طِيْبَ مَـــا حَيَّتْ فَأَحْيَتْ مَا بِي
وَرَأَيْتُ كَمْ قَطَرَ الـهَوَى مِنْ مَبْسَــــمٍ
يَا طِيبَ ذَاكَ الـمَبْسَـمِ الـجَذَّابِ
وَرَأَيْتُ كَــــمْ يَبْكِي الـهَوَى لِـهَوِيِّهَا
مِثْلِي، وَكَمْ يَهْفُو إِلى الأَعْــتَابِ
وَلَـمَسْتُ أَقْسَـــى كِـبْـرِيَاءِ عَفَافِهَا
فَوَجَدْتُهُ قَــــدْ زَادَ مِنْ إِعْجَابِي
وَمَلأْتُ صَدْرِي ــ زَاعِمَاً ــ مِنْ رِيْحِهَا
حَتَّى تَـحَسَّــدَهَا النَّسِيْمُ السَّابِي
وَلَـهَا صَـــــبَاحٌ لَوْ يَغِيْبُ صَبَاحُنَا
لأَظَلَّنَا نُورَاً كَأَلْفِ شِـــــهَابِ
**********
وَلَـهَا " كَيُوسُفَ " عَرْشُ حُسْــنٍ سَافِرٍ
سَجَدَتْ لَهُ الأَنْوَارُ في الـمِـحْرَابِ
وَلَقَدْ أَمُـــــوتُ وَلا أَرَى كَعُيُونِهَا
أَلَقَاً يُعِيْدُ إِليَّ زَهْوَ شَــــــبَابِي
وَلَقَدْ أَمُـــــوتُ وَلَيْسَ بَعْدِي شَاعِرٌ
يَأْتِي فَيَذْرُو السِّــحْرَ في الأَهْدَابِ
لَوْ لَـمْ تَبِعْ لي نَظْرَةً لَشَـــــــرَيْتُهَا
بِعَوَاطِفِي وَمَشَـــاعِرِي وَكِتَابِي
وَلَقَدْ تَغُضُّ الطَّــــرْفَ عَـنِّـي عِفَّةً
وَأَغُضُّـــــهُ دَفْعَاً لِكُلِّ رِغَابِ
حَتَّى إِذَا شَـــــــاحَتْ بِوَجْهٍ رَائِعٍ
عَنِّي، وَقَدْ شَـــاءَتْ بِذَا إِتْعَابِي
رَجَــــــعَتْ تَـجُرُّ فُؤَادَهَا مَنْهُوكَةً
فَأَرَاحَتِ "الـمِسْكِينَ" بَيْنَ رِحَابِي
وَأَنَا الذي مَا زِلْتُ أَرْجُــــــفُ كُلَّمَا
خَطَرَتْ إِليَّ كَجَدْوَلٍ مُنْسَـــابِ
تَدْرِي بِأَشْـــــــوَاقِي فَتُلْهِبُ أَضْلُعِي
وَتُـمَزِّقُ الـمَذْبُوحَ مِـنْ أَعْصَابِي
يَا أَنْتِ لَسْـــــــتُ أَقَلَّ مِنْكِ صَبَابَةً
فَـتَـرَفَّـقِـي بِـمَشَاعِرِ الأَحْبَابِ
قَدَّسْــــــــتُ سِرَّكِ مِثْلَمَا قَدَّسْتِهِ
فَلَقَدْ كَتَمْتُ السِّــرَّ عَنْ أَصْحَابِي
قَسَمَاً بِنُورِكِ وَهْوَ مِشْــــــكَاةُ الهَوَى
قُبِسَـــتْ سَنَاهَا مِنْ سَنَا الوَهَّابِ
أَنَّ الذي في القَلْبِ نـَـــــار مَــحَبَّةٍ
وَلَقَدْ تَـمُورُ النَّارُ مِثْلَ عُـــبَابِ
فَإِلَيْكِ عَـنِّـي شَــــــاعِرٌ وَقَفَتْ لَهُ
كُلُّ الـمَلائِكِ مَــــالِئَاتٌ بَابِي
يَسْأَلْـنَـنِـي سِــــــرَّ التي أَحْبَبْتُهَا
وَمَتَى كَشَفْتُ السِّـــرَّ لِلأَغْرَابِ؟!
وَيَقُلْنَ يَا هَـــــذَا بَلَغْتَ بِنَا الـمَدَى
عَبَثَاً وَشِـــعْرُكَ غَامِضٌ كَضَبَابِ
فَاتْرُكْ قَصِــــيْدَكَ لا تَزِدْنَا حَـيْـرَةً
أَوْ فَابْعَثِ الأَبْيَاتَ بَرْدَ جَـــوَابِ
**********
يَا مَـــــنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِي لَـمْ أَزَلْ
أَشْـكُو إِلَيْكِ، كَمَا شَكَوْتِ غِيَابِي
غَنَّيْتُ فِيْكِ قَصَائِدِي، وَسَـــكَبْتُهَا
فَمَلأْتُ سَـــمْعَ الكَوْنِ بِالإِطْرَابِ
يـَـــا حُلْوَتِي غَلَبَ الـهَوَى فَأَطَعْتُهُ
وَتَرَكْتُ أَمْـــرِي لِلْهَوَى الغَلاَّبِ
فَإِذَا وَجَدْتِ الشَّـــوْقَ فَاضَ فَرَدِّدِي
أَبْيَاتَ شِــعْرِي، وَانْفَحِي أَطْيَابِي
تَـجِدِي دِمَــــــائِي بَيْنَهَا نَزَّافَةً
رَيـَّـــانَةً بِـجَمَالِكِ الـخَلاَّبِ
أَخْلَصْــتُهَا لَكِ فَاكْتُـبِـي بِـحُرُوفِهَا
يَا شَـــاعِرِي، يَا أَيُّهَا الـمُتَغَابِي