قرأت منذ فترة عن أحد رجال الأعمال، والذي قرر تربية أبناءه على أن المهم ليس تحقيق مراكز أولى في التعليم، ولكن المهم هو الاستفادة من التعليم، بجانب أن يدعم الأبناء قدراتهم ومواهبهم بممارسات أخرى مع الدراسة. بالطبع هذا ليس منهجًا يمكن الاعتماد عليه، لكن الفكرة الرئيسية بالنسبة لي هنا، هي التفكير في الشيء الأهم في المسألة كلها: أنت.
محاولتك الدائمة إلى التميز تخلق منك الشخص الذي تريده، أما الأفضلية فأرى أنها تخلق نسخًا متشابهة من الأفراد |
وأنا حينما أقول "أنت" فإنني أقصدك إن كنت تتعرض للمقارنة، وأقصد أي شخص يجد نفسه معرّضًا لهذه المواقف من مجتمعه. في الواقع، أعتقد أن مسألة الأفضلية على من حولنا، ليست هي الخيار الصائب على الإطلاق، وإنما الأهم أن نحاول دائمًا صناعة التميز الخاص بنا.
المقارنة في كثير من الأحيان تؤدي إلى الكراهية، فأنت قد تكره منافسك، لا سيما مع العبارات التي يُرددها من حولك، وإصرارهم على مقارنتك به، بشكل قد يشعرك بالعجز، وتجد نفسك تندفع ناحية الكراهية. في حين أن التميز يجعل المحور الرئيسي في الموضوع هو الشخص، فتسعى لتعلم ما يفيدك أنت، وتسعى إلى النتائج التي تمثل أهمية بالنسبة لك. فنحن نختلف فيما بيننا بالتأكيد، ولكل منّا دوافعه ورغباته التي يسعى إليها. وبالتالي قدرتك على تنفيذ هذه الرغبات، سوف يخلق منك شخصًا تحبه، وتسعى إلى وجوده في داخلك دائمًا.
أظن أن الأفضلية في النهاية قد لا تعني شيئًا على الإطلاق، المهم هو أن تتعلم شيئًا جديدًا، تنفذ هدفًا تحلم به في حياتك. شعورك بأنك تبحث عن التميز لنفسك، بعيدًا عمّا يفعله الآخرون من حولك، سيجعلك كذلك تتمنى لهم الخير، بل وقد تساعدهم على تنفيذ ما يريدونه في حياتهم، لإنه ببساطة لم تعد هناك أي مشكلة بينكم، بل على العكس جزء من تميزك يكمن في مساعدتك لهم. حتى في العلاقات الشخصية، كل شخص يريد أن يكون هو الأقرب لمن حوله، رغم أن كل واحد يشغل مكانة مختلفة عن الآخر، وبالتالي فمن المفترض أن يكون سعي الشخص لأن يكون لديه مكانة متميزة لدى هؤلاء، بعيدًا عن منطق الأفضلية.
محاولتك الدائمة إلى التميز تخلق منك الشخص الذي تريده، أما الأفضلية فأرى أنها تخلق نسخًا متشابهة من الأفراد. والقليل من المنافسة لا يضر أبدًا، لكنها ليست هي محور كل شيء، فالمحور الحقيقي كما ذكرنا هو أنت يا صديقي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.